
القاضي كريم خان في الميزان
عيسى سيار *
كمواطن بحريني وكإنسان، ووفقاً للشرائع السماوية والمواثيق الدولية الوضعية التي تحمي حقوق الإنسان أينما كان بشكل عام، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشكل خاص، والتي تحمي المدنيين خلال الحروب، أود أن أضع المدعو كريم خان مدعي عام محكمة الجنايات الدولية على ميزان العدالة وفي قفص الإتهام، وأطالب المحامين أينما كانوا والمنظمات الحقوقية في شتى بقاع المعمورة بتبني طلبي وهو: إقامة دعوى قضائية في محكمة الجنايات الدولية وفي المحاكم المحلية المختصة، أختصم فيها المدعو كريم خان مدعي عام المحكمة وأطالب: بمحاكمته بسبب فقدانه للأهلية، وذلك وفقاً للأدلة والبراهين التالية:
أولاً: في ديسمبر 2020 قررت محكمة الجنايات الدولية وعلى لسان المدعي العامة السابقة الغامبية فاتو بنسوده، وبناء على الأدلة والتقارير التي رفعت إليها من السلطة الفلسطينية وضحايا الاحتلال الصهيوني حول جرائم التي ارتكبها وما زال في غزة والضفة الغربية والقدس، فإن محكمة الجنايات الدولية اطمئنت إلى ما ورد في الأدلة والتقارير، وبالتالي قررت أن لها الولاية القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن هذا القرار تم وأده من قبل البريطاني المسلم القاضي كريم خان المدعي العام الجديد- الذي خلف القاضي فاتو بنسوده في يونيه عام 2021- والذي لم يحرك ساكناً حتى الآن تجاه الملف الفلسطيني! سوى مجرد زيارة استعراضية إعلامية لمعبر رفح المصري بعد طوفان الأقصى، وبعد المجازر الرهيبة والتدمير الوحشي الذي قام به الصهاينة للبشر والشجر والحجر، ولم يتجرأ على دخول غزة بينما زار الكيان الصهيوني لمواساة أسر الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية، وبدلاً من تحريك دعوى ضد القادة الصهاينة بناء على مئات القضايا المرفوعة من قبل ضحايا العدوان الصهيوني أمام محكمة الجنايات الدولية، فضل الصمت المخزي والمشين أمام تلك المجازر، والتي راح ضحيتها حتى الآن اكثر من 30 الف شهيداً من المدنيين العزل أكثر من 60% منهم من الأطفال والنساء، وفي تصريح استعراضي عندما زار الكيان الصهيوني للتعاطف مع أسر الأسرى الصهاينة ورام الله خلال ديسمبر الماضي، ولذر الرماد في العيون، قال إن المحكمة بدأت في تحقيقات جادة منذ 2021 حول احتمالية حدوث جرائم حرب، ولكنها لا تقوم على العواطف!
وأحببت أن أقول للقاضي كريم خان إننا ما زلنا وبعد سنتين نسمع جعجعتك الاستعراضية حول الملف الفلسطيني، ولا نرى طحينا! وأذكرك يا سيد خان بشكل خاص والعالم بشكل عام بأنك طرت كالبرق إلى أوكرانيا بناء على طلب من أميركا والدول الغربية، وشكلت لجنة تحقيق واطلقت التصريحات النارية التي تدين الروس بارتكاب جرائم حرب خلال وجوده في اوكرانيا، وحتى قبل أن تبدأ لجنة التحقيق اشغالها!؟
ثانياً: إن العدالة البطيئة تتساوى والمظالم المؤثمة قانوناً، وعدم قيام القاضي كريم خان حتى الآن بتحريك دعاوى قضائية ضد قادة وجنود الكيان الصهيوني بسبب جرائمهم السابقة والحالية، يعد سلوك غير مهني ومشين وظالم ومؤثم قانوناً.
وقد أكد المحامي الفرنسي وخبير القانون الدولي جيل دوفير،- وهو أحد محامي ضحايا العدوان الصهيوني على الفلسطينين- في مقابلة مع أحد القنوات التلفزيونية، بأنه لا مبرر قانوني وأخلاقي لتقاعس المدعى العام كريم خان فى فتح تحقيق في الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين العزل، في حين حرك دعاوى قضائية ضد القادة الروس، بما فيهم الرئيس الروسي بوتين، مع أن الملف الفلسطيني أقدم بكثير من الأوكراني، وكان يجب أن يحظى بالأولوية من قبل القاضي كريم خان!. وفي مقابلة منذ أيام مع قناة تلفزيونية أكدت فرانسيشكا ألبانيز، مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير شرعي، وأن ما تقوم به إسرائيل في غزة من قصف وحشي ومنع كل مقومات الحياة يعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والمطلوب من مدعي عام محكمة الجنايات الدولية أن يتحرك. كما وصفت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر منذ يومين بأن المجازر التي يقوم بها الكيان الصهيوني في غزة هي جرائم حرب متكاملة الأركان، وتعاقب عليها القوانين الدولية، فما الذي ينتظره كريم خان، هل ينتظر إشارة خضراء من أميركا أم من الاتحاد الأوروبي؟
ثالثاً: إن ما قام به القاضي كريم خان حتى الآن تجاه حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري للمدنين التي يمارسها الكيان الصهيوني في غزة، هو مطالبات ومناشدات وإدانات كما يفعل السياسيون، ولم يقم بدوره المهني كمدعي عام المناط به حتى الآن وهو تشكيل دعاوى قضائية جنائية ضد قادة وجنود الكيان الصهيوني.
رابعاً: إن ما يقوم به مدعي عام محكمة الجنايات الدولية كريم خان هو كيل بمكيالين وازدواجية معايير، وهو سلوك لا يتسق ومعايير وميثاق ومهنية محكمة الجنايات الدولية، وهو تسييس فاضح وصارخ لدور محكمة الجنايات الدولية.
إنني كمواطن بحريني وكإنسان أطالب جمعية المحامين البحرينية ومن خلال عضويتها في اتحاد المحامين العرب والاتحاد الدولي للمحامين، وبناء على الأسباب التي تقدمت بها برفع دعوى قضائية أختصم فيها المدعو كريم خان أمام محكمة الجنايات الدولية بسبب حنثه بالقسم، وبالتالي عدم أهليته، وذلك من خلال تقاعسه عن تفعيل قرار محكمة الجنايات الدولية باختصاصها في الولاية القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأطالب بما يلي:
1. محاكمة المدعو كريم خان مدعي محكمة الجنايات الدولية بسبب تقاعسه عن القيام بدوره تجاه القضايا المرفوعة ضد القادة والمسؤولين الصهاينة، والتفاته عن الملف الفلسطيني.
2. أطالب باعفائه من منصبه أو أن يتنحى طواعية عن منصبه، لأنه فقد الأهلية والثقة، وذلك بناء على الأدلة التى قدمتها.
فمن يرفع الشراع؟
* باحث وأكاديمي بحريني
ملاحظة: حقوق المقال محفوظة للكاتب من يرغب في إعادة نشر المقال له، الشكر ولكن من دون إضافة أو تعديل.