بعد إصدار فرنسا مذكرة توقيف دولية بحقه… هل ستحمي المنظومة اللبنانية كارلوس غصن

بعد قرابة الثلاث سنوات من فراره من اليابان نهاية 2018، أصدرت فرنسا مذكرة توقيف دولية بحق كارلوس غصن، رجل الأعمال اللبناني البرازيلي الفرنسي، وتتعلق المذكرة بأكثر من 15 مليون يورو من مدفوعات مشبوهة بين تحالف رينو ونيسان الذي كان يترأسه غصن، كما أوضح المدّعون في ضاحية نانتير في باريس لوكالة فرانس برس.

وقال المتحدث باسم كارلوس غصن المدير التنفيذي السابق لشركتي رينو ونيسان إن غصن فوجئ بتقارير إعلامية نُشرت في وقت سابق عن أن المدعين الفرنسيين أصدروا أمراً دولياً بالقبص عليه، وذلك على خلفية فراره من اليابان حيث كان يُحاكم بتهم عدة بينها التهرب الضريبي.
وقال المتحدث باسم غصن “هذا أمر مفاجئ… غصن تعاون دائماً مع السلطات الفرنسية”.
جاء رد المتحدث باسم غصن بعد أن ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” ووسائل إعلام فرنسية أن المدعين الفرنسيين أصدروا مذكرة توقيف دولية بحق غصن.

وسبق لغصن أن تحدث خلال مؤتمر صحفي نظمه في بيروت بعد وصوله إليها، عن “مؤامرة” ضده دبرها بعض مديري نيسان التنفيذيين الذين يخيفهم مشروع الاندماج مع شركة رينو، وذلك “بالتواطؤ” مع مكتب المدعي العام في طوكيو. كما نفى كل الاتهامات، ولكنه اتهم القضاء الياباني بأنه “منحاز”. وطالب غصن شركة نيسان وميتسوبيشي بتعويض قدره 15 مليون يورو عن ما يعتبره إلغاء تعسفي لعقده. كما بدأ معركة قضائية ضد شركة رينو للحصول على حقوق مهمة في التقاعد والأسهم.

وبعد فرار غصن من اليابان بطريقة سرية، ووصلوه إلى بيروت، حيث احتضنته المنظومة اللبنانية، وقام بحمايته جميع الساسة فيها، يعيش حالياً في قلب بيروت بنمط حياة هادئة كأي مواطن لبناني عادي، بل وأكثر بل صرح أكثر من مرة أنه يشعر أنه متجذر من لبنان، ولم يعد يحن الى حياة التنقل والأسفار التي كان يعيشها سابقاً، وبات ينظم الندوات ويناظر على الشاشات كأي مرجع اقتصادي محلي. ويجري المقابلات الصحفية بشكل عادي، ففي حديث قبل سنتين لصحيفة “لوريان لوجور” اللبنانية الناطقة باللغة الفرنسية، قال غصن إنه مرتاح في لبنان، ولكنه لا يفكر بخوض المجال السياسي. ربما لأنه محمي منهم على رغم تخاصمهم سياسياً إلا أنهم متفقون على حمايته، ولا يعتبرونه تحت إقامة جبرية.

يعتبر غصن “قدوة” نظراً لمسيرته المهنية الطويلة في عالم صناعة السيارات، ونموذجاً عن “الإبداع” اللبناني في الخارج، ومع هذا لم يلمح يوماً أنه قد يخوض المجال السياسي في الوقت الرهن، ومع هذا يبقى بعيداً عن اطلاق أي نوع من المواقف السياسية، ربما حصراً، أو لأن كل الساسة يقدمون له الرعاية والحماية، مع أن وضعه أشبه بالإقامة الجبرية، ضمن الأراضي اللبنانية، خصوصاً أن لبنان لا يسلم رعاياه إلى دولة أخرى لمحاكمتهم، ليبقى منذ فراره الغامض والمثير للجدل من طوكيو.

اعتبرت مجموعة العمل حول الاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة أن “حرمان” غصن من “الحرية” في اليابان كان “تعسفيا”. ورأت أن شروط وضعه قيد الإقامة الجبرية “كانت على ما يبدو صارمة بشكل استثنائي”. واعتبرت المجموعة المؤلفة من خبراء مستقلين لا يتحدثون باسم الأمم المتحدة ولا تُعد آراؤهم ملزمة، أن “الحل الملائم يكون بمنح السيد غصن حقاً قابلاً للإعمال قانونياً بتعويض وسبل إنصاف أخرى، تماشياً مع القانون الدولي”. ربما اقامته الجبرية التي فرضتها اليابان قد تعطله بعض الشيء.

وبهذه الإقامة تفرّغ غصن للكتابة حيث كتاباً بعنوان “زمن الحقيقة” كتبه مع صديقه الصحافي الفرنسي فيليب رياس، ليقدّم روايته الطويلة عن قصته، من دون أي نقد ذاتي أو كشف عن معلومات جديدة. كما شارك أيضاً في وثائقي مسيرته، من المفترض أن يتحول إلى مسلسل قصير عن حياته، ولم يذكر غصن إن كانت هذه الأعمال من إنتاجه.

القضاء الفرنسي

أما القضاء الفرنسي فقد استجوب كارلوس غصن العام الماضي من خلال وفد جاء الى بيروت، لأنه يشتبه في أن غصن استفاد شخصياً من اتفاق أبرم بين رينو والمؤسسة التي تدير قصر فيرساي بتنظيمه أمسيتين لمناسبتين خاصتين. وكذلك النظر في قضية مدفوعات مشبوهة تبلغ قيمتها ملايين اليوروات بين شركة “أر أن في بي” الفرع الهولندي لتحالف رينو ونيسان وموزع شركة تصنيع السيارات الفرنسية في سلطنة عمان “سهيل بهوان للسيارات”.

وقال محامو غصن الثلاثة وهم كارلوس أبو جودة وجان-إيف لو بورني وجان تامالي، في بيان إن “فريق الدفاع سبق أن وجد في القضايا الفرنسية عيوباً إجرائية يعتبرها خطرة”. وأضافوا أن هذه العيوب “التي تضعف الآلية القضائية، تنبع من الأساليب الغريبة المعتمدة في التحقيق الياباني الذي يبقى المصدر الرئيسي للملفات الفرنسية”.   وأكد المحامون أن قطب صناعة السيارات السابق البالغ 67 عاماً “الذي يُستمع إليه كشاهد، ليس لديه أي إمكانية للطعن بقانونية الإجراء”.

وقالت محكمة في أمستردام في بيان إن غصن لم يكن يستحق المبالغ التي تسلمها “لعدم وجود أي عقد عمل بينه وبين الشركة” التي تسيطر عليها شركة هولندية قابضة.

وأوضحت المحكمة أن العقد السابق الذي بدأ في تموز/يوليو 2012 انتهى في نيسان/أبريل 2018 وعلى غصن الآن إعادة الرواتب التي تقاضاها بين نيسان/أبريل وتشرين الثاني/نوفمبر 2018 أي حوالي خمسة ملايين يورو.

وبعد إصدار المحكمة الفرنسية قرارها الأخير، يترقب الجميع ما سيحل بقضية كارلوس غصن العالمية، ليتبين لاحقاً براءته أو ادانته بشكل نهائي.

وكالات

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى