![](https://ajwaapress.com/wp-content/uploads/2025/02/download-86.jpeg)
إبداع لبناني في معرض عالمي… مشروع مبتكر لمواجهة الإحتباس الحراري
تستمر الطاقات اللبنانية بتحقيق الإنجازات في الخارج، وهذه المرّة من المدرسة اللبنانية في كينشاسا في جمهورية الكونغو الديموقراطية، حيث فاز فريق “تيرا فيفا” في أوائل شهر كانون الثاني المنصرم، بالميدالية الفضية عن مشروع “حماية النظام البيئي”، في المعرض العالمي للإختراعات والابتكارات الشبابية (GYIIF) والذي تنظمه رابطة العلماء الشباب الأندونيسيين (IYSA).
المدرسة أشارت في بيانها، الى أنه “رغم المعاناة الطويلة التي عاشها لبنان بسبب الحروب والويلات، أثبت شبابه أنّ العلم والإبداع هما الطريق نحو المستقبل”، لافتة الى أنّ “فريق “تيرا فيفا” استطاع أن يترك بصمته في الساحة العالمية، من خلال مشروعه الرائد “حماية النظام البيئي”، باشراف الاستاذ ماهر عثمان والمعلمة ندى بري، اللذين قدما الدعم والتوجيه العلمي لتحقيق هذا الانجاز”.
المخترع والباحث الفيزيائي ورئيس قسم الأنشطة العلمية في المدرسة اللبنانية في كنشاسا، والمشرف على المشروع، ماهر عثمان أشار لـ “الديار” إلى أنّ الفوز بالميدالية الفضية في مسابقة علمية دولية، يمثل تتويجًا لجهود الفريق وعمله الدؤوب على مدى الأشهر الماضية، واعتراف بقيمة الإبتكار الذي نقدّمه من خلال مشروعنا البحثي والتطبيقي، مشيدا بجهود أعضاء الفريق وهم الطالبات: نور الزين، تالا دهيني وحنين المقداد، وشاكرا مدير المدرسة الدكتور عبد الامير حلاوي، والمعلمة ندى برّي.
أهمية المعرض
بلغ عدد الدول المشاركة في المعرض العالمي للإختراعات والابتكارات الشبابية (GYIIF) 14 دولة من بينها تركيا، الفليبين، بلجيكا، لبنان، رومانيا، كوريا، وبلغ عدد المشاريع المقدّمة حوالي 155 مشروعا، ما يعكس برأي عثمان حجم المشاركة العالمية وأهمية المعرض، الذي يسعى إلى تمكين الشباب علميا وابتكاريا، ليكونوا جزءا من الحلول للتحديات العالمية المستقبلية، وذلك من خلال تشجيع الابتكار والإبداع العلمي، وتعزيز التفكير النقدي والبحثي بينهم، وتوفير منصة عالمية للمخترعين لعرض مشاريعهم أمام خبراء ومؤسسات علمية، وتعزيز التعاون والتبادل المعرفي والثقافي بين المشاركين من مختلف الدول، وتحفيز البحث عن حلول علمية وتقنية للتحديات العالمية، مثل التغير المناخي، التلوث والصحة العامة، وتوفير فرص أكاديمية ومهنية ومنح دراسية للفائزين…وأمور أخرى.
المشروع الفائز
يحمل المشروع الفائز إسم “نظام الحماية البيئي- Eco-System Protection project” وشرح عثمان، أنّ الفكرة الأساسية للمشروع تتمحور حول تطوير نظام فلترة ذكي، يستخدم تقنيات متقدمة لرصد وتحليل الملوثات البيئية، واتخاذ إجراءات وقائية تلقائية، وأنّ ما يميّزه هو تكامله بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات الإستشعار الحديثة والفلترة المتلاحقة بقسميها الكيميائي والفيزيائي، مما يتيح استجابة سريعة وفعالة لحماية البيئة.
ويتكون المشروع، يضيف عثمان، من نظام مبتكر لتنقية الهواء يعمل على تقليل انبعاثات الغازات الضارة، مثل غازأول أكسيد الكربون (CO) وغاز ثاني أكسيد الكربون (CO₂) والغازات الأُخرى السامة، الناتجة عن عوادم السيارات ومولدات الكهرباء التي تعمل على الديزل، وحرائق النفايات المنزلية التي يتم حرقها بشكل عشوائي وخاصة في المناطق النائية والفقيرة.
وتبعا لعثمان، تكمن أهمية المشروع في قدرته على تحقيق النتائج التالية:
– تقليل التلوث الهوائي: يساهم في تحسين جودة الهواء، وبالتالي تحسين الصحة العامة عبر تقليل مستويات غازات ال CO و CO₂
– الحد من الاحتباس الحراري: يساعد في خفض انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.
المراقبة الذكية: بفضل تقنية Wi-Fi، يمكن تحليل البيانات البيئية لحظيا واتخاذ قرارات سريعة.
– الاستدامة البيئية: يعتمد على الطاقة الشمسية لتشغيل النظام، مما يقلل الحاجة إلى مصادر الطاقة التقليدية.
– إمكانية التطبيق العملي: يمكن دمج النظام في المركبات المتعددة الوظائف، المصانع، ومولدات الكهرباء للحد من التلوث الصناعي. كما يُمكن تركيبه بسهولة في المواقع التي يتم فيها حرق النفايات، مما يساعد في تقليل الانبعاثات الضارة، دون الحاجة لتعديلات كبيرة أو استثمارات ضخمة.
– تعزيز الاستدامة البيئية: يسهم المشروع في تقليل الاعتماد على أساليب الحرق التقليدية التي تُحدث تأثيرات بيئية سلبية، وخاصة في الدول النامية، فيوفر حلاً مستداما يتماشى مع أهداف الحفاظ على البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري، ويمثل حلاً عمليا وفعّالا للتعامل مع مشكلة حرق النفايات المنزلية في المناطق التي تفتقر إلى موارد متطورة، مما يُحد من الانبعاثات الضارة ويحسن جودة الهواء وصحة المجتمعات المحلية.
ويعتبر المشروع الفائز مبتكرا، كونه يجمع بين الحلول الكيميائية والميكانيكية والالكترونية الذكية من مشكلة بيئية عامة (الإحتباس الحراري)، ممكن أن تطيح بكوكب الأرض على المدى البعيد، وذلك من خلال معالجة الثغرة المعتمدة حاليا في الحد من تلوث الهواء الناتج عن الغازات السامة والضارة، مما يجعله نظاما شاملاً ومستداما، يسهم في تحقيق بيئة أنظف وصحة أفضل للمجتمعات المحلية وخاصة في المناطق النائية والفقيرة، على ما ذكر عثمان.
تحضيرات وتحديات وعروض
سبقت المشروع ورشة عمل وتحضيرات وجملة من التحدّيات، ووفق عثمان، تطلّب التحضير خمسة أشهر من الجهد والبحث العلمي والتجارب المتواصلة، لضمان كفاءة النظام ودقته، ومن أبرز التحديات كان تطوير نموذج أولي( PROTOTYPE) فعّال بموارد محدودة، وبصعوبة الوصول الى هذه الموارد في منطقتنا التي نسكن. إضافة إلى ضمان دقة البيانات والمُخرجات المطلوبة وتحليلها في الوقت الفعلي، وتكمن الفريق من تجاوز هذه التحديات.
كما أشار إلى أنّ “المشروع لفت اهتمام لجنة التحكيم والعديد من الخبراء والمستثمرين، وتلقينا بعض العروض لدعم المشروع وتطويره بشكل أكبر، وهذا يعطينا دافعا إضافيا للمضي قدما في تطبيقه على نطاق أوسع واستثماره بالطريقة الصحيحة”، معتبرا أنّ “الفوز بالميدالية الفضية في معرض أندونيسيا، مؤشر هام على جودة المشروع وتميّزه، رغم أنّ العرض الرئيسي للمشروع، تمّ في المعرض الافتراضي الدولي للاختراع والابتكار في تركياVIRTUALINN “.
وأضاف أنّ الفريق يخطّط لتطوير المشروع من خلال دمجه مع تقنيات أكثر تطورا، والعمل على تطبيقه في المصانع والمناطق الفقيرة، والسعي للمشاركة في مباريات أخرى لتعزيز فرص نشره وتطبيقه، كما تمّ التسجيل للمشاركة في مباراة العلوم التي سوف تجريها الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث في بيروت خلال شهر أيار القادم، داعيا الشباب اللبناني والعربي المهتم بالعلوم والابتكار، إلى عدم الخوف من التحدّيات والفشل لأنّه جزء من النجاح، والإستمرار في التعلّم ورصد كلّ جديد في عالم التكنولوجيا والتطبيقات الذكية.
إبتكارات
يذكر أنّ لعثمان إبتكارات كثيرة، حازت على ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية، وقد عمل في السنوات الاخيرة على ابتكار عدة نماذج علمية هادفة نال معظمها جوائز ذهبية منها جوائز عالمية، ومن اختراعاته: نظام التصدي عن أنظمة الرصد الحراري، Anti-touch system، 3- Anti-Virus Medical System – Super Nebulizer،Anti-Corona Suit، الخدعة الذكية، مشروع “هل يمكنك السيطرة”، نظام مكافحة السقوط “البيئي”، المكون السحري “البيئي”، ومشروع الطاقة الخضراء بأقسامه المتعددة، وبمشاركة طلاب المدرسة اللبنانية في كنشاسا، مشروع البدلة الذكية، جهاز منع التنصت. وهو يعمل حالياً على ابتكار جهاز لحفظ الأدوية في بيئة ملائمة Siber Saver بالتعاون مع المهندس محمد اسماعيل.
خلاصة القول… بين الحين والآخر، يرفع الشباب المبدع إسم لبنان عاليا في المحافل الدولية العلمية وسواها، على أمل أن تحتضن الدولة اللبنانية مثل هذه الطاقات بالدعم والتمويل، فبهذه الطاقات تنهض أمم أخرى هاجر شبابنا المبدعون إليها!