لدى محور المقاومة ما يقدمه للضفة وثورتها المسلحة ولسورية في حالتها المتعبة 2/ 4

ماذا عن التجويع للتتبيع- التطبيع؟ ماذا عن تحرير فلسطين من البحر للنهر؟

ميخائيل عوض

من يفيدنا ويسهم بحل الألغاز؟…

الرجاء ألا تمطرونا بتنظيرات ومبررات استراتيجية الصبر الاستراتيجي والبصيرة الثاقبة ومشتقاتها… بحق السماء… فقد سمعناها وهضمناها واتخمنا من تكرارها… فماذا بعد؟

ونستحلفكم ألا تقولوا لنا بانتظار مراكمة السلاح وتطويره فقد حسم القضية وأجابكم فارس القدس وشهيد المقاومة الجنرال قاسم سليماني وقال؛: الحرب لا يحسمها السلاح بل الرجال وعقيدتهم وذكائهم وقدراتهم على الفعل…

ألا نجد في كلام سليماني ما يشفي الصدور؟ ألا تمثل لنا منهجاً وحافزا لنعود إلى الجذور فنسعى معا إلى حل الألغاز، واكتشاف السر في آن….

يصنع النصر الرجال لا السلاح، هكذا كانت دروس وعظمة المقاومة الإسلامية اللبنانية، فقد قاتلت ببقايا سلاح منظمة التحرير والأحزاب واشتقت الانتصارات الاعجازية…

وتصنع المقاومة انتصاراتها الكبيرة والاعجازية من مراكمة الانتصارات الصغيرة في المعارك بين الحروب، لا في الحروب الجبهية والنظامية المباشرة، ولا في مبارزة سباق التسلح ونوعيات السلاح، وتلك أهم قواعد حروب المقاومات وأسباب الانتصارات في كل التجارب الثورية والمقاومات.

وتخسر المقاومات والأنصار الحروب عندما يتحولون إلى الانتظارية والدفاعية ويهدون عدوهم أفضل ما في عقولهم واستراتيجياتهم بتمكينه من أن يقود هو المعارك بين الحروب…

ويتركون له ما أبدعه القائد التاريخي المؤسس للمقاومة حافظ الأسد، الذي اتقن واذهل العالم باستراتيجية اللعب على الحافة، فلماذا تغدو استراتيجية إسرائيلية؟

ألسنا في هذه الحال؟ وهل يخفي الغربال نور الشمس؟

لنكف عن البحث عن ذرائع وعن تبريرات.

فعدونا ذكي ومبادر وصاحب تجربة وباع وقدرته على المناورة كبيرة، وكذلك الاستفادة من الدروس وتكرارها فما فعله مع منظمة التحرير في لبنان من خديعة الهدن والوسطاء والوعود الفارغة يفعله مع حماس والفصائل في غزة وفي صنعاء ويغرينا ويستدرجنا لنفعله في لبنان وفي سورية وإيران… وبالقدر الذي يعمل الزمن لصالح الشعوب والمقاومات يعمل أيضاً لصالح من يجيد الاستثمار بالزمن، وهذا ما تفعله إسرائيل وأميركا وأحلافها، فالزمن ليس فاعلاً واعيا بذاته، ولا هو منحاز لجهة، بالقدر الذي يوفر بيئات وشروط للفعل لمن يقرر ان يكون فاعلاً لا مفعولاً به.

هنا مكمن الأسرار، ومسرح أعمال ومبادرة الأشرار فماذا يجب أن يفعل الأخيار؟

الأخيار والعقلاء يدرسون تجاربهم ويستفيدون منها ومن خلاصاتها ويتفحصون تجارب الآخرين، ويتقنون فنونها ونتائجها، ويستمرون في البحث والعمل ويتقدمون دوما إلى الأمام، يعرفون أن الثورة والمقاومة كالراكب على الدراجة الهوائية لا يستطيع الوقوف والثبات في المكان او العودة إلى الوراء، ومحكوم دوماً بالتقدم إلى الأمام وإن بسرعات مختلفة.

التقدم إلى الأمام هو مفتاح الحل وسبر الأسرار، وكسر الحلقة المفرغة ومغادرة حالة المراوحة بالمكان.

كيف تتقدم المقاومة إلى الأمام؟

تتقدم بالقتال من الحركة ورفض الانتظارية والتحول إلى الهجومية ما دامت استراتيجية الدفاع قد حققت مقاصدها ومبتغاها، فكثيراً من الدفاعية كالقليل منها والمثل قال: الكثير خي الناقص…

وفي تجربتنا ولحماية الضفة وثوراها وتأمين الأسود وأبطال جنين وطول كرم، ولرفع الحيف عن سوريا وتمكينها من النهوض وكسر حرب التجويع والحصار ، لا بد من إعادة تفعيل استراتيجية وتكتيكات المعارك بين الحروب، واللعب على الحافة، ما دامت إسرائيل بحسب كل التصريحات والتنظيرات والخطابات أعجز من أن تذهب إلى الحرب، خاصة مع لبنان والمقاومة الإسلامية، وتستمر إصبع السيد نصرالله تفعل فعل الحرب في إسرائيل ونخبتها وجمهورها… فاستعادة المبادرة والمبادأة والأمور أيسر وأسهل الطرق لتسريع تغيير المعادلات، ولا تكلف كثيراً ولا تستوجب حرباً واسعة او تستدعي حرب يوم القيامة، وإن استدعتها فسيكون مثالها ونتائجها كحرب تموز 2006، التي استعجلتها قبل حينها الذي اعدت له إسرائيل المقاومة عندما حققت وعدها وأسرت جندبين إسرائيليين في عملية خاطفة كانت كمعركة بين الحروب.” قال السيد حسن نصرالله لو كنا نعلم أنها ستؤدي إلى الحرب لما فعلناها”، هكذا هي الأمور، فالواقع وحاجاته أصدق إنباء من الكتب، وتجربة حرب تموز خير مصداق لما قاله الإمام علي: إن هبت شيئاً فقع فيه..

تستطيع المقاومة وفصائلها انتزاع المبادرة، وليس بالضرورة أن عملياتها ومعاركها بين الحروب ستؤدي إلى الحرب حكما، ولو أدت فيتحقق وعد السيد حسن نصرالله منذ سنوات عندما قال: قد تقع الحرب وإن وقعت سنحولها من تحدي إلى تحرير القدس. واكدها أول أمس بلقائنا في الرابطة الدولية للخبراء والمحللين، وأكد بحزم أننا سنصلي في القدس وأن الحرب الكبرى آتية، وربما قريباً، وأن محور المقاومة على جاهزيته وقد أنجز الكثير استعداداً لحرب تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.

في تجربة غزة المحاصرة ابتدع الشعب التظاهرات الأسبوعية على الشريط الشائك والأشغال بالصدور، ومن ثم بالونات وطائرات ورقية حارقة وفرضت على إسرائيل أن تحرك الوسطاء وأمنت غزة بملايين الدولارات من قطر وعن طريقها ومن معابرها، وفتحت فرص لتشغيل العمالة الفلسطينية وفرضت على الإمارات ومصر دفع 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة. هل تذكرون؟ وما المانع من تفعيل هذه الوسائط والوسائل؟ ولماذا تخاف غزة من الحرب ما دامت على القدرة التي يتحدث بها القادة وقادة الأذرع العسكرية، فقد خاضت وانتصرت في حرب سيف القدس وجولة وحدة الساحات…

وفي لبنان طائرات مسيرة من أجيال بدائية ومتخلفة ورخيصة جداً بالمقارنة مع ما صار عليه إنتاجها، تلك المسيرات ألزمت إسرائيل والمفاوض اللبناني والوسيط الإسرائيلي- الأميركي بالخضوع وإهداء المقاومة نصر عظيم، كما وصفه السيد حسن نصرالله في الترسيم البحري. فلماذا لا تناور المقاومة يومياً بطائرات مسيرة من تلك الأجيال تربك إسرائيل، وتجعل المستوطنين في حالة قلق وهلع تستعجل رحيلهم أو الضغط على حكومة نتنياهو لوقف التعديات على القدس والمقدسيين وعلى كتيبة جنين وعرين الأسود في نابلس …

وفي التجربة السورية هل تذكرون الصاروخ من الدفاع الجوي طراز سام 2 الذي انفجر في سماء مفاعل ديمونا، وكم خلق من حالة إرباك وتساؤلات وضغوط على الحكومة الإسرائيلية، وكم من تلك الأجيال من الصواريخ والقذائف التي تقادمت ولم تعد تجدي نفعاً في الجو، وقد تكون جدواها نوعية في الانفجارات فوق المدن والمستوطنات حتى لو لم تقتل وتدمر، فمجرد انفجارها في الأجواء تدب الذعر بالصهاينة ونخبهم ومستوطنيهم…

وماذا عن الكورنيت في غزة وعلى حدودها؟ وعن الغواصين؟ وعن العبوات في الجولان ومزارع شبعا والنقب؟ وماذا عن الفدائيين والطائرات الشراعية والزوارق المطاطية التي كانت أسلحة ونفذت عبرها عمليات نوعية فجرت انتفاضات في فلسطين؟ وماذا عن تكثيف استهداف القواعد والقوافل الأميركية شرق الفرات وفي التنف، والعراق؟ ومتى يتحول وعد السيد حسن نصرالله بإعادة الجنود الاميركيين الذي جاؤوا عاموديا يعودون أفقيا بالصناديق؟ وماذا وماذا؟

فنحن لا نصدق أن جعبة المقاومة وتجربتها وخبراتها وعقولها قد ترهلت، ولم تعد قادرة على ابتداع أنواع وأشكال من الأعمال والعمليات تستنزف وتشغل وتربك إسرائيل وتشتت قدراتها، لتحمي أبطال الضفة وفلسطين ال48 ولا تؤدي بالضرورة إلى حرب، ولو أدت الى الحرب… ألم يقلها الإمام علي عليه السلام: إن هبت شيئاً فقع فيه!

بالله عليكم وبحق السماء لا تمطرونا بتنظيرات ولا تسترسلوا في تسويق ما في مخيلاتكم وعلى ألسنتكم من ذرائع وحجج ظاهرها ثوري وعظيم وباطنها محبط ويائس..

كمثل ما نسمعه من قول وذرائع: إن تحرير فلسطين طوع يد المحور وساعة يقرر، أما تأخير المهمة لسنوات ففيه خير لتلافي ما قد يقع من صراعات وحروب على من سيحكمها، وفي أي بيئة وجغرافيا ونظم، وأن في التأخير خير حتى تنضج الظروف والشروط والتوازنات.

هذه حجج وذرائع وتهويمات أكل الدهر عليها وشرب وقد حسمتها التجارب والشعوب واختصرتها بالتحذير القاطع من الاختلاف على جلد الدب قبل اصطياده. فليس من الحكمة ولا من العلم ان نختلف على ما قد يكون ويصير ونفترض ونتصارع قبل أن يكون فيقضي الله أمراً كان مفعولاً، فلكل زمن دولة ورجال،  والأمور تحل نفسها وتناقضاتها بعناصرها” وقت يجي الصبي منصلي على النبي” فمن سيحرر سيحكم وهذا منطق الأحداث والتطورات وحقائق الأزمنة والتواريخ.

فلتحرر فلسطين وليشطب الكيان ولكل حادث عندها حديث.

وعلى ما تقدم فلدى محور المقاومة ما يفعله لحماية الضفة وشعبها ولإسناد ثورة جنين ونابلس وطول كرم وحيفا ويافا والنقب والجليل، وأن فعلها يعمق أزمة إسرائيل، ويستعجل زوالها وربما بحرب يوم القيامة الموعود…

فماذا يستطيع؟

…./يتبع

 

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى