من أجل تعزيز الشراكة المجتمعية – 2

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

ربما يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم صلاحيات واختصاصات وزارة التنمية الاجتماعية التي تشرف على طيف واسع من مؤسسات المجتمع المدني (أكثر من 600 جمعية) وتتعامل معهم بشكل آلي يفتقر في كثير من الأحيان إلى التواصل المهني المباشر المبني على فهم مشترك لمسؤليات هذه الجمعيات وأدوارها، الأمر الذي يوجب إعادة النظر في حجم المسؤوليات الملقاة على كاهلها ومدى قدرتها على الإشراف على كل هذا الكم الكبير من الجمعيات الأهلية المختلفة التخصصات والمجالات العاملة في كافة ميادين العمل الاجتماعي والأهلي.

ولنا أن نتساءل هل يمكن التفكير في إعادة تقسيم وتوزيع هذه الصلاحيات والاختصاصات الكثيرة وتقسيمها بحسب الوزارات والهيئات والجهات المعنية، خاصة بعد الإرباكات الشديدة التي تسببت فيها بعض قرارات وزارة التنمية المستعجلة والمرتجلة خلال الفترة الماضية، والتي أدت إلى تراجع نشاط وفاعلية مؤسسات المجتمع المدني، نظراً للقلق والمخاوف الكبيرة التي زرعتها الوزارة بين مجالس إدارات هذه الجمعيات، من جراء الإحالات المتكررة على النيابة العامة أو الإعتراض على الأسماء المترشحة لمجالس إداراتها، وما يترتب على ذلك من حرمان النشطاء من حقوقهم المدنية التي كفلها لهم الدستور.

لقد إنعكس هذا الأمر عزوفاً جماهيرياً كبيراً على أداء هذه الجمعيات، ما أدى إلى إحجام الكثير من الكوادر المؤهلة والخبيرة عن التقدم لتولي المناصب القيادية والإدارية، فضلاً عن حرمان العديد منهم من حق الترشح لقيادة وإدارة هذه الجمعيات بحجة الإنتماء لأي من الجمعيات السياسية المنحلة، حتى لو قدم هؤلاء ما يثبت إستقالتهم وإنتهاء علاقتهم مع تلك الجمعيات التي لم تعد موجودة أصلاً، رغم أن هذا الشرط لم يكن مألوفاً أو معروفاً في العقود الماضية.

كما أن إزدواجية الإشراف وتعدد الجهات التي تنظم وتدير عمل مؤسسات وجميعات المجتمع الأهلي قد فاقم من الشعور بالملاحقة والرقابة اللصيقة التي تعتمد التشكيك والاتهامات الضنية، وبات النشطاء متهمون حتى تثبت إدانتهم، بمعنى أن كل ناشط مجتمعي في أي جمعية أهلية أصبح مهدداً بالإحالة إلى النيابة لسبب أو لآخر، حسب ما ترتئيه الوزارة التي صارت تطبق وتلجأ إلى بعض المواد المعمول بها في القانون رقم 21 لسنة 1989 بشكل مزعج، وكأنها تعاقب كل ناشط وعامل في مجال العمل الأهلي.

لقد فات هذه الوزارة أن العاملين في مختلف الجمعيات الأهلية هم متطوعون لا يستلمون رواتب أو مكافئات مالية، وأنهم يقدمون من وقتهم وجهدهم من أجل إنجاح فعاليات هذه الجمعيات والمؤسسات المجتمعية، لا يبتغون في سبيل ذلك سوى المساهمة في تطوير مجتمعاتهم ومساعدتها على تخطي الصعاب التي تعترض طريق أبناءها المواطنين، وعليه فإن الوقت قد حان لوقف ملاحقة النشطاء المجتمعيين وتكسير مجاديفهم، وربما الإستعاضة عن ذلك بإطلاق سلسلة من الدورات التثقيفية والبرامج التدريبية التي يشارك فيها النشطاء أنفسهم وموظفي الوزارة المسؤولين عن تنفيذ القانون وتطبيق التوجيهات والقرارات والبيانات الصادرة عن الوزارة من أجل خلق حالة من التفاهم والإنسجام بين الجهتين قادرة على تعزيز الشراكة المجتمعية بدل عرقلتها وإنهائها، وللحديث صلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى