حنا غريب: طالما هناك احتلال هناك مقاومة

الطبقة السياسية تغرق العمل البلدي بالصراعات العائلية والانقسامات الطائفية

القى الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب كلمة خلال المهرجان السياسي الفني الذي نظمه الحزب الشيوعي اللبناني بمناسبة الاول من ايار، عيد العمال العالمي في مركز معروف سعد الثقافي، صيدا، قال فيها:

“نحتفل هذا العام، كما في كل عام في الأول من أيار بعيد العمال العالمي. احتفال بدأناه منذ عام 1925 بالتزامن مع ولادة حزبنا، ولم نزل، هو تأكيد على الدور التاريخي العظيم للطبقة العاملة في تحرير البشرية من استغلال الانسان لأخيه الانسان، هو عهد ووفاء لمواكب الشهداء الذين جسّدوا بدمائهم الذكية دور الطبقة العاملة، فضحوا بحياتهم منذ ولادة هذا العيد في شيكاغو عام 1886، و حتى يومنا هذا وفي مختلف بقاع الأرض. فعلى هذه البقعة من الأرض، هنا في لبنان ، جرح مفتوح على بيت القصيد، في أفظع معاناة عاشها ويعيشها شعبنا اللبناني المهدّد في حاضره ومستقبله”.

اضاف: “هنا كتب شعبنا ومقاوموه جميعا مآثر وبطولات وأساطير، رجالا ونساء، شبابا وشابات، عمالا ومزارعين فقراء في المدن والأرياف، اساتذة ومعلمين، موظفين ومستخدمين، اجراء، سائقين ومياومين، متعاقدين متقاعدين، مثقفين اعلاميين ومتعطلين عن العمل، وفي المهن الحرة. دماء وتضحيات غالية قدّمت من مناضلين أبرار من اجل الوطن والتحرر والاشتراكية. وعلى امتداد هذا التاريخ صفحات مضيئة خالدة. هنا في صيدا عاصمة الجنوب سالت دماء الشهيد الكبير معروف سعد دفاعا عن حقوق صيادي الأسماك، وهناك في النبطية سالت دماء مزارعي التبغ  حسن الحايك ونعمة درويش ومعهم  وردة بطرس، وفرج الله حنين وشهداء معمل الغندور والانتفاضة الوطنية والشعبية في 17 تشرين”.

وتابع: “هكذا أراد التحالف الطبقي – الطائفي ان يبقى شعبنا في حال من العوز والبطالة والتهجير، واسير الخوف والقلق ورهينة المصالح الوضيعة التي لا تقيم وزنا لحقوقه التي باتت احلاما في الحصول على الحق بالعمل والسكن والنقل العام والرواتب والاجور  وتأمين التعليم  النوعي والمياه والكهرباء والبيئة النظيفة والطبابة والاستشفاء كما يعيش بنو البشر .

وعلى امتداد هذا التاريخ ايضا، دشن شعبنا وقواه الوطنية ومنها حزبنا مطلق الحرس الشعبي وقوات الأنصار وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية مسيرة التحرير في مواجهة العدوان الصهيوني واحتلاله منذ خمسينيات القرن الماضي ومن اجل التغيير الديمقراطي ووحدة لبنان وعروبته ودفاعا عن القضية الفلسطينية، فكانت قوافل الشهداء من كل لبنان ولكل لبنان”.

ورأى  أن “البشرية لم تشهد في تاريخها الحديث، ما تشهده من حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، على يد الكيان الصهيوني في غزة والضفة الغربية وبدعم أميركي لم يتوقف بهدف التطهير العرقي وتصفية القضية الفلسطينية. ومعه عدوان واحتلال  صهيوني مستمر على لبنان بدعم أميركي جرى ترئيسه على لجنة الاشراف على العدوان. قصف يومي، قتل وتدمير. يأمر العدو باخلاء المباني السكنية قبل قصفها فيخرج أهلنا الى العراء ، وتصرف الجرائم شكاوى لمجلس الأمن الخارج عن السمع” .

واكد أنه “لا يجوز تصوير الأمور على غير حقيقتها وكأنها مجرد خروقات أمنية وهذا سعرها. لا يجوز ان نتحوّل الى عدّاد يومي لما يسمى خروقات أمنية حتى لو كانت هناك مفاوضات إيرانية – أميركية. نحن في حالة حرب صهيونية توسّعية تلك هي الحقيقة.

فبالأضافة الى احتلال  مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر،  اصبح العدو يحتل التلال الخمس وجبل الشيخ ويبسط سيطرته النارية برا وجوا وبحرا. دمار قرى الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية من بيروت ليست اقل فظاعة واجراما من  دمار غزة والضفة الغربية.

والعدو يرفض الانسحاب من لبنان ويمنع النازحين اللبنانيين من العودة الى قراهم واعادة اعمارها ، والموافقون على الاتفاق يطالبون الدولة والدولة تطالب الأميركي وهو بدوره يطالبها بالتطبيع . عليه نقول مع شهيدنا الكبير مهدي عامل “لست مهزوما ما دمت تقاوم”، فطالما هناك احتلال، هناك مقاومة. مقاومة وطنية وطنية وطنية، ضمن مشروع سياسي للتحرير والتغيير، داعين في الوقت عينه الدولة اللبنانية الى تحمل مسؤولياتها الكاملة في الدفاع عن سيادة لبنان في كل المجالات  السياسة والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية”.

وتطرق غريب الى الاحداث في سوريا قائلا: “وها هي الأحداث الخطيرة داهمة وهي تتوالى من حولنا أيضا في الجنوب السوري لتصل الى ريف دمشق  في جرمانا، حيث يفتعل الكيان الصهيوني الفتنة الطائفية للتوسع واحتلال المزيد من الأراضي السورية بحجة حماية الأقليات. لمن يريد الإصلاحات الحقيقية فعليه حماية لبنان من العدو الصهيوني ومن مشاريعه التقسيمية الطائفية عبر المباشرة في تطبيق ما لم يطبق في اتفاق الطائف، وفي مقدمها تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية واقرار القوانين الانتخابية النيابية والبلدية خارج القيد الطائفي وإقرار قانون اللامركزية الإدارية، بما يعزز دور الدولة الوطنية المركزية ويلبي حاجات المواطنين الإنمائية والمحلية ويقطع الطريق على  المخاطر الإسرائيلية وعلى  طروحات الفدرلة في ظل دولة المحاصصة الطائفية”.

وقال: “وفي موضوع قوانين اعادة هيكلة المصارف وتعيين حاكمية مصرف لبنان والسرية المصرفية والإيجارات غير السكنية فهي ستفاقم الازمة المالية والاجتماعية، باعتبارها استمرارا  للسياسات التي أوصلت لبنان الى الانهيار، في حين  المطلوب عدم معالحة “الفجوة المالية” على حساب الاقتصاد وبالسطو على اصول الدولة وماليتها وموجودات مصرف لبنان، والا تكون على حساب الطبقة الوسطى والعاملة من اصحاب الودائع الصغرى وتلك المتعلقة بالصناديق الضامنة للقطاعات النقابية العمالية والمهنية مع تصحيح القيم الحقيقية للرواتب والأجور وتعويضات نهاية الخدمة ومعاشات التقاعد”.

اضاف: “في ظل هذا الواقع المأزوم والخطير، تنطلق الانتخابات البلدية التي نريدها فرصة لتحفيز وتعزيز إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم، وصنع القرارات وتعزيز المناخات التي تشجّع المجتمع المحلي على تجاوز العصبيات العائلية والطائفية والسعي إلى بلورة المصالح والمطالب الإقتصادية والإجتماعية والتنموية المشتركة، بما يخرجها من التحاصصية و”الزبائنية” والإستتباع، التي تبقي المجالس  والإتحادات البلدية معطلة ورهينة علاقة الإرتباط التبعي بالقوى السياسية المسيطرة. عليه نعطي الأولوية لتشكيل لوائح مع مستقلين وشخصيات ديمقراطية وقوى محلية لها حيثياتها الاجتماعية ومن أصحاب الكفاءة ذوي الاختصاص وبخاصة من الشباب والنساء المنتمين إلى فئات إجتماعية متنوعة  قادرة على تعزيز دور البلديات في إنجاز التنمية المحلية، وبالتالي رفض منطق المحاصصة الحزبية في تركيب اللوائح، ومصادرة قرار الناس عبر اللوائح المعلّبة بتحالفات هجينة، وفوقية، معطّلة لديموقراطية الإنتخابات، وصحة التمثيل الشعبي.

مع ضرورة ربط صيغ التوافق أو الإئتلافات، في حال حصولها، بالتفاهم على برامج واضحة، وبأن يضمّ هذا الإئتلاف كفاءات بعيدة كل البعد عن الفساد ومنسجمة وقادرة على تشكيل فريق عمل واحد يضمن استمرارية عمل المجلس البلدي خارج أي تعطيل. مثل هذا التوجه من شأنه أنتاج مجالس بلدية قادرة على القيام بدورها  الوطني من خلال حملها  لقضية التنمية الاجتماعية كقضية وطنية جامعة لكل اللبنانيين”.

وختم غريب: “في غير بلد من بلدان العالم، يحتل العمل البلدي موقعا هاما في تجديد الطبقة السياسية، فينتج رؤساء جمهوريات، اما عندنا في لبنان فالطبقة السياسية الحاكمة لا مصلحة لها بذلك، فتعمل على اغراقه بالصراعات العائلية والعشائرية والانقسامات الطائفية والمحسوبية والافساد.

ما نريده من الانتخابات البلدية هو بناء تيار وطني بلدي تنموي في لبنان يشكل مدماكا أساسيا من مداميك العمل لبناء جبهة وطنية للانتقال بلبنان من الدولة الطائفية الفاشلة الى دولة المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

عاش الأول من أيار عيد العمال العالمي وتحية الى عمال لبنان في عيدهم ولننتصر لأهلنا في الجنوب ضد العدوان الصهيوني. لننتصر لحقوق عمال لبنان وكادحيه ضد نظام الطائفية والأفقار ولننتصر لدماء شهداء غزة، والضفة وكل فلسـطين، والمجد والخلود لشهداء الطبقة العاملة وحركتها النقابية”.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى