
الذكاء الاصطناعي نعمة اقتصادية أم نقمة؟ (2 من 3)
التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدَّين
كتبت د. ريم حمود
تابعنا أنه ومع تطور العلم والحاجة إلى محاكاة الذكاء البشري، يبرز دور الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة النمو الاقتصادي الذي يقاس بنسبة مئوية تمثل معدل الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وتسهم القوى العاملة، والبنية التحتيّة، إضافة إلى توافر فرص جديدة للعمل، والاستثمار، والتقدم التكنولوجي، ونمو دخل الفرد، وغيرها من العوامل، في رسم ملامح النمو الاقتصادي عامةً.
من جهة أخرى، لن يخلو الأمر من تخوف بشأن خسارة الوظائف التقليدية المفتقرة إلى هذا النوع من الذكاء، إضافة إلى القلق من عدم دقة تحليل الذكاء الاصطناعي للبيانات، ومن ثم عدم دقة القرارات التي تُبنى على ذلك، فضلاً عن الخطر المترتب على تحيز هذه البيانات، وما يرتبط بذلك من مسائل خصوصية المعلومات، واستخدامها غير الشرعي، كسرقة هويات المستخدمين، وقد ينتهي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، ولا سيما في العمليات الحساسة، وإلغاء الدور البشري إلى كوارث ضخمة.
حيث إنّ التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدَّين، فهو قد حمل إيجابيات كثيرة ونوايا نبيلة، ولكنّه في الوقت ذاته انطوى على أخطار لا يُستهان بها؛ لذا لا بدَّ من الوعي في استخدامه وتطويره.
وهنا لا بد أن نتطرق إلى سلبيات تقنيات الذكاء الاصطناعي، بحيث لا نستطيع إنكار وجود سلبيات تقنيات الذكاء الاصطناعي على رغم الإيجابيات الكثيرة التي ذكرناها، ومن أبرز سلبيات الذكاء الاصطناعي نذكر:
– التكاليف العالية: يعدُّ ارتفاع التكاليف من أبرز سلبيات الذكاء الاصطناعي، وهذا ما لا يخفى على أحد، فالجميع يعلم الحاجة إلى استثمار عالٍ إذا ما أرادت شركة أن تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ وذلك من أجل الحصول على الأجهزة والتطبيقات اللازمة لتشغيله، إضافة إلى تكاليف تحديثه المستمرة، ولا ننسى تكاليف توظيف المتخصصين أو تدريب الموظفين من أجل التعامل معه.
– تقليل العمالة: قد يبدو حلول تقنيات الذكاء الاصطناعي محل اليد العاملة البشرية أمراً جيداً، لا سيما بالنسبة إلى الشركات، لكنّه يعدّ من سلبيات الذكاء الاصطناعي بالنسبة إلى الموظفين، فكثير من الموظفين قد فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم بسبب الذكاء الاصطناعي وتقنياته، وعدد منهم يتخوّف من خطر وقدرة هذا الذكاء على إزاحته مستقبلاً، ويعيش هاجس افتقاد الأمان الوظيفي.
– الافتقار إلى الإبداع: من سلبيات الذكاء الاصطناعي أنّه جامد وغير إبداعي، وعلى رغم قدرته على التعلم من البيانات والتجارب المدخلة مع مرور الوقت، إلا أنّه عاجز تماماً عن الخروج عن النوتة التي رُسمت له أو التفكير خارج الصندوق؛ لذا لا يمكن الاعتماد عليه في إنتاج محتويات إبداعية لا غنى عنها أبداً في التعاملات البشرية.
– يفتقر إلى التعاطف والأخلاق: وتُعد العواطف البشرية جزءاً مهماً من عمليات الشراء، وتؤدي الأخلاق أيضاً دوراً محورياً في ضبط تصرفات البشر، وهذا ما لا يمكن للذكاء الاصطناعي فهمه أو التغلب عليه، فهو عبارة عن “خوارزميات منطقية عقلانية” غير قادرة على استيعاب دور العاطفة في اتخاذ القرارات، ولا دور الأخلاق في التحكم بالسلوك؛ لذا فإنّ غياب الجانب العاطفي والتقدير الأخلاقي يُعدّ من سلبيات الذكاء الاصطناعي.
– يزيد احتمالات كسل البشر: تنظيف الأرض باستخدام الروبوت، وتحضير القهوة باستخدام الماكينة، والاستعانة بالمساعدات الرقمية، من شأنه أن يرفع من اعتماد الإنسان على الآلة، ومن ثمّ زيادة الكسل البشري، جميعنا أصبح ركيكاً في عمليات الجمع والحساب بعد اختراع الآلات الحاسبة، وكذلك في الاستيقاظ بعد المنبه، وفي التذكر أيضاً بعد تطبيقات الملاحظات، وهذا مردّه إلى تقليل استخدامنا لأدمغتنا والذي بدوره سبّب كسلها؛ فيجب الاعتراف بهذه النقطة، وعدم السماح لها بتجاوز حدود معينة، وإلا فإنّنا سوف نتحول إلى كائنات بلهاء بالمطلق إذا ما استمر الذكاء الاصطناعي بالتطور واستمررنا بالاعتماد عليه بهذه الطريقة.
– في الاقتصاد القائم على العولمة، هناك أسباب أخرى للشك في ما إذا كانت المكاسب المحتملة للذكاء الاصطناعي ستكون متساوية بين الاقتصادات.
من ناحية أخرى، هناك خطر “السباق نحو القاع” بحسب “رويترز”؛ حيث تتنافس الحكومات على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مع تنظيمات متساهلة على نحو متزايد. ومن ناحية أخرى، قد تؤثر الطفرة في الاستثمارات إلى ابتعاد العديد من البلدان الفقيرة عن سكة المنافسة في هذا الإطار، يجب أن تكون لديك البنية التحتية المناسبة، أي قدرة حوسبة هائلة”.
لذا اتضّح أن الابتكار هو الجزء السهل. الأصعب هو جعلها تعمل للجميع – وهنا يأتي دور السياسة والحكومات.
ويبقى السؤال
الذكاء الاصطناعي نعمة اقتصادية أم نقمة؟