
الجمعيات التعاونية في البحرين … مسيرة ومصير – 11
كتب محمد حسن العرادي
حين انطلقت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في بداية عهد استقلال مملكة البحرين أوائل سبعينات القرن العشرين، شكلت نقلة نوعية في النمط الاستهلاكي وشاركت في توفير العديد من السلع والخدمات اليومية في مكان واحد، بعد أن كانت متفرقة وموزعة على العديد من المحلات التجارية الصغيرة المتناثرة في مختلف مناطق المدن والقرى، وكان ذلك إيذانا ببدء عصر الاسواق التجارية والاستهلاكية الكبرى تحت سقف واحد.
ولقد قابل المواطنين فكرة تأسيس الجمعيات التعاونية الاستهلاكية التي جاءت إلينا من دولة الكويت الشقيقة بترحاب كبير، خاصة وإنها كانت تتوافق مع الثقافة الجمعية السائدة في البلاد والقائمة على التعاون والتعاضد، ورغم إن فكرة العمل التعاوني انطلقت من خلال تأسيس صندوق التعويضات التعاوني في 9 أكتوبر 1954 الذي جاء في أعقاب انطلاق انتفاضة الخمسينات وما رافقها من بدايات تأسيس الوعي الجمعي التعاوني الذي انتشر بين المواطنين إثر قيام هيئة الاتحاد الوطني (1952 – 1956).
وتمخض عن ذلك قيام اتحاد العمل البحراني الذي مثل الذراع العمالي للهيئة، الا أن الانطلاق في تأسيس الأسواق التعاونية مع قيام جمعية مدينة عيسى التعاونية عام 1972 كان له تداعيات إيجابية أثرت على مجمل العمل الأهلي في البحرين، وإذا كانت بعض من الجمعيات النسائية قد سبقت تأسيس الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، كجمعية نهضة فتاة البحرين التي تأسست في العام 1955 وجمعية أوال النسائية التي تأسست في العام 1967 وأشهرت في العام 1970، فإن معظم الجمعيات الأهلية والمهنية قد إنطلقت وبدأت في الانتشار بعد تأسيس جمعية مدينة عيسى التعاونية في العام 1972 مع بدايات استقلال البحرين،
لقد مثل تأسيس جمعية مدينة عيسى التعاونية الاستهلاكية علامة بارزة في بناء الوعي المجتمعي الذي اكتشف القدرة التنظيمية الهائلة التي يمتلكها، ويستطيع توظيفها في إدارة شئونه الحياتية والمعيشية والاستهلاكية، وقد ساهم المشروع التعاوني في خلق العديد من فرص العمل لعدد من أبناء وشباب الوطن الذين وجدوا أنفسهم ينخرطون في عمل تعاوني قادر على أن يعود عليهم بالمنفعة والأرباح المادية عبر تنسبق مشترياتهم وإعادة توجيهها لتوفير إحتياجاتهم تحت سقف واحد.
لقد شكل قيام جمعية مدينة عيسى التعاونية الإستهلاكية بداية لانتشار ظاهرة الجمعيات التعاونية في العديد من المناطق البحرينية فجاء تأسيس الجمعيات التعاونية كالتالي:
1- جمعية مدينه عيسى التعاونية الاستهلاكية عام 1972
2- جمعية الحد التعاونية الاستهلاكية عام 1975
3- جمعية جدحفص التعاونية الاستهلاكية عام 1975
4- جمعية الدير التعاونية الاستهلاكية عام 1977
5- جمعية المحرق التعاونية الاستهلاكية عام 1985
6- جمعية سترة التعاونية الاستهلاكية عام 1985(تم حلها)
7- جمعية مدينة حمد التعاونية الاستهلاكية عام 1986
8- جمعية السنابس التعاونية الاستهلاكية عام 1987
9- جمعية البحرين التعاونية الزراعية عام 1987
10- جمعية عالي التعاونية الاستهلاكية عام 1987م.
11- جمعية الدراز التعاونية الاستهلاكية عام 1989 (تم حلها)
12- جمعية الرفاع التعاونية الاستهلاكية عام 1989 (تم حلها)
وهكذا نرى ان البحرين كانت ولا تزال بيئة خصبة لقيام ونجاح عمل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية لو لا التنافس الشرس الذي مثلته لها الأسواق التجارية الكبرى.
وعلى صعيد آخر فإن قيام جمعية مدينة عيسى التعاونية ساهم في التأصيل لقيام جمعيات المجتمع المدني والمهني الأخرى فنشأت جمعيات أهلية عديدة بشكل متتالي، فقد تم إشهار جمعية المهندسين البحرينية عام 1972، بينما تأسست جمعية الأطباء البحرينية في العام 1973، وتأسست جمعية المحامين البحرينية عام 1977، وتأسست جمعية الاجتماعيين في العام 1979. وهكذا بدأ المجتمع البحريني في وضع اللبنات الأولى والأساسية للقطاع الأهلي الثالث، الا أن هذا القطاع تعرض لحرب ضروس قادتها الشركات الأجنبية بعشوائية وضعف في القوانين الحمائية، وضمن التشوهات التي شهدها القطاع الخاص ولا يزال، وأدت إلى السيطرة على مختلف قطاعات سوق العمل من قبل العمالة الوافدة فضلاً عن رأس المال الأجنبي .
أن مسيرة العمل التعاوني الاستهلاكي في البحرين عريقة جداً، ومؤهلة للنجاح إذا أعيد تنظيمها وفق أسس تنافسية صحيحة تضمن جودة المنتجات المقدمة وتفوق خدماتها، خاصة إذا ضَمَنْ المواطنين عودة وتوزيع جزء من أرباح هذه الخدمات والمشتريات إلى جيوبهم، ورأوا الأثر الإيجابي لنجاح هذا المشروع التعاوني المجتمعي الذي يجسد المسؤولية الاجتماعية بفضل تكاتف مختلف القطاعات المجتمعية، وبذلك نعيد تصحيح مسارات ومصير عمل الجمعيات التعاونية، وللحديث تتمة.٠