تطوير النظام الانتخابي في البحرين -1

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

بعد أن عبرت التجربة الانتخابية في البحرين عنق الزجاجة، ولم يعد يُخشى عليها من الانتكاسة او التراجع، حان الوقت لتطوير النظام الانتخابي في البحرين من أجل تحقيق تمثيل أكثر مصداقية للمواطنين، بعد أن شكل التقسيم الحالي للدوائر الانتخابية نوعاً من التقسيم الطائفي، وساهم في إيصال نواب يفتقدون إلى الكفاءة بسبب التنافس المبني على الانتماءات الدينية والعرقية أكثر مما هو قائم على الكفاءة والجدارة البرلمانية، وامتلاك البرامج والمشاريع السياسية القائمة على رؤى وطنية واضحة.

لقد تكرر المشهد البرلماني في دورات عديدة بشكل رتيب، حتى أصبح وجود النواب وتأثيرهم محصور في حضور جلسات المجلس، أو المشاركة في الزيارات البرلمانية ضمن الوفود التي تجوب العالم لحضور المؤتمرات واللقاءات، إضافة إلى الاجتماعات الدورية المعتادة للجان المجلس، والتي لم يُسفر عنها سوى المزيد من الجولات الكلامية والاحتداد الفارغ من المضمون، واذا كانت الفصول التشريعية الأول والثاني من مجلس النواب قد شهدا نوعاً من التنافس على طرح بعض المشاريع ذات الصبغة السياسية والبعد الاجتماعي والاقتصادي، من خلال حضور النواب الذين وقفت خلفهم وإلى جانبهم كتل وتيارات سياسية وازنه، فإن غالبية النواب الذين جاءوا إلى المجلس في الفصول التشريعية التالية كانوا نواب الصدفة من قبيل سد الفراغ.

واذا كان مطلوباً تفعيل مجلس النواب وجعله أداة حقيقية تعبر عن رأي المواطنين الناخبين وإرادتهم، فإن النظام الانتخابي برمته بحاجة إلى تعديل وتجديد وليس فقط إعادة توزيع الدوائر بشكل أكثر تمثيلاً، من هنا فإننا ننادي بالاستفادة من التجربة البرلمانية الأردنية التي تقوم على وجود غرفتين الأولى تمثل النواب المنتخبين (مجلس النواب) والثانية تمثل الأعضاء المعينين (مجلس الشورى) على أن يكون عدد أعضاء مجلس النواب ضعف عدد أعضاء مجلس الشورى، الأمر الذي يحتاج إلى إجراء تعديل دستوري يرفع عدد أعضاء مجلس النواب إلى 60 عضواً، ويخفض عدد أعضاء مجلس الشورى إلى 30 عضوا، وهو ما يعني زيادة عدد أعضاء المجلس الوطني بمقدار 10 نواب فقط، مع مراعاة تخفيض المكافآت التي يحصل عليها كل عضو من أعضاء المجلس الوطني، بما يحافظ على الميزانية الخاصة بالمجلس من دون أي زيادة تذكر، لكي لا تزداد الأعباء المالية على الميزانية العامة.

من جهة أخرى فإننا نقترح إعادة تقسيم الدوائر الخاصة بمجلس النواب إلى دائرة وطنية و4 دوائر محلية (حسب عدد المحافظات)، بحيث يراعي النظام الجديد توفير فرص أكبر للكفاءات والكوادر الوطنية للتنافس فيما بينهم من أجل تعزيز المشاركة الشعبية، وبشكل محدد فإننا نقترح ما يلي:
أولاً : الدائرة الوطنية الكبرى: تتكون الدائرة الوطنية الكبرى من 20 نائباً يتم إنتخابهم على مستوى الوطن، ويحق لأي مواطن كامل الأهلية التقدم للترشيح في هذه الدائرة، على أن يخصص من بين أعضاء هذه الدائرة مقاعد خاصة للمرأة وأخرى خاصة بالشباب (بين 25 – 35 سنة) وفق ما يلي:
1- يخصص %20 من مقاعد الدائرة الوطنية للمرأة بما ينتج عنه وصول 4 نساء إلى مجلس النواب من هذه الدائرة.
2- يخصص %20 من مقاعد الدائرة الوطنية للشباب بما ينتج عنه وصول 4 شباب إلى مجلس النواب من هذه الدائرة.
3- يخصص %60 من مقاعد الدائرة الوطنية للتنافس الحر بما ينتج عنه وصول 12 نائباً يمثلون الوطن إلى مجلس النواب.
4- يجوز للتيارات والجمعيات والكتل السياسية تشكيل قوائم انتخابية تتنافس على مقاعد الدائرة الوطنية، شريطة الالتزام بالكوتا النسائية وكوتا الشباب.
ثانيا: الدوائر المحلية (دوائر المحافظات): يعاد توزيع المقاعد الأربعون المتبقية حسب الثقل السكاني لكل محافظة، بحيث يُثبت العدد المقرر من المقاعد لكل محافظة كما هو معتمد الآن، شريطة أن يجري التنافس على هذه المقاعد بشكل مفتوح وليس حسب الدوائر الفرعية (تتبع الالية المعتمدة في انتخابات الدائرة الوطنية)، أي أن جميع المواطنين المؤهلين للترشح يحق لهم التقدم لهذه الانتخابات حسب المحافظة التي ينتمون اليها، وليس حسب الدائرة الفرعية، أي أن النواب المنتخبين من الدوائر المحلية يمثلون المحافظة وليس الدوائر المناطقية، على أن يجري تقسيم هذه المقاعد لضمان وصول المرأة والشباب بنسبة 20% لكل فئة في كل دائرة محلية وفق مايلي:
1- محافظة العاصمة:
ويمثلها (10 نواب) يخصص من بينها 2 مقعدين للنساء ومقعدين للشباب، ويترك 6 مقاعد للتنافس المفتوحة بين المرشحين في الدائرة.
2- محافظة المحرق
ويمثلها (8 نواب)
يخصص من بينها 2 مقعدين للنساء ومقعد للشباب، ويترك 5 مقاعد للتنافس المفتوح بين المرشحين في الدائرة.
3- محافظة الشمالية
ويمثلها (12 نائباً) يخصص من بينها مقعدين للنساء وثلاثة مقاعد للشباب، ويترك 7 مقاعد للتنافس المفتوح بين المرشحين في الدائرة.
4- محافظة الجنوبية
ويمثلها (10 نواب) يخصص من بينها مقعدين للنساء ومقعدين للشباب، ويترك 6 مقاعد للتنافس المفتوح بين المرشحين في الدائرة.

مع ضرورة أن يحدد كل مرشح الفئة التي يترشح عنها، وهذا يعني أن من حق النساء والشباب الترشح للمقاعد الخاصة بفئتهم أو الترشح للمقاعد المفتوحة، وبذلك تتحقق العدالة التمثيلية بحيث ينتج عن الدوائر المحلية وصول 8 نساء، و8 شباب لمقاعد جلس النواب، (يضاف لذلك المقاعد المخصصة لهذه الفئات من الدائرة الوطنية الكبرى) وبذلك يرتفع عدد النساء والشباب في المجلس إلى 12 نائباً بنسبة 20% نساء و20% شباب من مجلس النواب على أقل تقدير (على إعتبار أن بعض النساء وبعض الشباب سيترشحون للمقاعد المفتوحة، إن على مستوى الدائرة الوطنية أو الدوائر المحلية).

كما نقترح أن يتم إدخال التعديلات اللازمة لتعديل التوزيع بين الدائرة الوطنية والدوائر المحلية كل 8 سنوات (دورتين انتخابيتين) حتى نصل إلى خيار (البحرين دائرة واحدة فقط)، وفي ذات الوقت يتم العمل على رفع نسبة تمثيل النساء والشباب حتى يصل تمثيلهم إلى ما لايقل عن 50% من أعضاء مجلس النواب، وبهدف ضمان الاستقلالية والشفافية المطلوبة لسلامة الانتخابات، فإننا نطالب بتشكيل “المفوضية البحرينية العليا للإشراف على الانتخابات” على أن تقوم هذه المفوضية بالإشراف على الانتخابات، وذلك ما سنتحدث عنه في مقالات لاحقة.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى