نحن أيضا مواطنون .. ننتظر إستعادة حقوقنا السياسية ..
عراديات - 325
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
الاحد 22 ديسمبر 2024
حسنا فعلت السلطات المعنية في البحرين حين أطلقت عدداً من البرامج المبتكرة للعمل على تصفير السجون وإغلاق أبوابها وتجاوز الأحداث الحزينة المؤسفة التي صاحبت ما عرف بالربيع العربي منذ العام 2011، وحسنا فعلت وزارة الداخلية في بحثها عن كل ما شأنه معالجة أثار تلك الفترة السوداء التي عصفت بالبلاد والعباد وأدت إلى زعزعة الثقة بين الدولة والمواطنين.
وكان لافتاً الترحيب الحار من قبل العديد من المنظمات الحقوقية داخل وخارج البحرين بمشروع العقوبات البديلة ومشروع السجون المفتوحة، التي أدت إلى إطلاق أعداد كبيرة من السجناء والموقوفين، لتَستكمل مشاريع العفو الملكي التي أثلجت صدور وقلوب العديد من الأمهات والآباء والزوجات والأبناء وهن يستقبلن أحبتهم بعد فراق طويل خلف القضبان على خلفية تلك الأحداث المأساوية التي عصفت بالبلاد منذ ما سمي بالربيع العربي المشئوم.
لقد صاحب هذه الإفراجات والانفراجات التي حدثت على مدى السنوات الماضية الكثير من الخطوات المطمئنة المكملة لمشروع تبييض السجون وإعادة الحياة الطبيعية للسجناء والموقوفين المفرج عنهم، وكان جميلاً توجه الدولة إلى تحريرهم وفتح صفحة جديدة معهم، حيث عملت على إحتواء المفرج عنهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع ومنحهم كافة حقوق المواطنة، التي سلبت منهم نتيجة الأحكام الصادرة ضدهم، وعلى رأسها حقوقهم السياسية والمدنية بما في ذلك فتح الباب للراغبين منهم للعودة إلى مقاعد الدراسة أو الالتحاق بأعمالهم السابقة.
ولم تكتفي الدولة بذلك بل قامت بتسهيل قبول المفرج عنهم في مختلف الوظائف وخاصة في القطاع الخاص فضلاً عن تسجيل العديد منهم في برامج التعطل وحصولهم على مكافئات بدل التعطل التي تقدمها وزارة العمل، ولم تكتفي السلطات المعنية بتذليل مختلف الصعاب التي كانت تعترض طريق دمج السجناء والموقوفين المفرج عنهم في الحياة العامة، بل إنها قامت بتبيض صحفهم الجنائية وأعادت لهم الإعتبار بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ودعت جميع المؤسسات للتعامل معهم باعتبارهم مواطنين كاملي الأهلية ولا تشوب ملفاتهم أي نقاط سوداء أو أي شائبة البتة.
لقد تمكنت الدولة من خلال هذه القرارات من معالجة أوضاع السجناء والموقوفين بشكل جميل وغير مسبوق أو معروف من قبل، فأعادت لهم كافة حقوق المواطنة ومن بينها حق الترشح والإنتخاب لمجالس إدارات مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني، وكذلك حق الترشح والتصويت والمشاركة الفاعلة في الانتخابات العامة كإنتخابات مجلس النواب والمجالس البلدية، ودون شك فإن هذه الخطوات الإيجابية تثلج الصدور وتعزز الثقة وتطوي صفحة الماضي بالنسبة لأعداد كبيرة من أبناء الوطن الذين خسروا الكثير من سنوات عمرهم وشبابهم، وها هم يتطلعون لاستعادة كافة التسهيلات للحاق بما فاتهم من فرص ومنجزات.
إننا في الوقت الذي نهنئ هؤلاء المواطنين المفرج عنهم عبر مراسيم العفو الملكية العامة والخاصة، أو عبر برامج العقوبات البديلة والسجون المفتوحة، نشير إلى أن هناك قطاعات واسعة من المواطنين الذين حرموا من حقوقهم السياسية لمجرد أنهم كانوا أعضاء في جمعيات سياسية أنشئت بموجب القانون ونالت كافة الموافقات الرسمية المطلوبة، وأنهم التزموا بالقرارات والأحكام الصادرة من القضاء البحريني الذي قرر حل تلك الجمعيات السياسية وعلق العمل بها أو الانتماء إليها أو التصرف في أموالها ومقراتها وأملاكها، هؤلاء جميعهم في انتظار أن تُعالج ملفاتهم من قبل الجهات المعنية في الدولة باسرع ما يمكن ايضاً.
واذا كانت الجهات المعنية بالشان السياسي والأمن والقضاء قد تمكنت من حل مشاكل آلاف المواطنين من المسجونين والمحكومين والموقوفين وأعادت إليهم الاعتبار الكامل، وأسقطت عنهم كافة التهم والجرائم التي حوكموا بتهم إرتكابها، فإننا نحن المواطنين الذين حُكم علينا بتعليق حقوقنا السياسية والمدنية لسنوات طويلة وحُرمنا حقوق المواطنة بسبب الانتماء لجمعيات سياسية تم حلها رغم أن كثيرين قد انسحبوا قبل الحل أو لم يكونوا أعضاء فاعلين في تلك الجمعيات إلى جانب أن انتمائهم لها قبل الحل فعل لا يُجرمه القانون، لهذا نطالب الجهات المختصة بمعالجة ملفاتنا العالقة أيضاً، وأهمها إستعادة حقنا في المشاركة في الانتخابات العامة ترشحاً وإنتخاباً وتصويتاً بكل حرية وسلاسة إلتزاماً بمبدأ المساواة في المواطنة بين جميع أفراد المجتمع.
اننا نحن المواطنين الذين فُرضت علينا قرارات وقوانين العزل السياسي بسبب حل جمعياتنا السياسية أو شبهة الانتماء لهذه الجمعيات السياسية التي تم حلها بموجب أحكام القضاء، نُطالب بمعالجة وتسوية ملفاتنا الحقوقية، الإنسانية والاجتماعية والسياسية العالقة منذ العام 2018، وكخطوة أولى على هذا المسار نُطالب حكومتنا الرشيدة بتعديل القوانين التي منعتنا من ممارسة حقنا المدني في الترشح لمجالس إدارات الجمعيات الأهلية والخيرية والمهنية والنسائية وادارات الأندية والاتحادات الرياضية والمراكز الشبابية والوظائف العامة، ونحن على ثقة بأن حكومتنا الرشيدة ستولي مطالبنا هذه العناية والرعاية اللازمة، وتعالجها بالحكمة والروية التي عالجت بها ملفات السجناء والمحكومين والموقوفين، ولا شك أن إجراء التعديلات القانونية على المواد الخاصة بهذه الحقوق ستكون خطوة مقدرة سينظر لها المجتمع المدني بكثير من الاحترام والتقدير.
إننا كمواطنين محرومين من ممارسة حقوقنا السياسية منذ صدور الأحكام القضائية بحل الجمعيات السياسية التي كنا ننتمي لها في العام 2014 وما بعده، نعرف بأن تلك الأحكام كانت إحدى إفرازات أزمة فبراير من العام 2011، وبالتالي نطالب أن تعامل وتعالج ملفاتنا وفق النهج الإصلاحي الذي أمر به جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه للخروج من تداعيات تلك الأزمة، ودون شك فإن هذه الملفات تستحق الأولوية القصوى لاستعادة مسارات الإصلاح والتسويات التي أقرها ميثاق العمل الوطني، فهل تشرع الجهات المعنية في إصلاح هذه الأوضاع وتُعيد قطار الاصلاح السياسي إلى سكته الصحيحة، هذا ما ننتظره بفارغ الصبر ختى نعود لممارسة كافة حقوق المواطنة كما كفلها دستور مملكة البحرينالذي نلتزم به ونطبقه كغيرنا من المواطنين، والله ولي التوفيق.