بحث معمق… عالم جديد يولد من الخاصرة…3/

بيروت تتألق وتمتشق خيار المقاومة وتؤكد محوريتها كزاوية ذهبية في مثلث صناعة تاريخ  البشرية وشقيقتها غزة تنتصر

 

ميخائيل عوض

حالما تمكنت أميركا من العالم باعتبار نظامها وقيمها ونموذجها وأخلاقيتها هي روح وخلاصة تجربة الرأسمالية وتجسدت فيها أعلى مراحلها بالليبرالية المتوحشة والمتعجرفة. انشغلت من فور إعلانها اخضاع العالم والتربع على نظامه متفردة بنهب روسيا والدول التي كانت في اتحادها السوفياتي والتي دارت بفلكها وسعت إلى تنصيب رجالها من الاولغارشيين والليبراليين على سلطات البلدان لتوفير شروط النهب الجشع وإفقار الأمم والشعوب، وتعظيم مكاسب الشركات الأميركية ولوبياتها خاصة لوبيات المال والمصارف وول ستريت، وبيروقراطية البنتاغون ودولة الأمن القومي والوكالات الأمنية، وعلى رغم انتفاء الاسباب الموضوعية لاستمرار حلف الناتو بعد سقوط وانهيار حلف وارسو وغياب اي تحد للهيمنة الأميركية إلا أن دولة الأمن القومي المتحالفة مع صناعة السلاح ولوبي المال، والشركات المتعدية الجنسية” لوبي العولمة”، ولإسناد الدولار كأخطر عناصر السطوة الأميركية وأدواتها لنهب الشعوب وثرواتها، لتأمين نمط الحياة الأميركية الاستهلاكية الفاجرة ولتأمين استقرار السيستم الأميركي “طباعة ورقة ال100 دولار تكلف 70 سنت وتشتري بها أميركا سلع مادية بقيمة 100 دولار”-هكذا وبهذا أمنت أميركا رفاه شعبها، وجاذبية الحياة الأميركية وفيها واقتنصت الخبرات والعلماء والمبدعين، على حساب شعوب العالم وسرقتهم باحترافية واستخدمت ثنائية وسائلها للسطوة والقهر بالحروب والعسكرة والدولار، واستمرت على طبائعها التي نشأت وشبت عليها، فافتعلت الأزمات والحروب والثورات الملونة ونفذت أخطر الحروب السرية والاغتيالات، وأعدت جيشها من مجاميع الإرهاب الإسلامية واستخدمتها حيث وجدت مصالحها، وأخضعت المنظمات الأممية ومنظمة التجارة العالمية والأسوق لصالحها ولفرض نمطها ونموذجها وقيمها في كل مكان، ونشرت قواتها وقواعدها وبحريتها أينما قررت وأقامت أكثر من 750 قاعدة عسكرية أساسية وآلاف المخابر والمراكز والمنصات الأمنية والبيولوجية، ومراكز ووسائل الإعلام والترويج والخبراء العسكرين والأمنيين.

اطمأنت إلى زوال التحدي السوفياتي، وغياب أي تحد آخر، وافترضت أن عالمها وأمركتها للعالم” العولمة” ستدوم وتدوم، وسعى منظريها ومراكزها لصناعة الأفكار لترويج مقولات نهاية التاريخ، واستدعت صراع الحضارات، والحرب على الإسلام لقيمه وقواعده في التحليل والتحريم، لتدمير القيم وتمرير منهجها الليبرالي حتى في المثلية الجنسية، وتفكيك الأسرة، وتدمير القيم والأخلاق والضوابط الاجتماعية، والقيمية والتضأمنية للاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي.

ولم يخطر ببال منظريها ولا أرشدت قيادتها شاشات الكمبيوتر إلى أن لله وللقدر والجغرافيا في خلقها شؤون، ولا تنبه خبرائها ودارسيها على رغم تفوق أدواتهم والذكاء الاصطناعي متقدم جداً عندهم، ولم تتنبأ اتهم وحواسيبهن أن العربية القديمة بشامها ويمنها وببرها وساحلها سنتنصب وتخوض الحرب العالمية العظمى، لتصحيح الخطأ وإعادة الأمور إلى طبائعها، فلا ينتصب العالم طويلاً على قدم واحدة، ولا خلقت الأرض والحياة إلا بثنائيات الخير والشر، الحرب والسلام، الجمال والقبح، الشيطان والملاك، أدم وحواء …..

سارت الأمور منذ 1982 غزو بيروت واحتلالها من قبل إسرائيل وبقيادة وتخطيط أميركا ومشاركة الناتو الذي انتدب قواته لبيروت من خارج نظامه ومهامه، ونهضت روح المقاومة في  العربية وبر الشام وساحلها على غير ما افترضته أميركا ومصانعها للأفكار والاستراتيجيات، وبدأت المقاومة فاعلة تتطور وتلزم إسرائيل بانسحابات متتالية من بيروت ثم من الجبل فالجنوب تحت ضربات المقاومة، التي تأسست وأسندت ودربت وسلحت من سورية وفيها وبإسناد نوعي من إيران، فكان أول نصر مشهود في حرب 1992 مع المقاومة الإسلامية، ثم في حرب 1996 وانجز تفاهم تموز الذي انتزعه المفاوض البارع حافظ الأسد، بينما صواريخ المقاومة التي تسلمتها من مخازن ومن مصانع الجيش العربي السوري تسقط في شمال فلسطين، وتنهي مبررات غزوة بيروت التي كانت تحت شعار سلامة الجليل، وعاد الجليل ميدان صليات صواريخ الكاتيوشا وفلسطين ميدان انتفاضة الحجارة والعمليات الاستشهادية التي ابدعت فيها المقاومة في فلسطين، وردت على أوسلو وعلى قمم الاعتدال العربي مع إسرائيل وبحضور ورعاية الناتو وأميركا في شرم الشيخ واخواتها.

هدأ العالم واستكان بقاراته ودوله خائفاً أو مهادناً و صاغراً للهيمنة الأميركية،  فنهضت والتهبت الشام بساحلها وبرها واخذت تستعيد الزمام وتعود إلى وظيفتها الولادة والخلاقة، فقد خلقت الشام لتكون روح المقاومة وقلبها وقبضتها المرفوعة دائماً. فلم ترفع راية بيضاء قط كما وصفها شيخ المناضلين كاسترو عندما زار المسجد الاموي وقرأ مزامير الثورة والصمود على قبر صلاح الدين الايوبي.

تمسكت الشام وأسدها بالحق الوطني والقومي ورفضت مسارات التفاوض وقالت إن كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو سيسقطون، واسقطت 17 أيار  في لبنان، واسهمت بإسقاط سلطة الكتائب التي نصبها المحتل فوق دباباته، واشتبك سلاح الدفاع الجوي العربي السوري مع الطائرات الأميركية وأسقط بعضها، كما دمرت العمليات الاستشهادية مراكز المارينز والقوات الفرنسية في بيروت، وأنهت أولى وظائف الناتو خارج نطاق عمله ووظيفته وفر جنوده مذعورين من بيروت.

وانجزت المقاومة في أيار/ 2000 وظفرت بأعظم وأعز نصر تحقق كمعجزة في زمانه ومكانه وتوازن القوى، وأهدى السيد حسن نصرالله النصر لسورية وقائدها وجيشها ووصفه بجيش المقاومة، وبدأت مسيرة الانتصارات تتراكم وفصول ومعارك وحروب الحرب العالمية العظمى تجري في العربية وبر الشام وساحلها شمالها وبجنوبها اليمن ومع العرب والمسلمين.

هكذا تجلت وتألقت بيروت وأكدت أنها زاوية ذهبية لمثلث أسقاط وأو تعويم الامبراطوريات وصنعة تاريخ مستقبل الإنسانية.

غدا؛ انتصار ال2000 بداية عصر المقاومة ودق الأسافين في نعش أميركا وليبراليتها…

…يتبع

 

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى