
لبنان: منع التوحش والفوضى كمدخل للإنقاذ، نصف انقلاب نصف ثورة
أجواء برس – بيروت
تقرير: مخائيل عوض
لا بد من مبادرات شعبية اجتماعية خلاقة من خارج الصندوق.
الواقع ومعطياته
لا أمل يرجى من حكومة إن شكلت أو لم تشكل فقد سبق السيف العذل، المنظومة أفلست البلاد والعباد، ولا هم لها إلا سرقة ما بقي من ممتلكات الدولة والشعب والاحتياطي، وعينها -إن تمكنت من التشكيل- على الذهب، فقيادتها للأزمة بالفراغ أوصلت البلاد إلى الفوضى على عتبة التوحش.
الجيش ممنوع وعاجز عن الانقلاب وجل الاهتمامات أن يبقى موحداً وإلا ينفرط عقده مع المؤسسات الأمنية.
حزب الله أدى قسطه للعلى وقالها السيد، سنقدم ما توفر لنا وما استطعنا وسنخدم شعبنا بأشفار العيون، وأوحى أن الأمور خرجت عن السيطرة؛ اللهم اشهد أني قد بلغت – وليس في جعبته أو في جعبة عون والتيار مخرج أو قرار إنقاذي وإجراءات من خارج الصندوق والنص السائد.
المكلف كمصرف الأعمال والبرلمان كل يغني على ليلاه ويصرف الوقت الثمين بالحفاظ على الرأس وصلاحيات المذهب وقدسية المنصب بلا فاعلية أو جدية وبلا هموم وطنية وشعبية.
الموظفون مجبرون على العصيان فالراتب لا يكفي للوصول إلى الوظيفة، والأسعار وفقدان الضروريات إلى أخطر ما يكون، فالمؤسسات إلى العطالة والتعطيل بقوة الواقع وليس بإرادة ثورية، أو استجابة لدعوة عصيان وثورة، فالمطار يتعطل وقد يتوقف على الكهرباء والمازوت والأوراق والمحابر والجمارك توقفت بسبب الكهرباء والمولدات، ووزارة المالية على ذات المنوال وستزداد الحال سوءاً في كل الإدارات ومؤسسات القطاع العام والخاص وما تبقى من مصانع ومزارع ومؤسسات إنتاج وخدمية قد تصاب بذات الداء.
الشارع منفجر ومتحفز لكن لا برامج ولا قوى جادة موثوقة ولا خطط جادة وآليات.
هي الفوضى الموصوفة وستولد سريعاً التوحش، فالجيش والمؤسسات لن تقوى على أكلاف استمرار الانتشار وتكثيفه والسيطرة، فالعسكري الجائع لن يقمع أخاه وقد يعصى على الحضور إلى مركزه كالموظفين.
اقتراح الحكومة الإنقاذية – الانتقالية لم يجد صداه عند المعنين به، ولا تبلورت قواه ولم تتفق القوى والكتل الاجتماعية صاحبة المصلحة على آلياتها ووظائفها وطبيعتها ولا تشكلت قوى مجتمعية وازنة وحاملة للمشروع كخيار إنقاذي…
ما العمل؟ هل يمكن الإنقاذ؟ أو أقله تخفيف وطأة الفوضى وإدارة المجتمع وتنظيمه بالحد الأدنى لتلبية أبسط الحاجات والضروريات حتى يخلق الله أمراً كان مفعولاً؟
نعم يمكن
فالحياة لا تحب الفراغات، والفراغات تملؤها عصابات ومافيات وقبضايات أحياء وبلدات وقوى سياسية وأحزاب وأيضاً خلايا نائمة حان وقتها وتستطيع…
لا بد من التفكير والاجتهاد ومحاولة استنباط مخارج وحلول من خارج الصندوق والنسق، فاحتمالات الفوضى وانهيار الدولة والنظام بحسب الجاري ومعطيات الواقع هو السيناريو الراجح، فهل يكون الحل العاقل والمنطقي يقوم على صيغة جديدة غير مختبرة من قبل، لكنها ممكنة وبكل حال فمحاولة قد تنجح.
نصف انقلاب – نصف ثورة
الجيش إلى الإدارات والوزارات الحساسة الخدمية والأكثر أهمية؛ كالجمارك، المطار والمرافئ، الكهرباء والاتصالات، وزارة الصحة، والمالية والاقتصاد، فهو قوة منظمة وتراتبية ومتماسكة ولضباطه الاختصاصيين خبرة في مجالاتهم وانضباطية وتنظيم إداري محكم، والمؤسسة الأقل فساداً في الدولة لظروفها وطبيعتها ومهامها.
حزب الله، والأحزاب والتيارات والحركات الراغبة والجادة وكل من يسعى بما استطاعوا تأمينه من مشتقات نفطية ومواد غذائية وحاجات إنسانية وأدوية وضروريات.
الشعب وثورته وقطاعاته إلى الإدارة والتسيير الذاتي، فالبلديات لعبت دوراً مرموقاً في الضبط وفي مواجهة جائحة كورونا، ولها خبرات تمثل أساساً إلى جانب الفاعليات الاجتماعية والقطاعية صاحبة المصلحة، والمبادرات الشبابية والشعبية الاجتماعية والتطوعية، فتشكيل هيئات ولجان مبادرة شعبية، والشروع بتسيير وإدارات ذاتية بالتكامل مع الجيش والأمن لضبط التفلتان والأمن وتأمين آليات تنظيم وإدارة وتوفير وتوزيع المشتقات النفطية وتشغيل المولدات والكهرباء ومراقبة الأسعار والمخازن والصيدليات والأفران بالممكن والسعي لتأمينها بالحاجات والمواد، وتنظيم توزيعها بالعدل، والإشراف على تأمين وتشغيل المرافق الخدمية من مؤسسات كهرباء ومياه واتصالات وخلافها.
الموظفون والعاملون بالقطاع العام والخاص المبادرة إلى تجميع القوى وتنظيم الجهد والتطوع والمبادرة لإدارة المؤسسات الإنتاجية والخدمية بقاعدة التسيير الذاتي لتأمين ديمومتها وإنتاجيتها وتطويرها ما أمكن.
المبادرات والهيئات الشعبية والاجتماعية والمتطوعون قادرون على حماية وتأمين المؤسسات وأملاك الدولة والقطاع العام والخاص، وتنظيم العمل فيها بالحد الممكن لتلبية الحاجات بما تيسر.
كل ذلك لتمرير المرحلة الخطرة وإدارتها بأقل الخسائر والمخاطر، وبما يحول دون الفوضى وتحولها للتوحش والفلتان أو قيام سلطات الأمر الواقع للأحزاب والزعران والقبضايات، ويؤسس لتجربة يعتد بها تتمثل كمنصة للمساهمة بإنتاج قوة مجتمعية تحوز على شرعيات شعبية وثورية، حاملة لمشروع الخلاص وتجديد بنية النظام ووظائف الكيان، فالبيئتان الإقليمية والدولية الجاري تشكلها تجد من تناصره ومن تعمل معه وتعينه لإنتاج حل يعيد نظم وضبط الأمور وإنتاج توافق وطني وتعاقد مجتمعي على قواعد جديدة.
لنفكر معاً، ولنحاول بما في ذلك ابتداع اقتراحات وحلول من خارج الصندوق والنص السائد، وتقاليد المنظومة المافياوية وتوازناتها وصفقاتها ونظامها المفلس.
البلاد على عتبة ضياع وإن ضاعت ذهبت ولن تعود.
الإنقاذ يستحق وشعبنا يستحق فلنحاول ولنتداعى للبحث والعمل.
معاً نستطيع وقادرون
فالدولة التي تنهار دولتنا، والكيان الذي قد يتبدد هو لبناننا والفوضى والتوحش ستصيبنا ويدفع شعبنا ثمناً باهظاً.
شعبنا وبلدنا يستحقون التضحية والعمل الجاد واختبار الأفكار والحلول ربما نوفق بالإنقاذ وأو بتخفيف وطأة وآثار الانهيار والانفجار الاجتماعي.