البطارية “الكمومية” هل ستستخدمها الشركات في السيارات الكهربائية؟

أجواء برس

يزيد الاعتماد على السيارات الكهربائية في العالم وتعد هذه الخطوة شكلا من اشكال التحول من مصادر الطاقة التقليدية الى المصادر المتجددة والنظيفة.

فيما يشهد هذا القطاع تناميا متصاعدًا، حيث بيع في أسبوع واحد من 2021 ما بيع طيلة عام 2012 من سيارات كهربائية، وبلغت مبيعات هذا القطاع في العام ذاته 6.6 ملايين سيارة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف حصتها السوقية مقارنةً بالعامين السابقين له، 2019 و2020، وفق تقديرات الوكالية الدولية للطاقة.

ولكن على الرغم من ذلك التنامي، تواجه السيارات الكهربائية تحديًا صعبًا، يتمثل في سعة البطارية وبطء عملية شحنها؛ إذ تستغرق إعادة الشحن الكامل للسيارة الكهربائية في المنزل حوالي 10 ساعات، أما في محطات الشحن السريعة فتصل سرعة أجهزة الشحن فيها إلى قرابة 20-40 دقيقة.

و من جانبه يقول أحمد حسين الفقي، أستاذ آلات الاحتراق الداخلي في المعهد التكنولوجي العالي بمدينة العاشر من رمضان المصرية: “إن انبعاث الغازات السامة من محركات السيارات التقليدية يدفع العالم إلى التوجه نحو السيارات الكهربائية التي تواجه صعوبةً في تقليل مدد الشحن، لذا فإن النجاح في تقليل مدة الشحن ستتبعه زيادة في سعة البطارية، ما قد يحل واحدًا من أكبر تحديات صناعة السيارات الكهربائية”.

كما ولتحقيق تلك المعادلة الصعبة، بحث العلماء عن إجابات لها في فيزياء الكم، بغية الوصول إلى آليات جديدة من أجل شحن البطاريات بمعدلات أسرع، وفي ورقة بحثية حديثة نشرها علماء مركز الفيزياء النظرية للأنظمة المعقدة، التابع لمعهد العلوم الأساسية (IBS) في كوريا الجنوبية في دورية فيزيكال ريفيو ليترز Physical Review Letters، اقترح الفريق استخدام تقنية شحن أطلق عليها تقنية “العمليات الشاملة” للبطارية الكمومية.

اما ووفق المعادلات النظرية المقترحة، ستؤدي هذه التقنية إلى تسريع عمليات الشحن 200 مرة، مقارنةً بمعدلات شحن البطاريات الكلاسيكية الموجودة اليوم.

طريقة عمل البطارية الكمومية
حيث تستمد السيارات التقليدية الطاقة من احتراق الوقود الهيدروكربوني كالبنزين، على عكس السيارات الكهربائية التي تعتمد على البطاريات كوسيط لتخزين طاقتها، للبطاريات كثافة طاقة أقل بكثير من تلك التي توفرها الهيدروكربونات، مما أدى إلى مركبات كهربائية أولى ذات سعة منخفضة، ومع التحسُّن التدريجي في تقنيات صناعة البطاريات وصلت سعتها إلى مستويات مقبولة، مقارنةً بالسيارات التي تعمل بالوقود.

كما تختلف البطارية الكلاسيكية عن الكمومية لاحتوائها على قطبين كهربيين موجب وسالب ووسيط موصل بينهما، ولكن كلما زاد عدد الخلايا، تعقدت عملية الشحن وزاد الوقت اللازم لإتمامها، مما يحد من قدرات البطارية الكلاسيكية.

من جهته يشرح شعبان خليل -رئيس قسم الفيزياء بجامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا- مفهوم عمل البطارية الكمومية، فيقول: “تعتمد بالأساس على توليد حالة كمومية تُعرف بالحالة الأساسية قبل الشحن، وعند الشحن تتغيير الحالة الكمومية إلى حالة شديدة الإثارة، بهذه الطريقة يُفترض أن تحتفظ الحالة النهائية بطاقة يمكن استخدامها لاحقًا”.

كما يضيف: تشحن البطارية الكمومية بطريقة مختلفة تمامًا عن البطارية التقليدية، فهي لا تحتاج إلى أن توصل بمقبس كهرباء، لكن يمكن إثارة حالتها الأساسية باستخدام الضوء أو الليزر.

بالتالي فإن البطاريتين مختلفتان تمامًا، والقاسم المشترك بينهما هو القدرة على تخزين الطاقة، يمكن ربط مفهومي البطارية الكلاسيكية والكمومية، واستخدام الجزء الكمي من البطارية للشحن للاستفادة من الميزة الكمومية، والبطارية الكلاسيكية في التخزين.

ميزة الشحن الكمومي

لفهم ميزة الشحن الكمومي بشكل أعمق، نفترض أن لدينا بطارية كمومية مكونة من اثنين من البتات الكمية (أصغر وحدة ممكنة على مقياس الكم)، إذا كان البت الكمي كلاسيكيًّا، فإن أفضل طريقة لشحنه هي توصيل كلٍّ منهما بشاحن منفصل، بحيث ينتهيان من الشحن في الوقت نفسه، لكن تمنح الطبيعة الكمومية للبت الكمي إستراتيجيةً أفضل، إذ يمكن شحنهما عن طريق تشابكهما معًا.

بينما من خلال التشابك الكمومي، نحصل على مكوِّن نهائي واحد يمكن شحنه بسرعة أكبر من سرعة الشحن بالتوازي، ويعتمد مقدار السرعة الإضافية على عدد البتات الممكن ربطها معًا لتكوين كيان متحد، لذلك، كلما زاد عدد البتات الكمومية المكونة للبطارية، حصلنا على سرعة إضافية هائلة.

كما قدّر الفريق أن سرعة الشحن الكمومي الممكن لسيارة كهربائية نموذجية، تحتوي على بطارية مكونة من حوالي 200 خلية، قد يؤدي إلى تسريع عملية الشحن 200 مرة مقارنةً بالبطاريات الكلاسيكية، مما يعني أن اما وقت الشحن المنزلي سينخفض من 10 ساعات إلى حوالي 3 دقائق، يقول “خليل” الحائز جائزة الدولة التقديرية للعلوم 2020 في حديثه إلى “للعلم”: “تخزين الطاقة عملية مهمة، وتطبيق تقنية البطارية الكمومية على أرض الواقع قد يكون نقلةً هائلةً وفارقةً عالميًّا، ورغم النتائج النظرية للبحث إلا أن تسليط الضوء على هذا النوع من الأبحاث مهم”.

عبير شمص

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى