
الحكومة الخفية ودولتها أميركا في مهب الريح 11
خلاصات واستنتاجات عالم يموت وعالم يولد
ميخائيل عوض
الحكومة العالمية الخفية” يراها الباحثون صناعة جماعات تعمل بسرية شديدة كمثل؛ محافل الماسونية العالمية، ومنتديات الصهيونية العالمية، ومؤتمر بيلدربيرغ، ومجلس الشؤون الخارجية في أميركا، وتشاثام هاوس ببريطانيا، ومنتدى دافوس الاقتصادي، وتكتلات العائلات المالية الكبرى كآل روتشيلد وآل مورغان والنورانيون وجماعات اخرى…
وجود منظمات سرية معولمة ليست بنت ساعتها ولا هي نتاج عصرنا ولا نوياتها منتج النظام والعالم الأنكلو- ساكسوني الذي اطلقته معاهدة وستفاليا، وانما هي تشكيلات رافقت الحياة البشرية وتطوراتها وحقبها منذ القدم.
فالإنسان الفرد معولم بطبائعه وبحاجاته وبتفكيره وقدراته وطموحاته اللامحدودة.
الأديان القديمة والدنيوية والسماوية معولمة وساعية لضبط العلاقة بين الخالق والإنسان والطبيعة وهذه ثلاثية معولمة.
البناءون والماسونية والنورانيون واشباههم فرسان مالطا وروتاري… والمؤسسات الدينية ولوبيات المصالح والشركات وأخواتها الكثيرة منظمات سرية، حاولت وتسعى للتساوق مع التطورات والتحولات ومستويات ارتقاء الهويات الجمعية من البدائية إلى العالمية لاستثمارها واخضاعها لصالحها.
والعقائد واصحابها سعوا وحاولوا أيضاً.
فالأممية الأولى والثانية والثالثة كانت تجارب وخطوات استباقية سعت لطبع العالمية بطابعها والماركسية نظرت لها، بل عملت بقوة للثورة العالمية والدائمة وللحكومة العالمية وكانت شعاراتها “يا عمال لعالم اتحدوا ويا عمال العالم وشعوبه المضطهدة اتحدوا”.
البلشفية حاولتها علنية وسرية وبتصميم.
فالحكومة/ الحومات الخفية والعلنية المعولمة هي منظمات وتشكيلات نتجت عن معطيات في الواقع وجلها تأمرية ساعية لتحقيق غايات أصحاب المصلحة والرؤية المشتركة، لفرض مشيئتهم والتسلط على البشر والطبيعة والكثير بذل محاولة لتشغيل الخالق ورسله وانبياءه والأديان والعقائد عندها وتحت أمرتها.
فالإرهاب المتوحش مثلاً معولما وهو ليس منتجاً عربياً أو إسلامياً انما هو منتج تسيس الدين أصاب المسيحية مع حكم البطاركة، ومع اليهودية في الحركة الصهيونية. وصار مسلماً مع جماعات الإسلام السياسي والمسلح.
وكذا المنظمات السرية المعولمة.
نظرية المؤامرة والقول: إن هناك قوة قدرية هرقلية للماسونية أو أخواتها وللحكومة العالمية الخفية عشعشت في عقولنا، فنحن الشرقيون مهووسون بالغيبيات وبالتسليم لقدرنا وللقوة القهرية غير القابلة للمواجهة.
برغم أن قيمنا وعقائدنا وادياننا السماوية قالت وعلمتنا غير ذلك، ودعت للتفكير والتأمل والتبصر والعمل. أفلا تعقلون ألا تتذكرون… “ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين.. – اعقلها وتوكل- قوم يا عبدي لقوم معك- قليلاً من القطران مع الدعاء”.
في الواقع وفي عصرنا المعاش؛ الحكومة العالمية الخفية ليست خفية أبدأ بل علنية مدركة ومعروفة بالأشخاص وبالأسماء، ومع هذا تذهب الأفكار إلى التفسير الغيبي، فتجعل الحكومة العالمية العلنية وتتعامل معها كأنها خفية حاكم مطلق تبز بقدراتها القدر والله عز وجل.
هكذا هي النعامة تدفن رأسها بالرمال وتحسب أنها تخفي جسدها عن الصياد.
والعالمية حقبة وطور بلغتها البشرية معاشه وملموسة.
وستنتج حكومة عالمية، وربما باتت قريبة فالبلشفية حاولتها وفشلت والرأسمالية والشركات ولوبيات حاولت أمركتها وتنهار.
وقد صمت الأذان بكثرة الحديث عن النظام العالمي الاحادي بقيادة وإدارة أميركا وقد أصاب العقول والرؤوس صداع حاد ودوار لكثرة ما ترددت فكرة أن العالم بات قرية كونية. وفي كل قرية أو حتى جماعة بدائية ومتخلفة شيخ عشيرة أو قبيلة أو كبير حكيم أو مختار أو صاحب عضلات مفتولة يأمر فيطاع.
وعندما تصبح الكرة الأرضية قرية كونية، فالمنطقي أن يكون لها شيخ أو مختار أو قبضاي بزنود مفتولة لفرض نظامه ومصالحه على الجميع.
ولماذا نخترع مقولة الخفية؟ ونرمي عليها غبائنا وقصورنا وعجزنا وتستمر العقول متحجرة واللغة خشبية واللسان ببغاويا يكرر ويعيد التكرار ويجتر.
القاصرون عن التفكير وعن تفحص الواقع الجاري كما هو من دون تزيين أو تحريف.
كالراغبون بالتنبلة وتعطيل العقل والدماغ وتعويده على الكسل والبناء على الشاهد والشاهد من ماض مضى وانقضا يستسهلون رمي التهمة على المجهول والمجهول خفي.” راجح” مازال حي يرزق في عقولنا وديارنا وهو كالبرد سبب كل العلل.
الحكومة الخفية والتي هي علنية تجسدت منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وتركز رجالها ومشاريعها في الإدارات الامريكية وحروبها لأمركة العالمية دخلت طور الغروب والذبول وتتراجع وينحسر تأثيرها بعد ان سادت وبلطجت واستنزفت وخسرت الحروب والمعارك ولم تجني امريكا الدولة والمجتمع منها الا الكوارث والويلات والازمات والتمويل بالديون وصناعة الفقاعات العرضة في أي زمن للانفجار أخذة معها النظام الرأسمالي وهو في اعلى تجلياته الليبرالية المتوحشة.
ادوات الحكومة الخفيفة حكمت واستنفذت شبابها وقدراتها وتترنح ولم يبقى في الميدان يعاند ويقاتل ويحاول الا امريكا وبريطانيا وتحاولان جر كندا وأستراليا الى تحاف انجلو ساكسوني لتقاتل به في شرق اسيا وبحر الصين والاتحاد الاوروبي للانتحار في اوكرانيا.
اقليم العرب والمسلمين ينزاح بدوله المؤثرة خلف خيارات محور المقاومة الذي بات صاحب اليد العليا في الحروب والبحار وحرب الحصارات والعقوبات، ويقاتل مع غزة لانتصارها وستنتصر أي كانت الأثمان وعصف الحرب.
أفريقيا تنهض وتطرد الفرنسي والأميركي وتجتهد للتشكل وحدة فوق دولتية/ حضارة امة بديلا عن القاصرات.
أميركا اللاتينية والكاريبي تتحرر وتسعى لتشكيلات فوق دولتيه /حضارة امه في المشروع البوليفاري وتتقدم بثبات على حوامل أعمدة ثلاث؛ كوبا وفنزويلا والبرازيل وتستثمر في انكشاف وانحسار القوة الأميركية.
حرب العملات والحرب الاقتصادية على اشدها ومملكة الدولار تهتز وتتسارع الخطوات لتبادلات بالعملات الوطنية والعملات الرقمية وعبر منظومات سويفت خارج نطاق سيطرة أميركا والنظام الساكسوني.
امريكا وبريطانيا والنظام الأنكلو- ساكسوني يخسرون حرب البحار والممرات وتلك قاصمة في التجارة العالمية والسيطرة .
اوراسيا تتقدم على عاموديها الصين وروسيا بإسناد من ايران ومحور المقاومة .
حرب اوكرانيا على نهاياتها وقد تحولها امريكا ورطة للأطلسي والاتحاد الاوروبي، وقد تعصف وتصير نووية تكتيكية ومن غير المستبعد أن تصير تدميرية شاملة وكيفما ذهبت تقررت خسارة الحكومة الخفية وحكومة الشركات المعادية للقومية والدولتيه فيها وفي أوروبا والقطب الشمالي.
أميركا في أزمات متناسلة ومتصاعدة والصراع بين الشركات وحكومتها الخفية والعلنية والنزوع القومي الدولتي قد تنفجر عنيفة وتشغلها في بيتها ومن غير المستبعد ان تنفجر الازمة الاقتصادية، وتطيح بالنظام الرأسمالي الليبرالي المتوحش.
الاتحاد الاوروبي في مازق الخيارات اما يتحرر من الهيمنة الامريكية وهيمنة الحكومة الخفية او ينفجر الاتحاد وتتأزم الوحدات الوطنية.
الازمة في بحر الصين ومسالة تايوان ما لم تفرض امريكا حربا عاتية فالصين ستحسمها بتصاعد قوتها وبعرض عضلاتها والاستثمار بالانسحابية الامريكية وتراهن على ازماتها وصراعاتها الداخلية.
حرب غزة مفتوحة الى ان تهزم فيها إسرائيل وتنفجر تناقضاتها الداخلية وقد تتحول الضفة وفلسطين ال48 الى مسرح الحرب ويبقى احتمال أن تعصف الحرب عبر جبهات الإسناد وتتحول إلى الجولة الفاصلة قائماً.
اختصار الخلاصات والاستنتاجات؛
الحكومة الخفية ودولتها القاعدة القائدة ولوبيات الحروب والشركات المتعدية الجنسية والما فوق قومية هيمنت وسيطرت واخذت وقتها ومداها وتنكشف على اعطابها، وخسرت حروبها ضد الحضارات والقوميات وفشلت جهودها لإعادة صياغة العالم وأنماط الحياة البشرية على مصالحها ونمطها.
العالم القديم وتاجه النظام الأنكلو- ساكسوني وصفوة النظام الرأسمالي في اعلى مراحله وفي حقبة الليبرالية المتوحشة شاخ ويلفظ انفاسه.
عالم جديد طالت مخاضاته وزادت دموية بدأت ملامحه تطل برأسها.
اركانه والنظام العالمي في العالم الجديد يتشكل من امم وحضارات وليس قوى اقتصادية وسياسية اقطاب.
نظام الاقطاب خاصيات مميزة للنظام الأنكلو- ساكسوني الشائخ والمترنح
اما العالم الجديد والافضل تعريفه بالعصر الحضاري الثالث للبشرية فأدواته واعمدته وقوانينه ونظمه مختلفة واكثر تطابقا مع حقبة العالمية وقواعدها الناظمة؛ تفاعلية تتقاطع فيه المصالح وتحترم الخاصيات وتتفاعل البشرية بتكويناتها لحماية الحياة على الكرة الارضية ولاحترام الطبيعة ورعايتها وتامين البشر وتمكينهم من حاجاتهم المادية والروحية والهدف الاسمى ان يعيش الإنسان إنسانيته ويمنع استلابها من احد او جهة .
فقد خلق البشر احرار متساوون ولهم كامل الحقوق المتساوية بالتمتع بالحياة وبثمار نتاجاتهم.
انتهى