
عون وسلامة حكاية مسلسل درامي
حكاية الخلاف الواضح بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه مستمرة منذ أكثر من سنة، وكل فصولها هدفها ازاحة سلامة من مركزه الذي عمل طيلة 26 عاما، مع اختلاف الآراء حول سياسته النقدية التي يعتبر هو انه عمل على الحفاظ على العملة الوطنية على رغم كل الازمات. ويعتبرها غيره هندسات سياسية مالية دمرت الليرة اللبنانية وبالتالي الاقتصاد.
وفي المقابل يرى معارضو الرئيس ميشال عون، انه فشل طيلة 5 سنوات في ادارة البلاد، حتى وصلنا الى جهنم، كما قال واعترف بفشل عهده.
وقد ذكرت صحيفة الديار أن الرئيس عون أعلن الحرب على الحاكم المركزي ليقدّمه كبش محرقة للشعب اللبناني، وليكون سلامه هو الضحية (كما يرى مؤيدوه)، كي يقول الرئيس عون إنني استطعتُ ازاحة الحاكم من مركزه، وحاربتُ الفساد.
علما ان مؤيدي سلامه يرون أنه طيلة فترة تسلمه المصرف المركزي مثالاً للشرف والرصانة وتطبيق القانون.
وبهذا الشأن كتبت “الديار” أن يريد الرئيس عون السيطرة على القرار المادي، مع ان مصرف لبنان يطبق كل القرارات المالية الجيدة، حتى ان مفوض الحكومة في المصرف المركزي لم يقدّم ايّ تقرير من ان الحاكم سلامه والمجلس المركزي للمصرف خالفا القانون.
منذ سنة، والحملة كبيرة على الحاكم سلامه الذي يتحمّل ظلم الرئيس ميشال عون.
رياض سلامه يتعاون مع الجميع ومع التحقيق الجنائي، ويُقدّم كل المعلومات لشركة التدقيق الجنائي، ومع ذلك يستمر رئيس الجمهورية بحملته على الحاكم «المركزي» كي يرفع امام الرأي العام شعبية التيار الوطني الحرّ، ويقدّم الحاكم سلامه كبش محرقة ظلماً وبشكل غير قانوني، ولكي يُقال إن الرئيس عون ليس المسؤول عن الفشل، بل سياسة المصرف المركزي.
5 سنوات وأكثر، والرئيس عون يفشل من ملف الى ملف، والفساد يزداد في المؤسسات، ويتمّ نهب الشعب اللبناني، وفي ميزانية الوزارات التي تسلّمها وزراء فاسدون، طبعاً ليس كلهم بل معظمهم، وها هو اليوم الرئيس ميشال عون يستدير باتجاه مصرف لبنان، وبما ان المدعي العام في جبل لبنان القاضي غادة عون تخضع لنفوذه، فتحت التحقيق مع رياض سلامه لاسباب سياسية، وليس لاسباب قانونية او لاي مخالفة قام بها الحاكم.
من المعيب تكليف جهاز امني لجلب الحاكم سلامه، وهو المسؤول الرسمي الكبير الذي قدّم كل جهده لانقاذ الاقتصاد من 4 سنوات وحتى اليوم، اي منذ بدء عهد الرئيس عون، حيث رأى ان عهد عون يسير نحو الفشل، ومع ذلك، ردّ الرئيس ميشال عون الجميل باستدعائه الى التحقيق لازاحته والمجيء بشخص موال للسياسة التي ينتهجها.
وهنا الكارثة، لانه اذا تمّ الادعاء على الحاكم سلامه، فان الدولار سيُصبح مليون ليرة، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي لن تصل الى نتيجة، ما لم يشارك فيها الحاكم المركزي، حيث ان رئيس لجنة المفاوضات في الصندوق قال: اإن العقل المالي والنقدي والاقتصادي ضمن الوفد اللبناني هو فكر الحاكم رياض سلامه، ومن دونه سوف تسقط المفاوضات ولن تنجح.
اين هو الرئيس نجيب ميقاتي لا يدافع عن الحاكم المركزي، وهو يعرفه جيداً ويعرف جهده وعمله وشفافيته ونزاهته؟
بالنتيجة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد كبش محرقة ليرفع عنه المسؤولية، وقد اختار شخصية رسمية مارونية، لانه لا يستطيع الهجوم الا على الموارنة، فهاجم الحاكم المركزي رياض سلامه ويريد ازاحته. وهذا لن يحصل.
لبنان امام خطر كبيرة من خلال سياسة الرئيس عون التي ينتهجها لازاحة رياض سلامه. فرئيس الجمهورية يريد ان يضع يده على ادارة مصرف لبنان ليسيطر على شركة طيران الشرق الاوسط التي تربح لانها شركة ناجحة، كما يريد السيطرة على مؤسسة «انترا» و»بنك التمويل» وكازينو لبنان وكل المؤسسات المالية التابعة لمصرف لبنان، حيث سينتشر الفساد فيها وتتحوّل اموال هذه المؤسسات نهباً وسرقة من مافيا ومحيطة بالرئيس العماد ميشال عون.
الحاكم المركزي رياض سلامه لن يكون كبش محرقة، ولن يكون ضحية الظلم وعدم قانونية التحقيق معه، والسبب ان الرئيس عون لن يستطيع ازاحة الحاكم سلامه، فالحملة التي يخوضها عليه هي حملة سياسية وليست قانونية. واكبر مثال على طريقة قيادة الرئيس عون غير القانونية، هي جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت يوم الخميس الماضي لاقرار الموازنة، حيث تمّ تمرير التعيينات مثل تهريبة، واعترض الوزراء على هذا السلوك.