من أجل تعزيز الشراكة المجتمعية – 5

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

خلال السنوات والعقود السابقة يتذكر الجميع حجم المؤتمرات العلمية والوطنية والاقليمية وحتى الدولية التي كانت تقيمها الجمعيات الأهلية في البحرين خلال عصرها الذهبي، لكنها سرعان ما خبت واختفت ببطئ شديد وصرنا نتذكرها بكثير من الحسرة والأسى، كما أصبحنا نُطالع الدراسات المتخصصة التي أصدرتها مؤسسات المجتمع المدني في سالف العقود والتي كانت تعالج الكثير من القضايا المجتمعية، بكثير من الإستغراب والتساؤل عن الأسباب التي أدت إلى وأد هذه التجارب التي ساهمت برفع إسم البحرين عالياً وسجلت حضورها القوي في الأوساط العالمية.

وسرعان ما نكتشف بأن السبب بسيط جداً ويتلخص في أن من يديرون الوزارات والهيئات المسؤلة والمشرفة على هذه الجمعيات لم يعودوا يتمتعون بالمرونة والقدرة اللازمة للتفاعل معها أو معرفة قيمتها وأهميتها، وأنهم ربما يكونون مشغولون بالقضايا الفنية أكثر من إنشغالهم بالمحتوى والنتائج والإنجازات التي تتمخض عن عمل هذه الجمعيات، لذلك فإنهم يركزون على المسميات والأعداد لمجرد التباهي بوجودها امام الجهات الدولية، يتابعون الهياكل والبنى الإدارية بدقة لكنهم لا يولون الاهتمام الكافي للمحتوى والناتج العملي والفكري لهذا الجمعيات.

من المؤلم جداً أن تكون سنوات الخبرة والتجربة التي تتمتع بها الكوادر المتطوعة العاملة في جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني أكبر من أعمار بعض القيادات الجديدة في الوزارات المعنية بالإشراف عليها، ورغم ذلك فإن هذه القيادات الرسمية قليلة التجربة والخبرة وربما الكفاءة أيضاً تتكبر على التعامل مع القيادات المجتمعية المتطوعة ذات الباع الطويل والتجارب المتميزة في ميادين العمل الاهلي، الأمر الذي يؤدي إلى إحالة بعض هذه الكوادر إلى النيابة العامة والتحقيق الامني والاداري، وفي أبسط الأحوال إلى الإحباط واليأس والقنوط بسبب إنعدام اللغة المشتركة بين الطرفين، وربما كان ذلك بسبب بعض التعالِ الذي هيمن على بعض القيادات الجديدة نتيجة القفزات الهائلة التي أوصلتها الى مواقع المسؤولية بدون خبرات واحتكاك مجتمعي حقيقي مع قضايا البشر التي هي صُلب عمل وانجازات هذه الجمعيات، ومجدداً نقول بأن هناك حاجة ماسة إلى تجسير الهوة بين أهل الخبرة من المتطوعين والنشطاء المجتمعيين وبين أصحاب القرار في المواقع القيادية الرسمية، وقد حان الوقت لتعزيز الشراكة المجتمعية بشكل متكافئ ومتوازن وللحديث صلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى