الاحتلال يمعن في هدم المنازل الفلسطينية بعمليات للضم والتظهير العرقي

"حقوق الإنسان بالمنظمة" تدين الصمت الدولي عن جرائم الاحتلال

أقل وصف يمكن توصيفه لسياسة الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين بعد تعينات الحكومة اليمينية المتطرفة التي اعتمدت على سياسة الهجمات الاستيطانية من خلال سرقة الأرض الفلسطينية باستخدام جرافاتها بالهدم والتدمير في أراضي المواطنين بمختلف المناطق.

إذ شهد يوم أمس الأربعاء وحده هدم ستة منازل فلسطينية في قرية الديوك التحتا غرب مدينة أريحا، وذلك في إطار سياسة التهجير القسري الهادفة إلى إفراغ المنطقة من أهلها الأصليين لصالح التوسع الاستيطاني.

ونشرت صحيفة “إسرائيل اليوم”، تقريراً ترجمه محمد دراغمة، تحدث عن مخطط الحكومة الإسرائيلية لفرض ما أطلقت عليه “سيادة” بالضفة الغربية، وذلك عبر الموافقة على آلاف خطط البناء في المستوطنات، وضم ملايين الفلسطينيين للبيانات الرسمية، وإخراج ما تسمى “الإدارة المدنية” من وزارة الجيش التي ستنتقل لسلطة “بتسلئيل سموتريتش”، الذي سيكون مسؤولا كذلك عن تعيين رئيس “الإدارة المدنية” ومنسق “أنشطة الحكومة في المناطق” المحتلة، علما بأنه منذ تأسيسها عام 1981، فإن تعيين رئيس الإدارة المدنية، لا يخضع لأي تدخل سياسي ويقتصر تعيينه على قرار من رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويصادق عليه وزير الجيش.

ووفق الصحيفة ذاتها، فإن الوزارات في الحكومة الإسرائيلية ستغير الأرقام الرسمية للمستوطنين في الضفة بدلا من نصف مليون مستوطن إلى 2.5 مليون بمن فيهم الفلسطينيون. وتسعى سلطات الاحتلال من وراء هذه الخطوة لاعتبار المواطنين في الضفة سكانا يتلقون خدمات من “دولة إسرائيل”، الأمر الذي يمكن اعتباره ضما.

ولفتت الصحيفة إلى أن لقاء جرى مؤخرا بين وزير جيش الاحتلال يوآف جالنت وقادة المستوطنين في الضفة، كشف فيه عن مجموعة من الخطوات، ومنها تأهيل البؤرة الاستيطانية “أفيتار” المقامة على قمة جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس، وتعديل ما يعرف بقانون الانفصال الذي نتج بموجبه الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة وتلك المحيطة بمدينة جنين عام 2005، بما يسمح بعودة المستوطنين إلى بؤرة “حوميش” الاستيطانية، وتعزيز البنية التحتية وتأمين البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة.

وفي تقريرها السنوي، كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن أن سلطات الاحتلال نفذت خلال العام الماضي 715 عملية هدم لمنشآت تابعة للمواطنين في عدة مناطق، فيما أخطرت 1220 منشأة أخرى بالهدم، كما أقيمت 12 بؤرة استيطانية، وصدر قرار بالاستيلاء على 26424 دونما، إضافة للمصادقة على 83 مخططا هيكليا في الضفة والقدس لبناء 8288 وحدة استيطانية.

وحذر رئيس الهيئة مؤيد شعبان من أن أخطر ما يحدث وما يستمر حدوثه هذه الأيام، هو ما يجري من ضم صامت وتحديدا في منطقة الأغوار، من خلال إنشاء بيئة قسرية طاردة للسكان الفلسطينيين الأصليين، إضافة إلى إجراءات الضم الحقيقي التي تحدث وتحديدا في المناطق المصنفة (ج).

وأوضح أن سلطات الاحتلال عمدت خلال العام الماضي إلى التوسع على الأرض الفلسطينية ضمن مجموعة من التوجهات الاستراتيجية، أولها، الإجراءات التي تستهدف السفوح الشرقية من الضفة الغربية، وعلى رأسها تسليط عتاة المستوطنين المسلحين وبحماية الجيش، للسيطرة على الأرض وإنشاء بؤر رعوية هدفها الأساس طرد الفلسطينيين، والسيطرة على أرضهم وعلى موارد المياه وتفريغ المراعي الفلسطينية من الرعاة الفلسطينيين، كوسيلة لضرب جوهر الاقتصاد الزراعي والرعوي الفلسطيني، وكذلك المحاولات المستمرة لتفريغ تلال جنوب شرق الخليل من خلال البيئة القسرية التي يفرضها الاحتلال، وثانيها: الإجراءات التي تستهدف غرب الضفة، وعلى رأسها إنشاء التكتلات الاستيطانية الضخمة التي تقسم الضفة الغربية، وتحاصر الفلسطينيين في معازل صغيرة محاطة ومحاصرة بالمستعمرات والشوارع الاستيطانية وشبكة الأنفاق والجسور لخدمة المشروع الاستيطاني لإعدام إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية تماما، وثالثها: تهويد القدس من خلال تنفيذ مجموعة من المخططات التي تحاصر المدينة المقدسة وتفريغها من بعدها التاريخي والحضاري والإنساني لصالح رواية الاحتلال ووجوده المزعوم.

وقال شعبان إن هذه الإجراءات، التي لم تعد خافية على أحد، تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والمواثيق الدولية التي تجرم الاستيطان، لكن هذه الجريمة تقابل بصمت دولي مطبق، ومزدوج المعايير، بل ويشجع الاحتلال على الاستمرار في جريمته.

إلى جانب ذلك تثير وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل يومي الحديث عن “الخروقات الفلسطينية في مناطق ج”، والتي تدعي خلالها أن الفلسطينيين يواصلون عمليات البناء “غير القانوني” في هذه المناطق بينما يمنع المستوطنون من البناء.

بدوره، أكد وزير العدل محمد شلالدة أن ما ترتكبه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات جسيمة بحق السكان المدنيين في الأرض الفلسطينية يعتبر انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنسان، وحقوق الإنسان، كما أن المركز القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس ينطبق عليها قانون الاحتلال الحربي، وبشكل خاص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

وأكد أنه وفق القانون الدولي فإن سلطات الاحتلال لا يجوز لها القيام بأي تغييرات ديمغرافية في الإقليم الفلسطيني، فهي سلطة مؤقتة تعمل على إدارة هذا الإقليم المحتل.

وتابع شلالدة: “السيادة على الإقليم الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية هي ثابتة للشعب الفلسطيني منذ انتهاء الخلافة العثمانية وحتى تاريخه، وبالتالي ما تقوم به السلطة القائمة بالاحتلال من انتهاكات جسيمة في كل المناطق بغض النظر عن التصنيفات فهي لا أثر لها في القانون الدولي، وكلها تعتبر إقليما محتلا بما فيها القدس الشرقية”.

وأشار إلى أن قرار الضم الصادر عن “الكنيست” باطل وغير قانوني وفقا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وما يجري في الأرض المحتلة من ترحيل وتشريد ضد السكان المدنيين، وبشكل خاص في الخان الأحمر جريمة ضد الإنسانية، ويدخل في إطار جريمة الفصل العنصري، لأن إسرائيل تقوم بممارسة ممنهجة تجاه الشعب الفلسطيني بهدف إخلاء أراض معينة وإحلال مجموعة استيطانية بدلا عنها، في مسعى لتكريس الاستيطان، متجاهلة كذلك واحدا من أهم قرارات مجلس الأمن بالخصوص وهو القرار 2334 الذي أكد عدم شرعية الاستيطان.

وينص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334، المعتمد في 23 ديسمبر 2016، على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وعلى مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967.

وأردف شلالدة: “ما تقوم به سلطات الاحتلال من ترحيل وتهجير خاصة في مناطق “ج”، يشكل انتهاكا صارخا لنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي حظرت النقل القسري الجماعي والفردي، أو نفيهم من مناطق سكناهم لمناطق أخرى، ويخالف نص المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تقول إن النفي أو النقل غير المشروع يعتبر انتهاكا جسيما”.

وتنص هذه المادة على ” يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيا كانت دواعيه”. وعلى أنه “لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءا من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”.

كما تنص المادة  (53)من الاتفاقية نفسها على انه “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير”.

وقال الشلالدة إن هذه الانتهاكات الجسيمة التي تدخل في إطار منظومة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، يجب أن يقابلها تفعيل الآليات القانونية الدولية الجنائية لمقاضاة إسرائيل وقادتها.

ولفت شلالدة إلى أن هناك قرارا ينتظر صدوره وهو الرأي الاستشاري حول طبيعة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والمحال من الجمعية العامة للأمم المتحدة لمحكمة العدل الدولية، موضحا أن صدوره سيعيد القضية الفلسطينية إلى جذورها ومنها كافة الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.

وشدد على أن مسؤولية الحماية القانونية للشعب الفلسطيني ليس مسؤولية دولة فلسطين وحسب، وإنما الأمم المتحدة وخاصة الجمعية العامة، ومجلس الامن، وذلك عبر تفعيل الآليات القانونية والقضائية لتحميل الاحتلال المسؤولية القانونية الدولية لجرائمها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

حقوق الإنسان تدين

أدانت دائرة حقوق الإنسان في منظمة التحرير الفلسطينية، الصمت الدولي عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني، والتي كان آخرها المجزرة المروعة في محافظة جنين ومخيمها.

وقالت الدائرة في بيان، اليوم الخميس، “إن جرائم الاحتلال، التي تصاعدت مع تشكيل حكومة التطرف والإجرام الحالية، ما كان لها أن تكون لولا الضوء الأخضر الذي حصل عليه جراء صمت المؤسسات الدولية إضافة للدعم الدائم للاحتلال من الدول الاستعمارية وفي مقدمتها أميركا وبعض الدول الأوروبية التي توفر للاحتلال المظلة والحماية من المسائلة والمحاسبة الدولية”.

وطالبت الدائرة “شعوب العالم ومؤسساتها بالضغط على حكوماتها، خاصة في الدول الغربية، للالتزام بما وقعت عليه من اتفاقيات ومعاهدات دولية تتعلق بحقوق الإنسان، والتي تقضي بمحاسبة منتهكيها والخارجين عنها”.

وكالة وفا

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى