الحالمون لا يستسلمون – 1

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

على طريق القدس يتسابق الحالمون الى الشهادة يحملون مشاعلهم وزيت وقودها دما أحمر قاني ينزفونه من أرواحهم الطاهرة التي أقسمت على تحرير فلسطين، يتطلعون لتحقيق إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة، وبينما هم سائرون على دروب العزة والكرامة والجهاد يصادفون من سبقوهم من الحالمين المؤمنين بالنصر، عشرات الآلاف من الأحرار المضحين الذين ما تراجعوا يوماً عن السير على طريق الآلام لاظهار الحقيقة، الطريق الذي سلكه المسيح عيسى بن مريم عليه السلام حين طُبعت أقدامه على صخورِ بيتِ لحم، ورسمت حبات ترابها وهو يحمل صليبه على ظهره، رافضاً الخضوع لشروط المرابين اليهود.

وكأن الزمن قد توقف عند تلك اللحظة الفارقة، فها هم الفلسطينيون الحالمون يحملون خشباتهم على ظهورهم ويسيرون بها على دروب الخلاص التي سار عليها يسوع الناصري، يتخذون من شوارع وطرقات فلسطين مساراً نحو الإنعتاق من نير المحتلين الإرهابيين الصهاينة وأعوانهم من المنافقين والعملاء الذين يلاحقونهم ويعملون على إغتيالهم والتخلص منهم، من أجل الإستفراد بالأرض المقدسة التي إختارها الله لتكون معراجاً لرسوله الكريم محمد الخاتم الأمين يوم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ولأن القدس بوابة السماء المفتوحة دائماً، فقد إرتقى من خلالها إلى العلياء افواج من الفلسطينيين شهيد إثر شهيد، قوافل تمضي بعد أن تؤدي الصلاة في محراب الشهادة بالأقصى المبارك.

الشهيد المجاهد الحاج إسماعيل عبدالسلام أحمد هنية أبو العبد الذي إرتقى غدراً واغتيالاً شهيداً مضرجاً بدماءه الزكية في العاصمة الإيرانية طهران، نال مراده وعرجت روحه إلى بارئها راضية مرضية ونفسه مطمئنة بوعد الله، وحين طافت تلك الروح مسبحة بحمد الله ورضوانه في سماء بيت المقدس حطت على أرضه الطاهرة وصلت ركعتي الشهادة في المسجد الأقصى، ثم إطمئنت على الطوفان الذي إنطلق في السابع من أكتوبر 2023 وأيقنت بأنه لايزال متألقاً وهادراً واثقاً بالنصر المبين ولو بعد حين، ثم طبعت قبلة على القبة الفضية وغادرت مسرورة واثقة بالنصر القريب، وفي طريق معراجها نحو السماء رفرفت أجنحتها وهي تذرف قطرات من الدم الطاهر على جبال القدس وطرقاتها لتؤكد معالم طريق الخلاص.

ولأن أرواح الشهداء تعِرف بعضها البعض وجدت روح أبو العبد الطريق إلى السماء مزدحماً بعشرات الآلاف من أرواح الشهداء الفلسطينيين والعرب والمسلمين وعشاق الحرية من مختلف دول العالم، هنا يلتقي كل الأحرار المضحين لأجل فلسطين من مختلف الأعمار والأقطار، إطمئنت روح الشهيد إسماعيل هنية على الشهداء من أبناءه وأحفاده وأهل بيته وجيرانه ومحبيه في قطاع غزة وعموم فلسطين، وكأن تلك الأرواح كانت في إنتظاره منذ إرتقى لحظة إستهدافه بصاروخ الغدر والإغتيال، إحتضنتهم ونقلت إليهم تحايا الأهل والجيران والأحبة الذين لايزالون يقاومون الظلم والطغيان الصهيوني والصلف الأمريكي.

وحين تشابكت الأرواح الشهيدة في الفضاء الكوني الكبير كانت عيونها ترمق المسجد الأقصى بنظرات من الأمل بالنصر القريب، وتسقط أنوارها على الطرقات المؤدية إليه فتضيئها وتزيد من وهجها المتألق نحو اللحظة الحاسمة التي باتت تقترب شيئاً فشيئاً وأصبحت قاب قوسين أو أدنى لتحقق الإنتصار الكبير على المرابين والمنافقين والمتصهيينين من كل الأمم والأجناس فالحالمون لا يستسلمون أبداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى