عيد أم عطلة قيصرية؟

أجواء برس

كتب صباح الشويري

عيد الاضحى المبارك، من المفترض أن يكون مناسبة تجمع العائلات وتوحد اللبنانيين في التهنئة والتبريكات، لكنه هذا العام كان فرصة للتباعد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ففي العام الماضي كان منع التجول بسبب تفشي وباء العصر كورونا مانعاَ، ولكنه اليوم مفروض بسبب تفشي حالات الفقر التي ترتفع نسبتها يوماً بعد يوم مع وصول سعر صرف الدولار الأميركي الى أبواب 23000 وربما أكثر، مع حركة منصات الصيرفة في السوق السوداء التي لم نكن نعرف عنها شيء قبل سياسات المصرف المركزي والتعاميم المتضاربة.

كيف برب أسرة لا يتعدى راتبه 50 دولاراً سيحتفل مع اطفاله بالعيد؟ بلقمة حلوى أم ثوب (مستعمل) أم حذاء مرقع؟ كلها أحلام وآمال تندثر يوماً بعد يوم.

فما شهدناه في الإعلام اللبناني من ترويج حقيقي يصف حالات المواطنين في لبنان لا تبشر بالخير، الأسواق فارغة إلا من قطط وبعض المارة يتفرجون، والبيوت حزينة تبكي من غادرها أو فارقها أو مكث بها للاختباء من ذل الزمن، والأطفال يتحسرون على عيدية ضيئلة يحاولون جمعها لشراء الحلوى الباهظة الثمن، والتي قد تفوق القطعة الواحدة كل عيديتهم.

أما الجمعيات الخيرية التي كانت تنشط في الأعياد لسماعدة الفقراء، والآن تتقاسم المساعدات، فمعظمها تابع لطوائف ومذاهب وأحزاب والأهم لزعماء، لا توزع المساعدات إلا لمناصريهم وتوابعهم. أما الفقير صاحب الكرامة لا يقبل اعانتهم لاهانته، هكذا قال لي احد الأشخاص الذي كان يأمل بأن يعيد مع أولاده بأقل قدرة له، فقد اشترى الطحين وبعض التمر المغشوش بالسميد، وصنع لهم حلوى (غريبة عجيبة) وقال لهم هذه موضة جديدة، ففرح بها الأطفال ظناً منهم أنهم أول من يستعمل (الموضة) فشعروا أنهم أثرياء. ما أجمل هذا الأب.

وبعض الأحياء حاول المقتدر فيها نصب أرجوحة (جنزوقة العيد) ليلعب بها الأطفال، منهم مجاناً، أو بعضهم بليرات قليلة، المهم أن يفرحوا ويشعروا أنهم عاشوا يوماً من أيام العيد.

فيما جزء من العائلات اصطحبت الأطفال الى شاطىء البحر ليتفرجوا على نسيمات مالحة في الحر تداعب وجوههم وهم يركضون ويصرخون بحرية، أليس اليوم هو عيدهم، ليفعلوا ما يشاءون. ومنهم من افترش حشائش الجنائن ليتمتع بأشعة الشمس ويحلم…

وبالعودة الى تقاليد العيد، هرب بعض الناس من زيارة الأهل والأقارب بحجج واهية، لأن قدرتهم على تبادل العيدية باتت معدومة، أو حتى التنقل للزيارات باتت مدروسة بسبب أزمة البنزين وغلاء كل شيء، فاقتصرت المعاديات على رسائل هاتفية معبرة، أو نكات عن تصف حالتهم.

إلا أن أضحية العيد فهي لمن (تدلل) قليلة جداً، ففي بعض القرى جمع أفراد العائلة المال من بعضهم البعض ليشتروا خروفاً نحيلاً يكتفون به. وما قد يتيسر يوزع لعائلة اضافية فقط.

أيام ستمر بسرعة كما غيرها ليعود الناس الى محاولات العيش والكفاح والتعب… ليعود البحث عن لقمة عيش بعيداً من عطلة فرضت عليه وجعلته يتألم.

الكل يشكو والكل معه حق، في ظل الكثير مما لم نذكره تبقى عين الدولة ترعى لتصل الى آخر المرعى، عندها تقرر ماذا ستفعل بالرعية.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى