بحث معمق: خطاب السيد نصرالله ارتقاء المقاومة إلى مستوى المهمة /2

النصر الثالث والتحرير الثالث في متناول اليد وقريباً جداً

ميخائيل عوض
في نضج الظروف وانقلاب التوازنات لصالح محور المقاومة… فالنصر حتمي وقريب

صبرت المقاومة وحلفها طويلاً وكثيراً، ومررت ظروف وتعاملت مع مؤامرات، وخاضت حروب في البيئة الاقليمية، وحروب الإعلام والحرب السرية والسيبرانية، وحرب الممرات والحاملات والجيل الرابع في سورية والعراق وفلسطين واليمن، وقدمت تضحيات جسام، وتعايشت مع خونة ولصوص ومتآمرين وفاسدين، وأعلت من شان الوحدة الوطنية ونشدت الوفاقية والتوافق وتعففت عن الحكم وعن الحسم، وعن استعراض عضلاتها إلا في وجه العدو والإرهاب، ولم تكشف عن قدراتها النوعية ولم تقدم على الحسم السريع إلا عندما استهدفتها حكومة السنيورة وعملاء إسرائيل في الدولة والمنظومة العفنة واللصوصية فكانت جولة 7 أيار 2008 سريعة وحاسمة، أعادت ضبط التوازنات وأمنت الاستقرار المديد الذي استثمرت فيه المنظومة والسفارة الأميركية، فاستهدفت المقاومة بحرب الحصار وتجفيف الدولار، والتجويع عبر تفويض أدواتها بنهب المقدرات والودائع والحقوق لتخليق أزمة اقتصادية اجتماعية كارثية، بهدف تأليب جمهور المقاومة والشعب اللبناني عليها، وتحميل السلاح مسؤولية الكارثة، فتعاملت المقاومة باستراتيجية الصبر والبصيرة، إلى أن وقعت الواقعة فتأزم لبنان وباتت دولته ونظامه على شفير الانهيار بل في قلبه…
أعطت المقاومة الفرصة، والتزمت ما تقرره الدولة في مسالة الترسيم وتحصيل الحقوق البحرية والثروات وتعففت مرة ثانية عن قول كلمتها ورأيها…

تجاهلت المنظومة ومسؤوليها والنظام المعطيات والحقائق والتبدلات الجوهرية بموازين القوى، وتطاول كثيرون على المقاومة وسلاحها واتهموها وشهروا بها وكادوا يحملونها مسؤولية ما وصلت إليه البلاد، وزاد زعماء المنظومة وأركان النظام بالمجاهرة بسعيهم لمقايضة مصالحهم وحماية ثرواتهم بمقابل التفريط بالسيادة وبالقرار الحر وبالثروات والحدود، وبالعنصر الوحيد المأمول به للإحاطة بالأزمة وترميمها لاستعادة العافية الكامنة بالثروات البحرية والبرية، الممنوع على لبنان الاستثمار بها بينما تطلق يد إسرائيل ويساند عدونها على حقوق لبنان وحدوده وثرواته.

بلغ السيل الزبى، واستفحل السرطان، ولم يعد إلا مبضع الجراح دواءً شافياً، فاستئصال السرطان هو الحل المتاح لا سواه بعد الآن…

ولأن المقاومة ومحورها والعارفون يدركون عمق التحولات، وحجم الانتصارات، وحقيقة تبدل الظروف والمعطيات في غير صالح أميركا وإسرائيل  ويعرفون أن الظروف والمعطيات تأكدت بفقدان إسرائيل لدورها الوظيفي وسقوط وانحسار المشاريع الأميركي وهزيمتها، وانهيار تحالفاتها الاقليمية وانحسار الدولية،  ولم تبادر المقاومة وحلفها لمغادرة حقبة الدفاعية المديدة على رغم توفر كل شروط وظروف الانتقال إلى الاستراتيجيات الهجومية،  واستمرت المقاومة باعتماد السياسات البراغماتية والتعايش وإدارة الحوار والصراع بالحسنى، وبالحكمة مع أبناء الوطن لا ضعفاً بل أملاً بالخلاص بأقل قدر من الخسائر والتوترات. ولم تتردد في لجم العدو واستعراض قوتها وهز أصبع السيد في وجه إسرائيل، وعندما حان الوقت وصارت الدفاعية والمداورة والصبر والبصيرة خطراً عليها وفرصة للآخرين لبيعها وبيع السيادة والثروة وتفويت الفرصة، ومثلت حافزاً للعدو ولأذنابه للتطاول ولارتكاب الخيانة الوطنية والتفريط بالسيادة والقرار الحر وبالحقوق والثروات. حزمت المقاومة أمرها وأعلنت جاهزيتها، وقالت الأمر لنا وسلاحنا ليس فئوياً ولا مناطقياً، وتضحياتنا ليست للدفاع عن سورية ولا لتأمين إيران والنووي وتخليق توازن قوى اقليمي ودولي، في غير صالح أميركا وإسرائيل فحسب بل هو السلاح عينه لإطعام الجوعى وانتشال الفقراء، ولتأمين النور للمنازل والطاقة للمؤسسات والمشاريع والعلم والدواء للأطفال وللعجزة، ولتأمين القدرة على رد الودائع والتعويضات وتحسين الأجور، فعند لقمة الخبز والنور، تسقط المحرمات، فكيف وأبناء وأهل الحرام من المنظومة اللصوصية لن ولم يرتدعوا عن بيع البلاد وثرواتها وحقوقها وسيادتها بوضح النهار ولحماية أنفسهم وأرصدتهم…

لقد حان زمن الفعل، والانتقال إلى الهجومية، فالظروف مؤاتيه والتطورات والتحولات من صنع تضحيات المقاومة ومحورها، وقد خاضوا كل الحروب وفروعها وبأسلحتها وحصدوا وراكموا الانتصارات…

هكذا بإطلالة واحدة وببضع كلمات وبحزم وهزة أصبع نقل السيد نصرالله الأمور من حال إلى حال فعلى ماذا يتكل؟ ولماذا الآن؟
١- استنفذت المنظومة والنظام وحلفاء إسرائيل والعاملين بإمرة السفيرة الأميركية في لبنان كل الأوراق والطرق، وخسروا الجولة وانتهت الرهانات على الانتخابات النيابية، وقال الشعب بأكثريته رأيه وفوض المقاومة وكتلتها بالأمر، وتالياً اختل التوازن الداخلي وحسم أمره واختبرت الوفاقية والتوافق كل فرصها وشروطها…
٢- إسرائيل في أيامها العجاف وبأزمة كارثية متعددة المستويات وجودية وسياسية واقتصادية، وافتقاد الحلفاء وسقوط كل عناصر القوة والسطوة التكتيكية والاستراتيجية، والشعب الفلسطيني في الضفة وفلسطين الـ48 عاد إلى الانتفاض والسلاح، والكيان الصهيوني في حالة رهاب من غزة ومن العمليات في فلسطين ومن جبهة الشمال والشرق.
٣- المقاومة انتصرت في المعارك بين الحروب واستعرضت مسيراتها وأسقطت وهم القبة الحديدية وأسلحة الدفاع الجوي الأميركية والإسرائيلية، وباتت قادرة بخبراتها على تحويل صواريخها إلى دقيقة وصواريخها في الأرض والبحر مختبرة، وتتابع لاختبار منظومات الدفاع الجوي، بينما فشلت مناورات إسرائيل وتصاعد التشكيك بقدرات جيشها وجبهتها الداخلية.
٤- أميركا والاتحاد الأوروبي في أزمات كارثية وقد أشعلت الحرب الأوكرانية أزمات الدول والحكومات وتضع اقتصاد ووحدة أوروبا على مفترق الطرق القاتل.
٥- أميركا مهزومة وتنحسر وعلامات شيخوختها كثيرة لا تعد ولا تحصى، والأزمة عنيفة بنيوية وتاريخية غير مسبوقة تهدد بانهيار النظام والمنظومة وبتشققات عامودية تشتعل نارها وتقترب من لحظة التغير الحدي في الانتخابات النصفية، التي يتوقع المراقبون، وتقول الاستطلاعات بتسونامي ترامبية، ولا يستبعد العارفون والباحثون انقلاب دستوري يطيح بالحزب الديمقراطية ويأخذ أميركا إلى جديد لم تعرف بعد حدوده وأبعاده.
٦- وانفجر الصراع بين إسرائيل وروسيا وسقطت تنظيرات أن الوجود الروسي في سورية لحماية إسرائيل، وليست الصين بحاجة إلى إسرائيل ولن تتحمل كلفتها الباهظة، ولم يعد لإسرائيل من يقاتل عنها ويمولها ويحميها حتى دول الخليج تمردت على أميركا وإملاءاتها وتطلب ود إيران والصين وروسيا.
٨- ويتحول شرق المتوسط ولبنان في قلبه بل محوره إلى الفاعل الأكثر أهمية في تأمين النفط والغاز لأوروبا وتخفيف العبء عن أميركا، وليس من مصلحة أميركا والأطلسي المأزومتان إلى حد التخمة لحرب أو لوقف صادرات النفط والغاز، وتمكين محور المقاومة وحلفه الأوراسي لإعادة صياغة معادلات القوة والنفوذ والتمكن في المتوسط والأوسط الكبير، امتداداَ لأسيا وجنوب غرب أوروبا.
٩- وشركة إنيرجي صاحبة سفينة الشفط وشركات التأمين ليست بوارد الخسائر المهولة لتأمين التعنت الإسرائيلي وإرضاء أوهام متطرفيها، فالرأسمال جبان فحيث تكون الأزمات واحتمالات الخسائر يهرب بجلده.
١٠- والمقاومة قرنت القول بالفعل أنذرت وفعلت وأشعرت الجميع بأن النار باتت قريبة جداً من برميل البارود والمسافة أيام وأسابيع معدودات لا أكثر.
١١- زيارة بايدن الفاشلة أكدت بأن التحولات عصفت بالنفوذ الأميركي، وبات الكل يتخلى عنها ولم يعد أحد يتحمل بلطجتها، بينما زيارة بوتين لإيران والقمه الإيرانية الروسية التركية، رسمت خطوط جديدة وأطلقت مؤشرات المستقبل لمن يكون.
كيفما قرأت موازين القوى والتطورات، وكيفما نظر إليها فالنتيجة صارخة وصاعقة، والظروف كلها تعمل لصالح لبنان وخيار المقاومة وفرض الحق وانتزاعه فأين لإسرائيل من نفر.
غداً السلاح يحرر ويحمي ويطعم ويؤمن من جوع.

يتبع…

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى