متى ينتفض السوريون لمقاومة الإحتلال الصهيوني .. ؟ 

#عراديات – 322

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

الاربعاء 18 ديسمبر 2024

عندما اجتاحت القوات الصهيونية الأراضي اللبنانية، واحتلت العاصمة بيروت في العام 1982، ثم أجبرت فصائل الثورة الفلسطينية على مغادرة الأراضي اللبنانية، ظن العدو الصهيوني وحلفائه بأنه قضى تماماً على مشروع المقاومة العربية، واحتفل مع العملاء والخونة بالإنجاز الصهيوني، ثم قاموا بإنتخاب بشير الجميل رئيساً لبنانياً مصنوع في (اسرائيل)، حينها سرت نشوة النصر في المعسكر الصهيوني وحلفائه، لكن الشعب العربي اللبناني كان له رأي آخر وكما يقال “يا فرحة ما تمت” فلقد تم اغتيال بشير الجميل قبل أن يدخل القصر الرئاسي في بعبدا، ثم انطلقت المقاومة اللبنانية الاسلامية من تحت ركام البيوت المهدمة لتواكب فصائل المقاومة اللبنانية الوطنية وتجبر الاحتلال الصهيوني على الانسحاب من لبنان خانعاً ذليلاً في 25 مايو 2000 تحت وقع الرصاص والقذائف وبدون إتفاق أو تفاهم.

 

وها نحن اليوم نعيش ظروفاً مشابهة لما حدث في لبنان آنذاك، فأمام أعيننا تتقدم القوات الصهيونية بكل سهولة وبدون قتال، لتحتل الأراضي السورية أمام مرأى ومسمع الجميع، وخاصة من الجماعات التي دخلت الى دمشق فاتحة محررة فاذا هي تفتح أبواب عاصمة الأمويين للدبابات الصهيونية، تقصف وتدمر كل مقدرات وقواعد الجيش العربي السوري بمنهجية وإنتقام، بعد إنهيار نظام بشار الأسد الذي هرب إلى الخارج حفاظاً على نفسه وبعض أفراد عائلته دون إتفاق ودون أي ترتيبات تحفظ الجيش أو مؤسسات الدولة السورية، فتبارك في لحظة تخلي كل الانجازات والمؤسسات التي حققها الشعب السوري بين عشية وضحاها، ووجد الكيان الصهيوني الفرصة التي ينتظرها لتحقيق انتصار استعصى عليه في غزة ولبنان بسبب المقاومة الشرسة، مستغلاً إنهيار منظومات ووحدات الجيش السوري العشوائية للانقضاض على سوريا احتلالاً وتدميراً، فهل تخرج مقاومة عربية سورية من تحت ركام المباني والدمار والخراب الذي خلفته الغارات الصهيونية.

 

إن ما يحدث الآن في سوريا أمر كارثي بكل المقاييس والمعايير، لم يستوعبه كثيرون بعد إن داخل سوريا أو خارجها، نتيجة الانهيار السريع والمخزي لنظام أطبق على مصائر السوريين بقبضة من حديد لخمسة عقود، لهذا فإن الجميع مذهولون وغير مستوعبون لما يحدث، لكن ومهما بدى أن أفراد الجيش العربي السوري قد استسلموا ورموا أسلحتهم، فإننا أمام مشهد لن يدوم طويلاً، ثم ما يلبث أن يتغير ويتبدل، فاذا كان جنود الجيش العربي السوري المنهار يتحاشون الظهور العلني منعا لنشوب حرب أهلية مع مسلحي المعارضة المنتشين بدخول العاصمة السورية دمشق، فإن هذا المشهد لن يستمر طويلاً، وعندما تستقر أمور السلطة وتعود مؤسسات الدولة السورية إلى الإنتظام، سيخرج هؤلاء الجنود والقادة وغيرهم من أبناء سوريا العزيزة لتشكيل فصائل مقاومة تردع الصهاينة وتحاربهم دفاعاً عن الأرض العربية السورية.

 

ولاشك بأننا أمام مخاض جديد لن ينتج عنه نظام سوري جديد فحسب، بل سينهض منه نفساً جديداً مقاوماً يقوده جيل جديد من الشباب العربي السوري، يؤمن بمشروع سوريا العربية الموحدة الرافضة لمنطق الاحتلال، ويعيد تنظيم قواه مستفيداً من الكمية الهائلة لمخازن السلاح التي تركها الجيش العربي السوري بعد أوامر الإنسحاب التي ساهمت في تفكيكه، ويشكل مقاومة عربية باسلة تتصدى للعدو الصهيوني وتجبره على الانسحاب كما اجبرته المقاونة اللبنانية على الانسحاب من لبنان عام 2000، وكما كانت سوريا رافداً للمقاومة المسلحة في لبنان تمدها بالسلاح والعتاد والدعم والاسناد، فإن العراق سيلعب دوراً مشابها يساند المقاومة السورية التي ستولد من رحم الهزيمة والأوضاع الكارثية التي نراها اليوم.

 

مخطئٌ من يعتقد بأن العصر الصهيوني قدرنا، وأنه سيهيمن على مقدراتنا وامكاناتنا ويرسم مستقبل شعورنا العربية ويجثم على صدور أبناءنا، فالتاريخ يعلمنا بأن الاحتلال إلى زوال مهما استمرت أيامه ولياليه، فلا تستعجلوا وتستسلموا لمنطق الهزيمة والخنوع التي يروجها بعض المأزومين وكثير من المتآمرين، فربما نكون اليوم أمام فرصة أكبر للتصدي والصمود في وجه هذا الاحتلال الصهيوني الإرهابي، ومهما تغلغل العدو داخل الأراضي السورية، فإن جهوده ستتوزع وتشتت، وقريبا سيكون جنوده صيداً ثمينا أمام رجال المقاومة السورية التي ستنبثق عما قريب جداً، ودون شك فإن الجغرافيا والديمغرافيا ستقف إلى جانب أصحاب الأرض، ومهما حاول الاحتلال تعويض فشله العسكري الذريع في غزة ولبنان من خلال ضرب مواقع الجيش العربي السوري، فإن ما يعتبره نصراً استراتيجياً يمكن أن يتحول إلى لعنة تاريخية تعجل بزوال هذا المشروع الصهيوني المسخ، فلا تبتئسوا ولا تحزنوا ولا تهنوا أبداً، وقريباً سيتغير المشهد فانتظروا إنا معكم منتظرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى