إسرائيل في الفوضى… هل تعيش ثمانين عاماً؟ أم يقضي الله أمراً كان مفعولاً؟ 2/..

ميخائيل عوض

ناور نتنياهو لتأجيل الانفجار  فلم تنطلي على المعارضة وزاد من حرج ومازق نتنياهو وحكومته، كلام بايدن وعاصفة الردود والمقالات والتعليقات التي اكدت ان العلاقة بين إسرائيل نتنياهو وأميركا بايدن في اسوء احوالها وتزداد سوءا، وكأن لا احتمال لتعايش الإدارتين، فبايدن يستعجل إسقاط نتنياهو قبل اقتراب موعد الانتخابات الأميركية 2024, التي تشهد سباقا محموماً يرجح أن تحمل ترامب مرة ثانية الى البيت الابيض. وترامب حليف موثوق لنتنياهو، وهو لاعب محوري في محاولات تسويق ترامب في أميركا.

وكانت النخب الأميركية والأوروبية نعت إسرائيل وباتت ترى فيها عبء وورطة وكلفة بلا جدوى، كما جاء في إفادة ديفيد بترايوس أمام الكونغرس 2009، وهو رئيس جهاز السي أي إيه، قائلاً: إسرائيل كانت كنزاً ثميناً وباتت عبئاً ثقيلاً.

هكذا ترتسم ازمة العلاقات الأميركية- الإسرائيلية كعنصر مؤثر في الأزمة الإسرائيلية، ومساراتها على عكس ما كانته العلاقات من قبل.

أما عن عمر الثمانين، فما زالت المقالات والتصريحات والأبحاث جارية تحت عناوين التحذير من احتمال ألا تتم إسرائيل عقدها الثامن، فلم يسبق لليهود أن أنشأوا دولة عاشت حتى الثمانين، كما اتفق خبراء الأنثربيولوجيين على أن أعمار الإمارات والممالك والإمبراطوريات غالباً لا تتجاوز الثمانين، “مقدمة ابن خلدون”، وآخر التجارب مع الاتحاد السوفياتي الذي لم يتمها فكيف بدولة كيان وظيفي مصنع ومزروع في بيئة وتربة غير مناسبة، بل مقاومة بشراسة، واستدامة لقرن وعقدين ولم تيأس أو تترهل.

فالمنطقة حيوية ومحورية والقضية قومية ووطنية وإنسانية جامعة، جددتها على هذا النحو معركة سيف القدس وأسقطت 73 سنة من الحروب والتآمر والتفاوض والتسويات، وأعادتها إلى حقيقتها لتاريخية “وجددتها كقضية محورية وطنية وقومية وإنسانية” – فإسرائيل الكيان – المجتمع المصنع شاهدة على عسف وعدوانية العالم الأنكلو- ساكسوني كدولة استيطانية اقتلاعية لشعب من أمة ودين لا يمكن إبادتها، فتجربة الهنود الحمر والاستيطان لا يمكن تكرارها في قلب العالم ومحوره المحرك لأحداثه منذ فجر التاريخ، ولا تتوفر لإسرائيل إكسير الحياة، وما كانت لتعيش حتى اليوم لولا أن أعظم امبراطوريتين وأكبر اقتصادين أمنا لإسرائيل الديمومة وشروط وعناصر تمكنها وسيادتها. واليوم كلاهما يعانيان من أزمات بنيوية وهيكلية فتاكة أشد عصفاً من أزمة لقيطهم – إسرائيل. فأميركا منهكة ومأزومة ومتراجعة حدياً على كل المستويات، ويزيد من انكشافها وتسارع انحسارها الحرب الأوكرانية وصعود محور أوراسيا الصين وروسبا وإيران ومحور المقاومة. والأطلسي بجناحه الأوروبي دخل طور الأفول والأزمات العاصفة، ونذر الانهيار تتسارع مع إفلاس المصارف والتظاهرات والإضرابات التي تشل فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

ومن زاوية أخرى أكثر أهمية وقيمة في تقرير كم ستعيش إسرائيل؟ وهل تبلغ الثمانين أم لا؟ يقف محور المقاومة بجاهزيته التامة يترقب لحظة البدء في الحرب الكبرى، كما يصفها السيد حسن نصرالله ويؤكد أنها باتت قريبة بل قريبة جداً، ومبتغاها تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.

ومن المعطيات الواقعية أن إسرائيل فقدت كل وأي من عناصر قوتها الاستراتيجية والتكتيكية، وفقدت قدراتها ودورها الوظيفي وتفقد محيطها وقواعدها التي كانت تستند إليها، ومع دخول الصين لاعباً اقليمياً في الخليج وروسيا لاعباً محورياً من المنصة السورية، ومفاعيل المصالحة التاريخية الإيرانية- السعودية وما ستفرضه في المنطقة والعرب والاقليم من تبريد الأزمات وتفعيل المصالح والعلاقات، يكون الخاسر الأول جرائها إسرائيل وأميركا والأطلسي وأول الكاسبين فلسطين ومحور المقاومة.

يتبين لنا انحسار وزوال كل الظروف والبيئات والفرص التي توفرت وأمنت إقامة إسرائيل وتشريعها وتمكينها، وقد هزمت في لبنان وغزة وسقطت استراتيجياتها لفرض شروطها بالاحتلال و في حرب تموز 2006، وحروب غزة سقطت قدرتها على خوض الحروب السريعة وفي أرض الخصم، ومع امتلاك إيران تقانة صناعة القنبلة النووية وتفوقها ومحور المقاومة بسلاح الصواريخ والمسيرات والدفاع الجوي وبالحرب السيبرانية، لم يعد لإسرائيل ميزة أو قدرات عسكرية لحماية نفسها وتخديم القوى التي أنشأتها وحمتها، وباتت عاجزة.

إذن،

تقع الأزمة العنيفة التي تضرب بإسرائيل وتهزها في الأساسيات والقواعد والأركان. وتهددها بحرب أهلية إسرائيلية  فهي أزمة ليست عابرة ولا كالأزمات الأخرى وليس من فرصة أو قدرة أو بيئة للإحاطة بها، ومألها أن تأخذ إسرائيل إلى تعميق فوضاها الضاربة أو محاولة بائسة لإخراجها من الفوضى بانقلاب عسكري غير مضمون نجاحه  وليس من سابقة له فيها.

إضافة إلى انتفاء الأسباب والظروف والبيئات والتوازنات العالمية الاقليمية والعربية، التي وفرت شروط إقامة وتصنيع إسرائيل ككيان وظيفي، دخلت إسرائيل نفسها ولذاتها في أزماتها التكوينية، بعد أن فقدت بريقها وقدراتها، وقوى إسنادها وتأمينها، فغدت تضطرب وتهددها الفوضى، ولم يتبق أمام دولتها العميقة التي على صلة رحم بدولة أميركا العميقة لمحاولة الانقاذ، إلا اختبار خطوة من خارج السياق والنص بمحاولة انقلاب لإعادة نظم واحتواء صراع قبائلها الأربع التي انفجرت، وليس من قوة في إسرائيل أو العالم الذي أنشأها ويساندها قادرة على ضبط توازناتها وتبريد صراعاتها.

في عام 2015 وأمام مؤتمر هرتزيليا قالها كاتساف رئيس إسرائيل: صراع قبائل إسرائيل الأربعة أشد خطراً عليها من النووي الإيراني..  والآن يترجم قوله صادقاً عارفاً لحقيقة إسرائيل.

فما هي القبائل المتصارعة وعلى ماذا وهل من مخرج لاحتواء الصراع؟

غداً، عن قبائل إسرائيل ودور الجيش واحتمالات الانقلاب؟

…./ يتبع

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى