دروس من الحياة- 5 (نجاح العمل… أهم من قيادتك له)

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

خلال السنوات العشر التي إنتظرنا فيها تأسيس صندوق عراد الخيري، والتي امتدت من 1988- 1998، عانينا الكثير من الألم وتشويه السمعة خاصة حين وقف أحدهم خطيباً ونذيراً في موقع عام يحذر من الإستجابة لجهودنا (المشبوهة) الرامية إلى تأسيس الصندوق الخيري، ووصل به الأمر أن وصفنا بالفسق بدون وجه حق، مستشهداً بالآية القرآنية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ سورة الحُجرات الآية 6، ورغم الألم الذي كان يعتصرنا، إلا أننا تجاوزنا هذا التجني وواصلنا العمل على بناء الحلم أملاً في تحقيق المصلحة العامة.

كنت والأخ العزيز الأستاذ المحامي عبدالجليل حسن العرادي، مسكونين بالفكرة ومتابعتها وإنجازها، وعندما مرت العشرية البائسة، عزمنا على إحياء الموضوع مجدداً، وكان من رأي الأستاذ أبو محمد أن نبتعد عن الواجهة والمشاركة المباشرة في التحرك لتأسيس الصندوق، حتى لا نعطي للمعرقلين فرصة الوقوف في وجه الصندوق وإفشال المحاولة مرة أخرى.

كنت ولا أزال أكن للأستاذ أبا محمد كل الإحترام والتقدير والمحبة بل واعتبره قدوة حسنة، ورغم أنني لم أتفهم رأيه جيداً حينها، إلا أننا اتفقنا على رجاحة رأيه وأهميته، وهكذا اتفقنا على عدم وضع أسمائنا في أي لجنة أو مجموعة لتأسيس الصندوق، وعندما انطلقنا في المشاورات من جديد ولقي تحركنا القبول من أغلب الفرقاء، طُلب منا وضع أسمينا في قائمة المؤسسين لكننا التزمنا بالتفاهم الذي يبقينا خارج الأطر الرسمية حتى تحقيق الهدف المنشود.

قمت بزيارة خاصة لأحد الأخوة المعنيين بتمثيل أحد الأطراف الوازنة في القرية، وكان حديثنا يتلخص في أن العوائل الكبيرة في القرية قد لا تكون بحاجة إلى الإستفادة من مساعدات الصندوق الخيري، لكن الكثير من الأسر والعوائل الميسورة والمستورة قد تكون بحاجة لذلك، وهكذا هدأت الهواجس والمخاوف وتوافقنا على إطلاق الخطوات المناسبة لتأسيس الصندوق، وقد أصر العديد من الأطراف على وجودنا (أبو حسن وأبو محمد) كمؤسسين للصندوق، وكان ذلك نوع من المراضاة ورد الإعتبار، لكننا إكتفينا بالشكر والتقدير لهذه الجهات، وواصلنا بذل كافة الجهود لإنجاح الفكرة.

شكلنا لجنة من خمسة أعضاء تمثل أغلب أطراف المجتمع في القرية، وقد شكلنا لجنة تأسيسية من خمسة أعضاء برئاسة الأخ العزيز الدكتور علي جعفر العرادي وعضوية كل من حسن أحمد وعبدالله عيسى وعيسى رضي وراشد علي، وقد عقدت اللجنة عدة لقاءات تشاورية أسفرت عن الإتفاق على ضم سبعة أعضاء لها لإستكمال العدد المطلوب كمؤسسين للصندوق الخيري، وعندما تم إنجاز المهمة واكتملت إجراءات التسجيل التي لعب فيها الأخ عبدالله عيسى السبع العرادي دوراً محورياً، برزت مشكلة أخرى كادت أن تعرقل المشروع من جديد، فلقد دخل طرف معارض على الخط مطالباً بإشراكه في أعمال اللجنة التأسيسية، لم يعترض الدكتور على إضافتهم للجنة، لكن تلك الخطوة كان من شأنها إعادتنا إلى نقطة البداية، وبعد جهد من الجميع تم تجاوز هذا الإشكال.

مَرَت عملية التأسيس والتوثيق لدى وزارة العدل والشؤون الإسلامية بسلاسة، حينها طلبت وزارة العمل والشؤون الإجتماعية من اللجنة المؤسسة تقديم قائمة بالأعضاء المنظمين للجمعية العمومية، وعندما فتحت اللجنة التأسيسية الباب لعضوية الجمعية وصل عدد المنضمين الى ما يقارب 80 عضواً في الجمعية العمومية، وكانت تلك فرصة سانحة لضم ثلاثة أعضاء من الطرف المعترض على عدم تمثيله في اللجنة التأسيسية ومصالحته، وقد ساهمت تلك الخطوة في تهدئة الخواطر وتخفيف التوتر الذي رافق عملية التأسيس، ومرة ثالثة نلتزم بعدم الانظمام إلى الجمعية العمومية، حرصاً منا على تحقيق التوافق وإستكمال قيام المشروع وعدم الاعتراض عليه من اي طرف.

اكتملت الفرحة بإشهار صندوق عراد الخيري، وتم تشكيل أول مجلس أمناء من الأعضاء المؤسسين برئاسة الدكتور علي جعفر العرادي، الذي استمر ملتزماً بدوره في قيادة الصندوق خلال الفترة 1998- 2009 ، وخلال هذه الفترة تم تثبيت قواعد العمل الخيري وسُجلت في رصيد الصندوق نجاحات عديدة على أكثر من صعيد، وشيئاً فشيئاً أصبح الصندوق أهم مؤسسة أهلية في قرية عراد، وانضم إليه الكثير من الأعضاء والعناصر التي كانت مشككة في الهدف من دعوتنا لتأسيس، وعندما تهيأت الفرصة المناسبة، التحقنا (نحن من جاء بالفكرة وأصر على انجاحها لصالح قريتنا)، بهدوء إلى عضوية الصندوق كأعضاء عاديين، ندعم ونساند كافة المشاريع والأفكار التي تسهم في نجاح أعمال الصندوق، مثبتين بذلك شعارنا القائل بأن نجاح الفكرة أهم بكثير من تواجدك على رأسها، وللحديث صلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى