مؤتمر “المرأة ودورها في صناعة الواقع الإنساني المعاصر”

افتتح عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية أحمد رباح، أعمال المؤتمر العلمي العاشر الذي يستمر يومين وتنظمه كلية الآداب في الجامعة اللبنانية بالتعاون مع اتحاد الاكاديميين والعلماء العرب ومجلس بعلبك الثقافي عبر تطبيقZOOM  والموسم، بعنوان “المرأة ودورها في صناعة الواقع الإنساني المعاصر”، بمشاركة عدد من الكاديميين والبحاثة اللبنانيين والعرب.

قدم جلسة افتتاح المؤتمر وأدارتها رئيسة اللجنة العلمية للمؤتمر مهى جرجور، وأشادت بأهمية المؤتمر الذي يطرح قضايا متعددة لتبيان دور المرأة في إنتاج المجتمع الحديث، وكيفية تعاملها معه ومع المشكلات المستجدة فيه، سواء أكانت سببا من اسباب حدوثها أم سببا في معالجتها وتخطيها، وإلى العمل سوية على تحديد موقع المرأة في التطور الحضاري الحاصل، ورصد تحولات أدوارها في المجتمع العربي ومفاعيلها، مع استشراف دور لها مفترض أن تؤديه لتطويره.

الشريف

ثم ألقى رئيس مجلس بعلبك الثقافي حاتم الشريف، كلمة نوه فيها بالجهود التي بذلت من أجل إنجاح هذا المؤتمر، وقال فيها: “ما حققته المرأة على الصعد كافة، وعلى الرغم من الظروف المحيطة في مجتمع ذكوري يستحق التقدير. أما عن دورها في صناعة الواقع الانساني المعاصر، فالسؤال هنا يطرح جدلية حصولها على حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويختلف هذا باختلاف المجتمعات وبخاصة في الدول النامية. وعلى الرغم من ذلك، نجد نساء رائدات في كل مجال من المجالات، بدءا بتحرير النساء مع الطاهرة في العام ١٨١٧ إلى شغب الأرز في اليابان وإضراب العاملات في مصانع الحرير في شنغاهاي، إلى إدراج حقوق الإنسان الخاصة بالمرأة في مؤتمر فيينا، ومؤتمر كوبنهاجن، إلى أكبر النجاحات باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، واتفاقية الحقوق السياسية1٩٥٤ ، وغيرها”.

غورلي

وألقى رئيس مكتب لبنان في الاتحاد البروفسور عماد غورلي كلمة قال فيها: “إن مؤتمرنا المنعقد اليوم افتراضيا ليس إلا رسالة أننا في لبنان وعلى الرغم من كل الظروف القاهرة اليومية التي نعيشها، ما زلنا نقدم لعالمنا العربي بارقة أمل وسط الاضطرابات والانهيارات والحروب  والتفكك الحاصل في مجتمعاتنا. وتؤدي  المرأة العربية  في الواقع المعاصر أدورا عديدة فهي الأم، والسياسية والاقتصادية والمدرسة والأهم أنها المربية، تشارك  في أعباء الحياة المتعددة وتتكيف مع الظروف والتحديات الجديدة، عبر توليها المناصب الريادية والقيادية والتربوية، ما جعلها لاعبا أساسيا في تنمية المجتمعات وتطويرها والأقوى في بناء الاوطان الحديثة”.

كامل

ثم ألقى أمين عام اتحاد الاكاديميين والعلماء العرب أحمد كامل كلمة قال فيها: “النساء شقائق الرجال، قوام المجتمع وركيزته، فهي الأم البنت الأخت، الزوجة. نواجه اليوم تحديات غير مسبوقة تتعدد فيها الأزمات وتتشابك على الصعيدين الإقليمي والدولي مولدة كما غير مسبوق من العوائق التي تتراكم لتقف سدا أمام آمال الملايين من النساء والفتيات في حاضر وغد أكثر عدالة وانصافا لهن، حيث طالتهن التداعيات الناجمة عن جائحة كوفيد-19 وحالة الطوارئ المناخية وأزمة الغذاء والطاقة العالمية وتبعات الحروب والنزاعات، طالتهن أكثر من غيرهن ودفعن الثمن غاليا. وبينما تشهد حقوق المرأة في بعض الدول شيئا من التقدم، إلا أن العالم لا يزال يشهد الكثير من التقويض لحقوق المرأة والفتيات، حيث تساهم هذه الأزمات المتلاحقة في تسارع وتيرة تراجع تلك الحقوق بشكل مقلق وغير مسبوق. وهنا، يجب أن نذكر أنفسنا أنه بالرغم من أن النساء والفتيات هن الأكثر تعرضا للآثار السلبية الناجمة عن الحروب والكوارث والأزمات، إلا أننا لا يجب أن ننظر إليهن على أنهن ضحايا فقط، بل إنهن أيضا قائدات تغيير يتمتعن بالقوة والمنعة التي ينقلنها إلى أسرهن ومجتمعاتهن. وقد شهدنا منعة المرأة وقيادتها في العديد من المواقع في أزمات العالم”.

أضاف: “أدت الأزمات المتوازية والمتلاحقة إلى زعزعة الاستقرار العالمي، وتسببت في فقدان مئات الآلاف من الأرواح وهجرة ونزوح ملايين الأشخاص. ونعلم أن مفتاح التصدي لهذه التحديات ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة هو تمكين المرأة. فلا تنمية يمكن تحقيقها من دون مشاركة المرأة الحقيقية وتمكينها على كافة الأصعدة. ولا سلام يمكن تحقيقه في العالم دون ذلك. ونعلم أيضا أن قيادة المرأة تؤدي بشكل مباشر إلى بناء مجتمعات ودول أكثر سلاما وعدالة واستدامة. وهذا يتطلب منا القيام بخطوات مدروسة تعتمد على ممارسات أثبتت نجاحها”.

وتابع: “على الرغم من الصعوبات والتحديات والأزمات، لا تزال الفرص أمامنا كبيرة لبناء عالم أفضل، وهذا يتطلب تضامننا معا وتكاملا وشراكة بين مختلف القطاعات، مدعومة بالإرادة السياسية والموارد اللازمة، والتنسيق الكامل دوليا وإقليميا على كافة المستويات، وكذلك مشاركة الخبرات والدروس المستفادة والمعرفة بشفافية، لكي يتعاظم التأثير وتزيد وتيرة التغيير الذي ننشده جميعا. وفي ضوء ما تقدم، لا بد لي من أن أشيد بالشراكة القوية مع الدول العربية الداعمة لأجندة المرأة والسلام والأمن. نهدف من خلال هذا المؤتمر، إلى بناء الشراكات القوية اللازمة لاستعادة وتيرة التقدم وتسريعها وفي هذا الإطار. أدعو الجميع للدفع باتجاه اعتماد خطط عمل لزيادة المشاركة الكاملة والعادلة والهادفة للمرأة”.

وختم: “أتطلع إلى مناقشات ونتائج هذا المؤتمر الهام، وأعول على شراكتكم ودعمكم وقيادتكم المستمرة لتمكين المرأة ومناصرتها وحماية حقوقها في جميع المجالات. كما سنستمر في تعزيز العمل الذي نقوم به في الدول ببرامج وخطط عملية يمكن تتبع فاعليتها على أرض الواقع، ونحن على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم الكامل لكم في وضع وتنفيذ الأولويات الوطنية وإحراز تقدم في خطط العمل الوطنية للمرأة”.

رباح

ثم ألقى رئيس المؤتمر أحمد رباح كلمة معلنا فيها انطلاق أعمال المؤتمر وقال فيها: “المرأة وصناعة المجتمع المعاصر عنوان مؤتمر جامع، يجمع الباحثين من مختلف الجنسيات العربية، حيث الرغبة شديدة في رصد واقع المرأة الحالي والتغيرات التي أصابتها، والبحث في انعكاس نتائجها على المجتمع بكامله. عن المرأة العربية في الثورة التكنولوجية ودورها، عن وضعها العام في القوانين والتشريعات المعاصرة، وفي عوالم الأعمال والعلوم والمبادرات، وعن طرائقها مع الموروث والسلطة نقلا أو تغييرا من خلال الأدب، والتاريخ، والدراسات النفسية، وعلوم الاجتماع، والتربية، وعن علاقة الرجل العربي المعاصر بها وتحولاتها على المستويات الأسرية والاجتماعية والسياسية وغيرها. يقدم الباحثون في هذا المؤتمر دراساتهم القيمة المتنوعة والشاملة لعينات مختلفة من نساء العالم العربي، ويعرضون نماذج مختلفة من مساعي المرأة ومحاولاتها للتعامل مع الموروث والمستجد على اختلافهما، وذلك بغض النظر عن الفئة الاجتماعية التي تنتمي إليها، لتعيد تشكيل هوية لها تختلف عن تلك الموروثة، وتتخذ لنفسها أدوارا جديدا تؤديها”.

أضاف: “عليه، يقدم لنا الأساتذة المنتدون باقة من القراءات القيمة في هذا السياق، من لبنان وفلسطين والعراق ومصر وتونس والمغرب وليبيا والأردن، جمعتهم الرغبة في تقديم الجديد في كل القضايا المرتبطة بالمرأة، وتظهير أعمالها والتحديات التي تعمل على مواجهتها، وتحديد أطر واقعها الجديد لأهميته في دفع المجتمع العربي إلى الأمام”.

وختم: “نحن من جهتنا، نثمن التعاون بين كلية الآداب واتحاد الأكاديميين والعلماء العرب، ومجلس بعلبك الثقافي ، ونثمن جهود هذه الجمهرة من البحاثة الذين توافدوا من الجامعات العربية العريقة من أجل الإسهام في هذه الحركة الثقافية التغييرية. وأتقدم بالشكر الجزيل لهم جميعا على مشاركاتهم بأنواعها المختلفة، كما أشكر بشكل خاص اللجنتين التنظيمية والعلمية على حسن التنظيم والتواصل وحرصهما على إنجاح هذا المؤتمر إيمانا بأهميته وأهمية أهدافه. وعلى أمل أن نلتقي في مؤتمرات مستقبلية تكلل مخرجاتها تعاوننا الدائم على مستوى البلاد العربية”.

أعمال المؤتمر

بدأت أعمال المؤتمر بالجلسة الأولى بعنوان “المرأة في العالم الافتراضي ووسائل الإعلام والتواصل” بإدارة الدكتورة نور عبيد من لبنان. وشارك فيها الدكتور ابراهيم أحمد ملحم من دولة الإمارات العربية المتحدة عن موضوع “اللاوعي الرقمي صورة المرأة النمطية في وسائل التواصل الاجتماعي نموذجا”. الدكتور أحمد عبد الحليم عطية من مصر وتحدث عن ايزيس ومي زيادة وأدوارهما في التاريخ البشري، ودور المرأة في إبداع التغيير وليس فقط في صناعته .

الجلسة الثانية بدأت عند الثالثة والنصف بعد الظهر بعنوان “المرأة في المجتمع العربي وأمنها النفسي، بإدارة الدكتور محمد فرحات الخزعلي من ليبيا، تحدث فيها الدكتور محمد كامل عمران والدكتور محمد عوض شبير من فلسطين عن موضوع الانعكاسات النفسية لخطاب الكراهية الموجه الى المرأة في المجتمع الفلسطيني.

وتناول الدكتور ابراهيم القيزاني من تونس موضوع الأمن الثقافي والاجتماعي للمرأة في تونس بين فاعلية الموروث وقهرية التشريعات.

تحدث الدكتور محمد صقر جرادات من فلسطين عن القتل على خلفية قضايا الشرف والعرض ومظاهر التحرش الجنسي المعاصر من منظور الموروث الثقافي الفلسطيني،

تلا الجلسة حوار ونقاش.

اليوم الثاني

في اليوم الثاني، افتتحت الجلسة الأولى تحت عنوان “المرأة العربية والسلطة”، بادارة مديرة كلية الاداب والعلوم الانسانية الفرع الخامس (لبنان) الدكتورة مها المصري، وتناولت الدكتورة سيدة محمود من مصر موضوع جدلية العلاقة بين المرأة والسلطة في الانساق المتقابلة.

الدكتورة نجمة عليوش من الجزائر تحدثت عن واقع المرأة المعاصرة الوجودي في الاسرة العربية بين سلطتي الذكوري والديني (المرأة الجزائرية نموذجا).

الدكتور بتول فاروق الحسون من العراق تحدثت عن المرأة في الاسرة العربية من العبودية الى الاستقلال (الخلع نموذجا).

الدكتور محمود خليل البراغيثي من فلسطين تحدث عن واقع العنف القائم على النوع الاجتماعي وعلاقته بالصحة النفسية للأسرة.

الدكتورة عفاف ربيع من لبنان تحدثت عن دور المرأة في تعزيز الحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني وحمايتها.

الأستاذة منى قعدان من فلسطين تحدثت عن استراتيجيات صمود النساء الفلسطينيات المهدمة بيوتهن من قبل اسرائيل.

تلا الجلسة حوار ومناقشة.

الجلسة الثانية من اليوم الثاني للمؤتمر كانت بعنوان “المرأة وأدوار لها اجتماعية واقتصادية”، بإدارة الدكتورة عائشة بنت حمد بن سعيد الدرمكي من سلطنة عمان. وتحدث فيها الدكتور محمود ابو زيد من لبنان عن المرأة بين تفعيل التنمية الاجتماعية والمعوقات المجتمعية (منطقة جرد القيطع – عكار نموذجا)

الدكتور محمد خميس محمد البوبو والاستاذة منى سامي يوسف موسى من فلسطين تناولت دور وسائل التواصل الاجتماعي في تنمية قيم المواطنة من وجهة نظر المرأة الفلسطينية.

الدكتور روني خليل من لبنان تناول تحديات ونجاحات لبنان.

الدكتور بلال علي الحاج سليمان تحدث عن أهمية دور المرأة في التنمية الاقتصادية الريفية في البلدان العربية.

اما الجلسة الثالثة والاخيرة كانت بعنوان المرأة والتعامل مع الموروث: نقلا أم تغييرا من خلال الأدب، بإدارة مديرة الفرع الأول في كلية الآداب والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية الدكتورة سهى حمود.

الدكتورة هدى الرزوق من لبنان تحدثت عن أثر الربيع العربي في صورة المرأة في الرواية العربية (أجنحة الفراشة نموذجا)

الدكتورة سينا المقلد تحدثت عن المرأة والموروث : صراع بين المحافظة والتجديد رواية “كريسماس في مكة ” أنموذجا.

الدكتورة هبة الحشيمي من لبنان تناولت الموروث الأدبي والتغييرات بين المرأة والرجل، أنموذجا كفى الزعبي وروايتها شمس بيضاء باردة وعزيز محمد وروايته الحالة الحرجة للمدعو “ك“.

الدكتور عبد اللطيف الدادسي من لبنان تناول السرد وتمثيل الذاكرة والانتصار: المرأة بين مقاومة الأخطار وصناعة الواقع في رواية زمن الخيول البيضاء لنصرالله ابراهيم.

وفي الجلسة الختامية تمت تلاوة توصيات المؤتمر.

وفي ختام أعمال المؤتمر تم تبادل الدروع التقديرية بين أمانة اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب – الأردن ومكتب لبنان وعمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وتوزيع إفادات المشاركة والحضور.

هناء حاج

صحافية لبنانية منذ العام 1985 ولغاية اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى