
لبنان والعراق أزمات تكوينية والمراوحة بين الفوضى والحرب الأهلية
أجواء برس
كتب ميخائيل عوض
الوضع الراهن ومعطياته المادية المؤسسة:
أنشأ بريمير دستوراً للعراق مشتقاً من الدستور اللبناني “محاصصة” لتشكيل بيئات حامية لمافيات الفساد وشراكات تعطيل الدولة المركزية وتفتيت الوحدة الوطنية، لتسهيل السيطرة والتدمير وتوفير بيئات الاحتراب الأهلي المستدام.
في لبنان كتل اجتماعية – طائفية- أقامت دويلاتها في دولة كونفيدرالية طوائف ومذاهب اختصرتها الزعامات وتوارثتها ولم تتغير توازناتها إلا بالحرب- بجولات العنف لشدة إحكام منظومتها المافيوية اللصوصية.
في العراق جرت محاولات لاقامة دولة كونفيدرالية طوائف- مذاهب- قبائل- واثنيات وما زال العمل جارياً.
في العراق ولبنان- تدخلات خارجية وطوائف وأحزاب تعيش بالدعم الخارجي.
في العراق ولبنان جرى اتفاق تفاهم ادارة مصالح أميركية- ايرانية وعندما مزق ترامب الاتفاق النووي واعلن الحرب على اذرع ايران في العراق والاقليم تحركت الازمات واشتدت.
في لبنان والعراق الدولة مخترفة، ف أميركا تعرف وايران تعرف.
في العراق ولبنان في تشرين 2019التهبت تحركات شعبية تطالب بالانتخابات المبكرة وبتغير التوازنات، وبمحاربة الفساد وضد الكل. فالكل يختصر النفوذ الايراني في الدولة والمجتمع والثورات الملونة وسيلة أميركا ا لتغير الدول والنظم والسيطرة باسم المجتمع المدني التي تدير منظماته اجهزة استخبارات مسنودة بالقوة والنفوذ.
في لبنان والعراق ازمات بنيوية: فالكيانات فقدت وظائفها، وازمات نظم، وحكم، وانهيارات اقتصادية اجتماعية، ونذر الفوضى والحروب الاهلية، وانتخابات وتغير توازنات كمقدمة لتغير تركيب المنظومات والمؤسسات وتوازنات القوى فيها.
الا انه بين لبنان والعراق خلافات وتباينات جوهرية: فحزب الله، والثنائي الشيعي والكتلة الشيعية في موقف وموقع وتاريخ مختلف عن العراق، هناك لادور لها في حروب التحرير وعندما شاركت في الحرب على قوى الارهاب- داعش خاضتها تحت مضلة التحالف ال أميركي وباسناد ناري منه وجرت العمليات على وقع مخططاته واستهدافاته.
في لبنان المقاومة الاسلامية قاتلت بمفردها وبخطتها، ولاهدافها، وبروحيتها، واسهمت محوريا في هزيمة الارهاب وقواه وحررت الجنوب من الاحتلال الإسرائيل وامنت توازنات رادعه لإسرائيل وحلفائها.
في العراق الكتلة الشيعية احتربت وهي على عتبة حرب اهلية جديدة بعد الانتخابات ونتائجها الصادمة للحشد الشعبي وتحالفات ايران.
في لبنان حزب الله والثنائي والكتلة متماسكون وقادرون على تحصين الاكثرية في البرلمان وزيادتها الى الثلثين زائد بما يعطيها فرصة لتعديل النظام والدستور ان حصلت الانتخابات. وليس لحزب الله دور في الدولة وليس للمقاومة من مساوئ او تهم بالفساد والنهب، فلم تشارك في الحكومات إلا هامشياً واكتفت بما لها من اموال اسناد ايرانية ومن الحوزات فائضة وتزيد.
في العراق جرت الانتخابات وستعلن رسيما لينتقل العمل الى محاولات التفاهم واو الاحتراب. والاحتراب سيكون مرة ثالثة بين الكتل الشيعية، وليس من افق لحرب سنية شيعية فقد وقعت، وكذا الحرب العراقية- العربية الكردية اتمت واجباتها وانتهت فرصها ما لم تنجح أميركا في مشروعها لاقامة كردستان الكبرى في تركيا- العراق وقد تحاول في ايران وسورية حيث لا قضية قومية كردية بالقدر التي هي قضية جاليات يمكن احتوائها.
في لبنان الامور تسير سريعا الى التازم واحتمالات الفوضى العارمة مرجحة وتوصيفها جار على انها حرب اهلية وهي ليست بحرب اهلية.
ازمات تتزاحم اكبر واعنف من ان يتم احتوائها: فبيروت نسفت من احد اعمدة اقتصاد لبنان “المرفأ” وهذه تزيد في ازمة الكيان ووظائفه، والمصارف نسفه اصحابه.
والتحقيق العدلي اصبح ازمة بذاته وسببا في المزيد من التوترات والاخطر انه تحول الى ازميل يحفر عميقا لتفكيك العلاقات بين حزب الله والرئيس عون والتيار الوطني الحر، وبذالك تتعمق الازمات وتتفرع عناصرها لتضع البلاد والمؤسسات والدولة والانتخابات امام اختبارات قاسية واحتمالات الفراغات والانهيارات، وقد تثبت من ان القاضي العدلي المشكوك بتسييسه للتحقيقات، محسوب على الوزير جبران باسيل ويستهدف حلفاء حزب الله امل- وتيار المردة استجابة لثارية الوزير باسيل وهذا ما يفهم من كلمة السيد حسن نصرالله المطولة التي انشأ عبرها قضية ضد القوات اللبنانية والسفيرة شيا، والدكتور جعجع، واشار الى وفاء الوزير فرنجيه في تامين انتخاب عون التي عطل حزب الله الرئاسة حتى توفرت شروط ترئيسه وكانها رسالة حاسمة واضحة وبناء قضية ايضا في وجه جبران باسيل وعون واللعبة الخطيرة بمصير القضاء والتحقيقات وانفجار المرفأ.
قرار الثنائي الشيعي واشتراطاته لحضور جلسات الحكومة عطلتها، وحولتها الى تصريف الاعمال ومن غير المستبعد استقالتها، بينما المصارف والحاكم واصابع شيا في الدولة عاملة بدأب على تسعير الاختناقات الحياتيه والدولار والغلاء الفاعش، ومن الاهداف المرجوة: انهاء ايجابيات قطار السفن الايرانية للمشتقات النفطية التي بدأت تتحول من ايجابيه الى خطوة بلا قيمة عملية مع الارتفاعات الهائلة في سعر المحروقات وسعر الدولار وتحرر الحكومة من اية التزامات.
المفاوضات مع صندوق النقد بطئية، ومرتبكه، والحكومة ووفدها والمصرف المركزي بلا عناصر قوة ومع حكومة تصريف اعمال- مستقيلة لا امل باموال تاتي بالسرعة الكلية لتامين الاستقرار والاحاطة بالازمة بالحد الادنى.
الانتخابات النيابية دخلت طور التازيم ومن عناصر الازمات التي قد تتصاعد فقد سددت ضربة اضافية لجبران باسيل في تعديلات قانون الانتخابات في المجلس والاتجاه لردها من رئيس الجمهورية والزمن يمضي سريعا دون اتفاق على قانون الانتخابات ودون اموال صندوق النقد، ومع توترات شارعية عاصفة شكل كمين الطيونة عاملا مفجرا لتسريع الفوضى، واشتباكات وادي الجاموس في عكار بخسائر موازية لضحايا وجرحى كمين الطيونه.
اتجاهات التطورات المستقبلية ترتسم على النحو الاتي:
– التحقيق العدلي الى التعطيل والتاجيل فاقالة القاضي بالوسائل القانونية وبالتوازنات السياسية معطلة، وبالاسناد ال أميركي الاوروبي والتلويح بالعقوبات وبوقف التفاوض مع سيدر وصندق النقد عامل لصالح تثبيت القاضي وتدوير الزوايا ومحاولات الالتفاف من رئيس الحكومة والاخرين تسقط امام التهديد بالعقوبات فجميعهم وضعوا رقابهم في المشنقة ال أميركية- الاوروبية.
– التحقيق بكمين الطيونة يتقدم ويتجه لتثبيت التهمة على القوات اللبنانية واستدعاء الدكتور جعجع قد يصير القشة التي تقصم ظهر البعير وتاخذ البلاد الى الفوضى الامنية ومحاولة فرض الاشتباك الشيعي- المسيحي لتتسارع الاحتكاكات الامنية والتحرشات وتجول في طول البلاد وعرضها وحيث الفريقين يتجاوران، ومن غير المستبعد ان تدخل البلاد حقبة التصفيات الامنية والاغتيالات والتفجيرات.
– تقصدت الحكومة ووزارء فيها اللعب بسعر الدولار وبالمواد الملتهبة ورفع اسعارها بشكل جنوني لاضرام النار في الهشيم ونار الازمات الاقتصادي والاجتماعية تضرب كل اللبنانين وتشكل بيئات وافرة لتسارع عوامل وعناصر الفوضى فلا المنتسبين للقطاع العام ولا المنتسبين للمؤسسة العسكرية قادرون على اداء الوظائف بالشكل المرضي وعليه فالدولة وقواعد ارتكازها اصبحت مهددة بالتعطيل والعصيان الوظيفي بفعل جائحة الجوع ليس الا.
في امر الانتخابات: تتجه المعطيات الى ترجيح احتمال عدم حصولها في مواعيدها للاسباب المذكورة اعلاه ولعدم رغبة ال أميركي بخسارة اضافية في معركة قرر حزب الله ان يخوضها بكامل عدته ولياقته وعديده وقدراته والاستطلاعات تؤكد خسارة الطبقة السياسية وافرعها الموالية لاميركا والاوربيين لحساب الثنائي الشيعي ومرشحين محللين سيجدون كل الاسناد من الثنائي لتنتج الانتخابات غلبة للثنائي وتحالفاته المحلية والفردية وتنكسر حملة السفيرة ال أميركية وتخسر في البرلمان ما يحفزها لمنع حصولها وكذا اركان المنظومة والطبقة وكتلها الكبيرة التي تدرك انها ستخسر وجودها ومكانتها، فبديل عدم اجراء الانتخابات:- اما تمديد مزدوج للرئيس والبرلمان او لا انتخابات وعدم حصول الانتخابات يدخل البلاد في ازمة دستورية متقاطعة مع ازمة الفوضى وانهيار المؤسستين الحاملتين للدولة وتاليا يصبح الذهاب الى مؤتمر تاسيسي لاحداث تغير حدي في النظام والدستور او الفوضى العارمة لا الحرب الاهلية هي البدائل الموضوعية لتتحقق تحذيرات الرئيس ماكرون بان الكيان في خطر الزوال والنظام افلس ولا بد من ميثاق وطني جديد وإلا..
بين الشياح وعين الرمانه توترات مشغولة عن سبق تصور وتصميم وبهدف مصادرة الازمات بالحروب الطائفية والمذهبية والانغلاقية ومحاولات تشريع التقسيم واو الكونفدرالية الدستورية، الا ان موازين القوى، واصرار الثنائي الشيعي والتزام حزب الله وتاريخه ومصالحه ستحول دون العودة الى خطوط التماس وتعجز القوات اللبنانية عن فرضها والاستيلاء على الجمهور المسيحي وبديل حرب خطوط التماس ستصير الفوضى العارمة والحروب الامنية والتصفيات والحصارات والتجويع.
تبقى منطقة الشمال عرضة لكل الاخطار والاحتمالات ولا يبدو امرا عابرا ان تشهد تصفيات واشتبكات مناطقية وبين العائلات والجماعات وتضربها الفوضى بقوة واولا وقد كشفت الكثير من التقارير عن انهيار الامن والدولة وهيبتها في عكار وتمتد الى طرابلس والمناطق الاخرى.
باختصار شديد:
لبنان دخل حقبة الفوضى– التوحش- استخدام السلاح والجوع، ومحاولات اعادة انتاج الحروب المذهبية والطائفية لا تتوفر لها الشروط والظروف والقوى والقضية.
حزب الله – الثنائي الشيعي اعلن الحرب على النفوذ ال أميركي في الدولة والمؤسسات وهذه معركة قاسية سينتصر فيها لكن على ركام الدولة والاستقرار والسلم الاهلي.
اعلن الحرب على القاضي العدلي ولن تتوفر له شروط قانونية وبيئات وتوازنات لانتاج تسويات وحلول ترقيعية وتستمر المشكلة لتعطل التحقيقات وتضيع الحقائق بين شقوق الصراعات وبين الحلفاء امل والمردة – عون باسيل.
القضية ضد القوات والدكتور جعجع قد توفرت شروطها وعناصرها واعد لها جيدا حزب الله والتزمها السيد حسن نصرالله شخصيا فمستقبل القوات اللبنانية اصبح على المحك وحرب حزب الله على النفوذ ال أميركي في الدولة ستزيد من التوتر مع القوات وحلفائها.
الفوضى والاحتراب الاهلي- للتوحش باشكال جديدة غير التي عاشها لبنان في محنته الكبرى، وبلا خطوط تماس وتقسيم واقعي وسيطرة لدويلات محورية، ستكون بديلا لكونفدراليات الطوائف في الدولة.
الازمة الاقتصادية الاجتماعية هي البيئة الاساس التي توفر شروط الفوضى والاحتراب والفقر، ولا حل للازمات دون علاجها وعلاجها بات مستحيلا دون الاطاحة بالطبقة- المنظومة ونظامها. فالبلاد امام بديلان محتملان: اما انقلاب القصر- الثنائي الشيعي وهذه تتراجع حظوظها مع اشتباك التحقيق العدلي او بحكومة انتقالية انقاذية بصلاحيات تشريعية وهذه تحتاج لتفاهمات عميقة بين – حزب الله والمؤسسة العسكرية والقطاع العام وهذه تشوبها الكثير من العقبات.
ما هو سائر اليه لبنان يسير عليه العراق مع فوارق في القوى وتوازناتها والفوضى وحروبها ففي العراق ستكون بيئتها الكتلة الشيعية وستكون حربا شيعية- شيعية ويزيد فيها تسريع الانسحاب ال أميركي من العراق ومن الاقليم فالمخطط ال أميركي يستهدف ايرن باستنزافها في الداخل والخارج والعراق احد البيئات الاكثر قابلية، والرد المحكم لحلفاء سورية على القصف الإسرائيلي من الجنوب ومن حماياته قاعدة التنف على قاعدة التنف مؤشر اضافي على تصاعد التوترات والصراعات وعلى امتلاك محور المقاومة بين لبنان والعراق لمخرج من الازمات يكمن في تصعيد الاشتباك مع ال أميركي نفسه ولو استدرج اشتباك مع الإسرائيلي فيد المحور هي العليا وقد تصير الحرب مهربا ومخرجا من الانفجارات الداخلية والازمات الكارثية.
نظم وجغرافيا من نواتج الحرب العاليمة الاولى فقدت مبرراتها واسباب نشوئها ووظائفها فالفوضى ضاربة الى ان يؤتي الله امرا كان مفعولا والعاصفة تضرب في العراق ولبنان ونظام المحاصات والتوافقات الاقليمية والدولية لم تعد تعمل عناصرها، والحرب على ال أميركي ولو ادت الى حرب مع الإسرائيلي بين الحلول والمخارج الكبرى التي تتقدم عناصرها.