الشهداء حملوا رؤوسهم على أكفهم.. لكي نحيا أحراراً أعزاء

كتب محمد حسن العرادي

لكل منا مفاهيمه وتفسيراته ورؤاه واهدافه وتطلعاته، بعضنا يذهب إلى الركون والاستكانة والانتظار، بعضنا يفضل البحث عن الأمن والأمان والاستقرار، فيما البعض منا يلجأ إلى الهروب والفرار من المسؤولية، لكن صنفاً آخر من الناس الأحرار يأخذ على عاتقه المبادرة والقرار، والدفاع عن الأحلام والحقوق والأرض والإنسان والأشجار والرمال والأحجار، ويأبى أن يقتلعه المحتلون الأشرار مهما كانوا مدججين بالسلاح والحديد والبارود والنار .

يحدث ذلك في فلسطين الحبيبة، أرض التين والزيتون والبرتقال والليمون التي إحتلها أبناء صهيون وعاثوا فيها فساداً وتنكيلا، يُرعبون ويُرهبون أبناء الوطن ظناً بأنهم سيخافون ويهربون ويتركون ورائهم مساكنهم وكل ما يملكون، وفي مثل هذه الأيام قبل خمسٍ وسبعون عاماً من الزمان أقدم الأشرار على تنفيذ المجازر والمذابح وأشعلوا الحرائق في كل مدن فلسطين، ارتكبوا أبشع الفضائع بدم بارد خال من الأخلاق والرحمة والإنسانية تحت الحماية البريطانية، وبمنتهى القسوة والعنف والوحشية قتلوا الرجال والنساء والأطفال من أجل أن يشيدوا دولة صهيونية ونظام فصل عنصري.

ورغم أن أغلب دول العالم وقفت إلى جانبهم ودعمتهم طوال عقود من الزمن، إلا أنهم لا يزالون غرباء عن هذا الوطن، يعرفون بأنهم في يوم ما سيرحلون ويتركونه لأهله الحقيقيين من ابناء فلسطين، الذين لا يزالون يتمسكون بترابه الطاهر، ولا زال العالم يعرفهم ويناديهم بالفلسطينيين، في كل مكان ينبتون ومن الطين والأحجار والجبال يخرجون، مع الأشجار والأزهار والأنهار يكبرون، لأنهم يعرفون لون الرمال ويعشقون الوديان والهضاب والأحباب والتراب لم يتمكن الصهاينة من اقتلاعهم من ارضهم، باقون فيها حتى يحين موعد النصر والتحرير.

في كل يوم يصمدون، يواجهون الموت والفناء والدمار والدماء بصدورهم العارية، يكتبون قصة عشقهم الأبدية بكافة اللغات والحروف الأبجدية، صامدون في غزة هاشم، لا يخافون من عدو غاشم، يقصفهم الصهاينة بالطائرات، فيردون عليهم بالصواريخ والراجمات، يسلط العدو عليهم المسّيرات تقصفهم، فيجبرونه على الإختباء في الملاجئ وتفريغ المستوطنات بصبرهم وعنادهم، رجال أشداء في طلب الحق والدفاع عن الوطن لا يهمهم من تنازل أو انهزم أو استسلم، لا تعني لهم صفقة القرن ومشاريع التطبيع شيئا أبداً فجميعها ستزول، لا يكترثون بالصمت الذي يتكاثر في البلدان العربية، ولا ينتظرون النصر والمؤازرة من أحد سوى أنفسهم وعشاق الحق والحرية.

أبطال… من النساء والرجال… يحملون رؤوسهم بين أيديهم فداءً لفلسطين، حين هاجمتهم الطائرات الحربية الأميركية، رفعوا أصابعهم بشارات النصر والصمود، رسموا على أجسادهم وفي جوههم نظرات الصبر والأمل بأن الفرج قريب، وَدَعوا أحبتهم مطمئنين بأن الأجيال الجديدة لن تنسى ولن تغفر أو تسامح، ولن تتنازل عن شبرٍ واحد من أرض فلسطين، فتحيةً لكم وألف رحمة وسلام عليكم أيها الشهداء الكرام، الذين ترجلوا عن صهوات جيادهم، وسلموها لفرسان جدد سيأتون من بعدهم يكملون المسيرة والنضال من أجل أن يحيا أبناء فلسطين احراراً أعزاء في وطنٍ لم يكن للبيع في يوم من الأيام ولن يكون إلا حُراً سيداً وصامدا ومنتصرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى