رغم التحذير الرسمي.. لماذا يتزايد اهتمام السعوديين بالعملات الرقمية؟

حل السعوديون في المرتبة الثالثة عربياً في عدد المستخدمين للعملات المشفرة، حيث تزايد الإقبال عليها في الآونة الأخيرة رغم التحذيرات الرسمية من مخاطرها.

وأكدت شركة «TripleA» المهتمة بالعملات المشفرة أن السعوديين يأتون في المرتبة الثالثة عربيا من حيث امتلاكهم للعملات المشفرة، حيث يمتلك 453 ألف مواطن سعودي هذا النوع من العملات الرقمية.

وبحسب صحيفة “المدينة” السعودية تأتي مصر في المرتبة في الأولى عربياً، وفيها أكبر عدد من مالكي العملات المشفرة بنحو 1.8 مليون شخص، ثم المغرب في المرتبة الثانية بـ 878 ألفاً.

تحذيرات رسمية

تحذر وزارة المالية السعودية من التعامل أو الاستثمار في العملات الافتراضية ومنها العملات المشفرة.

وبحسب بيان على موقعها الرسمي أكدت الوزارة أن هذه لا تُعدُّ عملات أو أصولاً معتمدة داخل المملكة ولكونها خارج نطاق المظلة الرقابية ولا يتم تداولها من خلال أشخاص مرخص لهم في المملكة، إضافة إلى ما تنطوي عليه كثير من تعاملاتها من احتيال وشبهة استخدامها في تعاملات مالية غير مشروعة ومحظورة نظاماً، ولما لها من مخاطر استثمارية عالية مرتبطة بالتذبذب العالي في أسعارها.

وتنوه الوزارة إلى ظهور عملات افتراضية تدعي علاقتها بتمويل مشاريع أو أنشطة أو الاستثمار بالمملكة، مؤكدة عدم صلتها بمثل هذه العملات، كما تؤكد أن أي استخدام لاسم العملة الوطنية أو أسم أو شعار المملكة من قِبل أي جهة للتسويق للعملات الافتراضية أو الرقمية سوف يكون عرضة للإجراءات القانونية من قبل الجهات المختصة بالمملكة.

وفي هذا السياق قال محلل أسواق الأسهم حمد العليان لصحيفة “الشرق الأوسط” إنه في الآونة الأخيرة، وكنتيجة أحد تداعيات كورونا برزت منصات تداول العملات، مستفيدة من الارتفاعات الجنونية التي حققتها بعض العملات التقليدية والرقمية التي جذبت الكثير من الأموال.

وأكد أن البنك المركزي السعودي، أمام تحد كبير فيما يتعلق بمستوى القدرة على وضع التشريعات التي تحصن الاقتصاد، ضد أي مخاطر محتملة من منصات العملات لا سيما الرقمية منها، فضلا عن الحفاظ على مستوى الأمان من أي عمليات قرصنة إلكترونية.

وأشار “العليان” إلى أن ترخيص شركات تداول العملات الرقمية والفوركس في السعودية يعد محظورا لما لتلك التعاملات من عواقب سلبية مختلفة على المتعاملين ومخاطر عالية كونها خارج نطاق المظلة الرقابية داخل المملكة.

مخاطر عالية

يقول فهد المبارك محافظ البنك المركزي السعودي “ساما”، إن العملات المشفرة الحالية تشكل خطورة بتعاملاتها المشبوهة وعدم وجود ضامن لها، مبيناً أن “ساما” يعمل على مشروع كبير يتعلق بالتقنيات المالية.

وحول العملات الرقمية للدول التي تختلف في طبيعتها عن المشفرة، أوضح “المبارك” في أكتوبر 2021، أنه توجد عملة موحدة لنظام المقاصة بين البنوك في المنطقة، وفي منطقة الخليج توجد سياسة تبادل عملات مشابهة جدا للمعاملات الرقمية وتعتمد كثيرا على الدولار، ولذلك “لدينا القدرة أكثر من أي منطقة أخرى على الانتقال للعملة الرقمية على مستوى المنطقة”.

وأضاف أنه، “لدينا تجربة مع شركاء آخرين في العملات الرقمية للبنوك المركزية”، مؤكداً أن العملات الرقمية ستكون ضمن النظام المصرفي، مشيرا إلى أن السعودية لديها نحو 32 شركة تقنية مالية تعمل في قطاعات مختلفة سواء المدفوعات المالية أو التأمين وغيرها حالياً، وأيضا لدينا برنامج المصرفية المفتوحة.

وبين أن العمل على تجربة لإطلاق مشروع ضخم يتعلق بالعملات الرقمية في المملكة وتجربته في الإمارات في هذا الشأن.

وأشار إلى أن البنوك المركزية وبنك التسويات الدولية وصندوق النقد الدولي يعملون على عملات رقمية للبنوك المركزية منخفضة التكاليف ومعاملات أسرع مدعومة بأموال حقيقية.

انفتاح مرتقب

رغم التحذيرات الرسمية المعلنة في المملكة تؤكد صحيفة “نيويورك بوست” الامريكية أن السعودية تكثّف جهودها لجذب شركات التشفير، مشيرة إلى أن البنك المركزي السعودي والبنك المركزي الإمراتي يعملان معاً لمعرفة كيف يمكن للبنكين اعتماد العملات المشفرة والمدفوعات الرقمية.

وتنقل الصحيفة في نوفمبر 2021، عن مختصين يتوقعون أن تستثمر بعض صناديق الثروة السيادية الرئيسية في الشرق الأوسط مباشرة في العملات المشفرة في وقت ما خلال العام الجاري.

من جانبها تنقل صحيفة “اندبندنت عربية” الإلكترونية عن الرئيس التنفيذي لشركة غالاكسي ديجيتال، مايك نوفوغراتز، قوله إن “السعودية تريد أن تكون مركزاً مالياً عالمياً وتدرك بأن العملات الرقمية ستكون جزءاً من هذا الحراك”.

وأضاف أن الموافقات الرسمية بدأت تؤتي ثمارها، مشيراً إلى أنه منذ تردده على المنطقة منذ سنوات، فإن هذه هي المرة الأولى التي شعر بها أن التجمعات الكبيرة لرؤوس الأموال مهتمة بالعملات المشفرة، ونوه الملياردير الأمريكي بطرح المستثمرين خلال الاجتماعات التي عقدها معهم أسئلة متقدمة حول التبني والتشريع.

فتاوى التحريم

ومن الناحية الشرعية قال عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، عبد الله المنيع، إن التعامل بالعملات الرقمية، مثل بيتكوين، يعتبر “محرما” وفق رأيه.

وأضاف المنيع، خلال مقابلة أجراها على قناة “روتانا خليجية”، في أبريل 2021، ردًا على سؤال حول حكم التعامل بهذه العملات الرقمية المشفرة: “أبدا لا تملك معنى الثمنية، وأرى أنها محرمة، وتعتبر من أكل أموال الناس بالباطل.

وشدد المنيع على أن النقد لا بد أن يشتمل على 3 ميزات، الأولى أن يكون معيار تقويم، والأمر الثاني أن يكون مستودع للثروة، والأمر الثالث أن يكون مبنيا على قبول عام للإبراء العام.

وأوضح، “هذه الخصائص الثلاثة لا يمكن أن تتم إلا بوجود جهة تضمنها، إما أن يكون وراءها دولة أو يكون وراءها من يضمنها وهو أهل للضمان، أما الآن مسألة البيتكوين هذه الآن هل وراءها من يضمنها؟ هل وراءها أحد يقوم بإصدارها أو على اعتبار أنه ضامن لمحتواها؟، لذا فهي عبارة عن مقامرة، وإن كانت ليس كالقمار الواضح.

عملة المستقبل

يقول الباحث في التداول والعملات الرقمية حسام سرى إن أبرز أسباب الاهتمام السعودي بالعملات المشفرة، التطور الرقمي المتسارع واتساع التعاملات الإلكترونية الذي ساهم في انتشار العملات المشفرة، بالإضافة إلى جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي أعقبتهـا قـد غيرت الملامح الروتينيـة للحياة اليومية.

ويشير في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى أن العالم شهد تطوراً ملحوظاً في أسعار العملة المشفرة الأشهر على الإطلاق البيتكوين، ولا شك أن هذا كان عاملاً مهماً ودافعاً قوياً يحث على استمرار الاستثمار واهتمام السعوديين بهذه العملات، حيث يرى المؤيدون لها بأن العملات المشفرة هي عملة المستقبل، ويسارعون لشرائها، بافتراض أنها سوف تصبح أكثر قيمة في المستقبل.

ويضيف بأن العملات الرقمية أصبحت أكثر قبولاً على نطاق واسع في مجال الاستثمار، إلا أنه لا يوجد حتى الآن اتفاق عام حول إذا كانت هذه العملات المشفرة تعد استثمار قائم على المضاربة ومرتبط بالمخاطر، أم أن العملات المشفرة قادرة على الاحتفاظ بقيمتها، أو أنها وسيلة لارتكاب أنشطة غير قانونية، ولكن شدد على أن استخدام هذه العملات يتزايد مع مرور الوقت.

ويبين بعض إيجابيات العملات المشفرة ، مثل سرعة تسوية المعاملات المالية، وانخفاض الرسوم، والتتبع بنظام البلوكشين الذي يسجل كل شيء أثناء المعاملة، بالإضافة إلى عناصر الأمان التي تتمتع بها هذه العملات، وكذلك إمكانية إتمام عمليات الدفع على مدار الساعة.

أما حول سلبياتها، فيقول سرى، إن نشاط السوق السوداء تعتبر العملات المشفرة جذابة للمجرمين ومن يقوموا بأفعال غير قانونية، حيث يستغل المجرمون ميزة عدم التعرف على هوية المستخدم ليتستروا ورائها في أعمالهم المشبوهة.

كما أن من سلبياتها، النمو والارتفاع السريع لأسعار العملات المشفرة الذي قد يقابله هبوطاً أسرع، وكذلك المعاملات غير قابلة للتغيير، بالإضافة إلى تعارض العملات المشفرة اللامركزية مع المؤسسات والحكومات والسياسة والبنوك والمنظمين والرقابة، بحسب الباحث المتخصص في العملات الرقمية.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى