
اكسروا عن سوريا الحصار … وعززوا معها التواصل والحوار – 1
بقلم محمد حسن العرادي
في الكوارث والأزمات والمٌلمات تتراجع الخلافات وتنفتح الأبواب أمام المصالحات والتسويات، فتنزاح جانباً لغة التشنج والإحتقان وتحل محلها لغة التراحم والمحبة والحنان، وخلال السنوات الماضية ساد التوتر والتشكيك وتبادل التخوين والاتهامات معظم العلاقات العربية، حتى باتت بعض الأنظمة تترصد من يختلف معها وتدعم وتغذي المعارضين له، بل وتعمل على الاطاحة به وإستبداله عبر الاحتجاجات العنيفة واشعال الفتنة والحروب الاهلية بكافة إشكالها.
لقد كان (ربيعاً عربياً مصطنعاً) ومخطط له في دوائر معادية، قاد إلى تدمير العديد من الدول العربية، وتخلُف برامج التنمية في أغلبها، وتسلط الأجهزة الأمنية والأساليب القمعية في الدول التي نجت من كارثة الثورات الملونة المجنونة، وهكذا تراجعت الحريات وضاقت مساحات الحوار والاعتراف بالآخر والقبول بالشراكات السياسية فضلاً عن المشاركة في السلطة أو تداولها بالطرق السلمية والديمقراطية.
وكانت سوريا العربية على رأس الدول المستهدفة، حيث جيئ بآلاف الإرهابيين من مختلف أصقاع الأرض للإطاحة بالنظام والاستعاضة عنه بما قيل أنه نموذج الحكم في الاسلام، لكن ما رأيناه لم يعدو كونه تدميراً ممنهجاً، تمت إدارته من قبل الاستخبارات الصهيونية والأمريكية وسقط في أتونه وشباكه بعض العرب من الذين ضاعت بوصلتهم، وضل مسارهم حتى تلطخت أيديهم بالدماء العربية المسفوحة من هذا الوطن العربي المذبوح من الوريد إلى الوريد.
سوريا كانت الضحية و (الصيدة) التي تنازع عليها الواهمون حتى سطعت الحقيقة وبانت الأمور بعيداً عن المغمور والمستور وانكشفت خيوط اللعبة المسكونة بالمؤامرات ودناءة التدخلات، برزت سوريا الصامدة من بين أنقاض الحرب والدمار، فاتحة ذراعيها للتواصل والحوار مرحبة بالعرب العائدين الراغبين في كسر الحصار، لكنها وقبل أن تلتقط أنفاسها وتعيد الإبتسامة الى بُناتها وحُراسها، تفاجئت بالزلزال الذي دمر العديد من المدن والقرى، وأزهق الآلاف من الأرواح البريئة، فعادت المأساة وتفاقمت الأمور وإزدادت سوءاً.
سوريا اليوم تحتاج الى تجاوز عثرات الماضي وإستعادة جسور التواصل مع الصامتين العرب والمخدوعين والمنخدعين (بالربيع العربي) الذي أعادنا للوراء عشرات العقود والسنوات، فهلموا نمُد أيدينا لسوريا الصامدة ونساعدها للخروج من هذه الأزمات ونُعيد لشعبها نزراً يسيراً مما تهدم ومات، حفظ الله سوريا الحبيبة من شر المؤامرات والاستهدافات وللحديث صلة.