
إساءة استخدام الصور الرسمية
كتب محمد حسن العرادي – البحرين
ظاهرة لافتة انتشرت في مواقع التواصل الإجتماعي، يستخدم فيها بعض المغردين والمشاركون في التعبير عن آرائهم الصور الرسمية لقادة بلدانهم، وهي ظاهرة إيجابية يفترض بانها ترمز إلى الولاء والتأييد لهذه القيادة في معظم الأحيان، لكن الملفت أن بعض الأشخاص يستخدمون هذه الصور بشكل سيء، ويمارسون من خلال التخفي ورائها أدواراً فوقية تستعلي على الآخرين تتباهى عليهم، وفي أبسط الأحوال تبتزهم وتستفزهم وربما تهاجمهم أيضاً، من خلال الإيحاء بأنهم يمثلون الرأي الرسمي من جهة، أو التخندق خلف هذه الصور لتمرير مواقف عنيفة وحادة تتطاول على الآخر وتصنفه عدواً للدولة لمجرد الإختلاف في وجهات النظر معه فتمارس التحريض ضده والإساءة إليه.
ويبدو أن الأمر قد تجاوز الحدود اللائقة وأصبح بحاجة إلى معالجة حاسمة من قبل الجهات المعنية، ذلك أن من يستخدم هذه الصور الرسمية مطالب بأن يحترمها ويحترم رمزيتها ومكانتها في المجتمع، فهذه القيادات المجتمعية تمثل الجميع ولا تمثل جهة دون جهة أو فئة دون فئة، أو طائفة دون طائفة، ومن أجل حماية هذه الرمزية المجتمعية فإن على من يستخدم هذه الصور أن يرتقي في خطابه وتعامله مع الآخر، ويدقق في إختيار مداخلاته وتغريداته وكلماته لكي لا يساء فهم ما يكتب أو يقول أياً كانت النوايا.
ولعل البعض يُدرك هذه الحقيقة لكنه يتعمد التخفي وراء هذه الصور من أجل أن يسبغ على نفسه وخطابه بعض من التعالي والتفوق الرخيص، معتقداً بأن ذلك سيحميه من حق الناس في الإختلاف مع ما يطرحه من آراء حتى وإن كانت آراءاً شاذة أو مستفزة تفوح منها رائحة الطائفية المقيتة، ظناً منه بأن مجرد وضع هذه الصور الرسمية في المنصة الإعلامية أو حتى الواتساب الذي يستخدمه، سيوفر له الحصانة والفرصة لكي يصول ويجول ويتكلم في المعقول وغير المعقول، وأن الناس ستأخذ مداخلاته بشيء من القداسة والتبجيل وتتعامل معه بالتهليل والتطبيل، ودون شك فإن هذا الإنطباع الخاطئ يسيء لصاحبه قبل أن يسيء لغيره، فالناس تحترم الآراء الوازنة والرزينة ولا تدير بالاً لأصحاب الأقلام الفتنوية المريضة مهما تلبست باللبوس الرسمي لتخفي ضعفها وهزال مواقفها وإنغراسها في العفن الطائفي.
إنني هنا أدعو إلى أن يحترم كل من يستخدم الصور الرسمية لقيادة البلاد، فهذه المقامات محمية بنص الدستور، وليس مسموحاً لأحد بأن يزج بها في تصفية خلافاته الفكرية والعقائدية والسياسية، وإذا كان البعض يعتقد بأن الإختباء خلف رمزية هذه الصور وما تمثله بالنسبة للمواطنين كافة سيوفر له الحماية من النقد أو الإختلاف، وحتى المسائلة القانونية، فإنه مخطئٌ بشكل كبير، لأن الأمر إذا إستقر سيصبح ممجوجاً ومؤذياً وينال من الكرامة والمواطنة وحرية الرأي والتعبير والإعتقاد الديني والفكري والسياسي التي يقرها الدستور وتحميها القوانين الوطنية في البلاد.
إننا نأمل من كل الذين يستخدمون الصور الرسمية لقيادة البلاد في منصاتهم على وسائل التواصل الإجتماعي أن يكونوا على قدر المسؤولية التي وضعوا أنفسهم ضمن إطارها، وهي تعزيز الاحترام والمبادئ الوطنية، وندعو كل من لا يستطيع تحمل هذه المسئولية الى الإبتعاد عن هذا التزلف المصطنع، والتوقف عن ممارسة الإرهاب الفكري والسياسي الساذج للآخرين، كما ندعو هؤلاء الى إمتلاك الشجاعة الأدبية لوضع صورهم الشخصية وأسمائهم الحقيقية حتى يتسنى للآخرين التعامل معهم حسب أحجامهم الحقيقية ومواقعهم الطبيعي من دون تفخيم أو تضخيم، وليس حسب ما يدعونه من قرب أو تمثيل لقيادة البلاد، والله من وراء القصد