رئيسي في ايران، .. بايدن يأمر بسحب ثاد وباتريوت من الخليج والاردن..؟

أجواء برس

تقرير سياسي- ميخائيل عوض

المعطيات الواقعية والتحولات المرتقبة
انتخب رئيس السلطة القضائية رئيسي رئيساً لإيران من الجولة الأولى وبفارق أصوات كبير، ما دفع الآخرين لتهنئته قبل إعلان النتائج، وبنسبة مشاركة ممتازة مقارنة بالسوابق الإيرانية، ناهيك عن سواها من انتخابات في دول لعالم التي  نادراً أن بلغت نسبة المشاركة الإيرانية.
رئيسي مرشح المحافظين ويوصف أنه ممثل التيار الثوري والحزب الإلهي في كتلة المحافظين والشخصية الأوسع خبرة في إيران، فقد تدرج في القضاء وفي إدارة مالية وهيئة مقام الإمام الرضا في مشهد ومرقده الأكثر اهمية دينيه، ويقال إنه أغنى مالياً من الدول، ويعتبر الأكثر أهمية وقدسية في إيران والمذهب الشيعي لولاية الفقيه، وسجلت له براعة وحكمة في إدارته، ومن مريدي الإمام القائد ومحط ثقته العالية وينظر له كأبرز المرشحين لمنصب القائد ولي الفقيه، وقد درس الفقه في قم والنجف ومشهد ويصنف كمرجع ديني.

لا ينقص الرجل العلم والحكمة والخبرة في مختلف المجالات، لا سيما القضاء وقد ترج في مناصبه والمال والاقتصاد، وباعه واسعة في علوم الفقه والدين ومن صلب المؤسسة الدينية الإيرانية ومن رجالات عهد الثورة، وحافظ لقيمها والحائز على اجماع تياراتها الراديكالية السيادية، وله حضور وحظوة كبيرة في صفوف الحرس الثوري وله أنصار وعلاقات مع الكتل الاجتماعية والمواطنين من كل الفئات، وسبق له إن قاد تظاهرات واو حرض عليها، ضد سياسات الليبرالية التي انتهجها الإصلاحأون وتصدى لمظاهر الفساد وشركات تشغيل الأموال والأعمال الوهمية التي بددت أموال  الموا طنينين الإيرانيين بتعاقدات لبناء مجمعات سكنية وتجارية، وتخلفت وقد بدأت الاضطرابات الأوسع والأخطر على السلطة من مدينة مشهد، وساقت الأنباء عن دور محوري لرئيسي في اشعالها، وقيل إنها رداً على اسقاطه في الانتخابات الرئاسية عندما نافس الاصلاحي روحاني، وبغض النظر عن أسبابه ودوافعه إلا أنها كانت الأوسع والأكثر تأثيراً ولم يستطع أحد اتهامها أنها من صنع الاستخبارات الخارجية كسوابقها، فقد أضفى عليها رئيسي ودوره الصفة الوطنية الاجتماعيةـ وكتعبير عن درجة ضيق الشعب الإيراني من الفساد والإجراءات والسياسات الليبرالية غير المطابقة لثقافة وقيم الشعب الإيراني، وقد استفزت تجار البازار القوة الأكثر حضوراً وتأثيراً في الكتل الاجتماعية، وكان له الدور الأهم في إسقاط الشاه وترسيخ الجمهورية الإسلامية ونظامها، ولرئيسي صلة وعلاقات قوية مع أركان البازار، ووقف إلى جانبه في مطالبه واعتراضاته على سياسات وإجراءات عهود الاصلاحيين.
على خط متصل أعلنت الإدارة الأميركية رغبتها بإنجاز المفاوضات النووية والعودة للإتفاق قبل تسلم رئيسي المنصب، وفي إشارة قاطعة بأن الإدارة الأميركية خسرت جولة هامة وانحسرت فرص مشروعاتها ورهاناتها لاحتواء إيران والاستثمار في تشققاتها وازماتها الداخلية، و في الاشتباك بين الاصلاحين “والمتأوربين المتأمركين من دعاة الليبرالية والتغريب” والمحافظين “الوطنين السيادين في إيران”.
ثم استبقت إعلان نتائج الانتخابات الصادمة للرهانات الأميركية بإعلان سحب قوات عسكرية وبطاريات ثاد والباتريوت من الأردن والسعودية والكويت بذريعة إعادة نشرها في مناطق أخرى.
وقد تقاطرت هذه الأحداث على تقاطع نتائج القمم الثلاث التي سعت إليها إدارة بايدن، وجاءت نتائجها العملية شواهد على تراجع القدرات وعناصر القوة وانحسار وسائط وآليات السطوة والتحكم الأميركية على العالم والحلفاء، وتثبتت حقيقة أن أميركا في طور التراجع والانسحابية، أقله من الشرق العربي والخليج والأكثر دلالة أن من يعتمدها كسياسة عملية هو بايدن ممثل لوبي العولمة الذي أسقط ترامب لكونه انسحابي، وتجرأ على إعلان خيار أميركا أولاً لتبقى قوة عالمية وازنه بالانكفاء ومغادرة دور شرطي العالم وشرطي الخليج، والمنخرطة في حروب لا طائل ولا فائدة  لأميركا منها ورفع شعار أميركا أولاً ولتذهب العولمة الى الجحيم.

في التحليل
تقاطع الأحداث، واستعجال أميركا إعلان سحب قواتها من الخليج والأردن ليس منقطعاً عن الانتخابات اللإيرانية وآليات حسمها ودلائلها، بل هي على صلة رحم فالخطط الأميركية والغزوات والحروب التي أدارتها أميركا في العرب والمسلمين كانت وفي جزء أساسي منها تستهدف إيران ودورها وتطورها، وما بلغت من قوة وحضور ونووية وفضائية.
فالمصادفة ليست صدفية إنما نتائج لأسباب موضوعية، وتحولات سابقة بدأت توتي ثمارها، فإخفاق بايدن باستمالة بوتين ضد إيران والصين أفرغ جعبة إدارته من رهان خاطئ، وانجاز إيران انتخاباتها بسرعة وسلاسة واقتدار أنهت فرص ورهانات أميركا على احتواء إيران، وعجز بايدن من استعادة القوة والحضور عالمياً على رغم قمة الناتو والتصريحات الناري،ة وظهور موقف علني ألماني يتحدث عن مصالح وسياسات مختلفة عن أميركا لألمانيا وأوروبا في شأن روسيا، مؤشرات وواقعات تجزم بانحسار فرص وقدرات أميركا وتصاعد ظاهرات التحرر من التبعية لها.
سحب بطاريات ثاد وباتريوت الأميركية من الخليج وبقرار من إدارة بايدن” كان ترامب حاول وأخفق لمقاومة البنتاغون” بعد قرار استراتيجي بتسريع الانسحاب التام من أفغانستان وعلى وقع قرار غير مسبوق لإدارة أميركية بسحب ١٢٠ من العسكرين والخبراء من إسرائيل أثناء معركة سيف القدس “الأمر الذي لم يسبق ان اتخذته إدارة أميركية، فقد كانت الإدارات تسابق لتأمين جسر الإمداد الجوي والمالي، وارسال وحدات وأسلحة قتالية لإسناد الحروب والاعتداءات الإسرائيلية” ما يدفع للاعتقاد شبه الجازم بأن أميركا وبإدارة لوبي العولمة، قررت انفاذ استراتيجيات ترامب ولوبي الأمركة بالوكالة والانسحابية والتخلي عن حلفائها الأكثر أهمية تقليدياً، كـ”إسرائيل” والسعودية والإمارات الخليجية، ويتثبت هذا الاستنتاج الواقعي من متابعة مسارات التفاوض الإيراني السعودي، وما يجري في خصوص حرب اليمن ودور سلطنة عمان ويصادق عليها التسريبات من أن اتفاق قد أنجز وفي عناصره فك الحصار وفتح مطار صنعاء وتأمين الامداد عبر المرافئ اليمنية، وإعطاء فرص لأنتاج تسوية داخلية يمنية بإشراف أممي بعد وقف العدوان.

خلاصات التحليل
١- إيران حسمت أمرها وحزمت قراراها وقررت الخروج من ثنائية الاصلاحيين “المتأمركين” والمحافظين وبدأت العمل على شد عصبها وتوحيد مؤسساتها وقرارها، فتركزت السلطات كلها بيد القائد والحرس، وفريقهم في المؤسسات، وهذه ستغير في إيران ومن دورها ومكانتها ومشروعها.

٢-حسم إيران لخياراتها وتوحيد سلطاتها وتفويض القائد والحرس يدل على أنها حزمت أمر الفكاك مع الأوربة والأمركة واللبرلة الاقتصادية الاجتماعية، والسعي إلى إنتاج خيار وطني إسلامي اجتماعي واقتصادي، بالتساند مع النموذج الآسيوي الأوراسي بقيادة الصين وروسيا، وحسم وتركيز السلطة بيد فريق على رغم ضعف وانحسار وإفلاس الفريق الإصلاحي ورهاناته في إيران وفي الإقليم والعالم مع أزمات الليبرالية، واحتمال انفجار نموذجها عالمياً، ومع انحسار القوة الأميركية ودخول “إسرائيل” والسعودية أزمات بنيوية وهيكلية بصفتها كانت أدوات أميركا لتأمين السيطرة وإعادة الهيكلة، يقدم لإيران فرص ذهبية إن عرفت التعامل مع الجديد العالمي والاقليمي، وهذه تفترض ليس تغير الأشرعة والتوجه شرقاً فحسب، بل أيضاً تطوير النظام والسلطة وأدواتها وخططها ومشاريعها، بما يتساوق مع جديد العالم والإقليم.

٣- إيران رئيسي ستكون أمام تحديات من نوع وطبيعة مختلفة عن سوابق عهود الجمهورية، ففي الداخل معنية بتقديم جديد وعصري على كل المستويات، فالمبارزة بين اصلاحيين ومحافظين انتهت جولاتها وفرصها، وستكون بين الجمهورية وسلطتها الموحدة وتحديات الاقتصاد والمجتمع والعصرنة، وإن أخفقت فالصراع سينتقل بين الجمهورية ومؤسساتها والمجتمع، ومن المعطيات المادية المقررة والواجب على إيران التعامل معها بجديدها والارتقاء بالوسائل والأدوات والشعارات، تراجع أهمية ودور القضية الفلسطينية في الأجندة الإيرانية التي كانت في جوهر التحولات والصراعات، فالدور المصري يتقدم ويصادر دور إيران وتركيا وعتلة القضية، انتقلت من الخارج والصواريخ وغزة الى فلسطين الـ٤٨ والضفة، حيث لا فرص لإيران لتكون سائدة وعامل محوري، والانسحابية الأميركية من الخليج، وغالباً من العراق، ستفقد إيران ضدها النوعي التي استخدمت الصراع معه كقضية محورية لتبرير سياساتها، وتتراجع حججها وذرائعها وسبب وحدتها وصعودها وتعظيم دور الشيعية السياسية والجهادية في العراق واليمن ولبنان وآسيا الوسطى، الى أفريقيا.

وبالعودة الى الملف النووي وكيفما انتهت المفاوضات سيسحب الاهتمام الإيرانية به وبكونه مادة صراعية وكصمغ لاصق للوحدة القومية والوطنية، وقد تواجه رئيسي وإيران مسألة وراثة وخلافة القائد، وفي هذه نرى أن تعظيم مكانة ودور رئيسي في الانتخابات وما تحقق له، إنما هي عملية متقنة لتحضيره ليكون الإمام القائد، وفي تقاليد المؤسسة الدينية أن يتدرج ويتدرب القائد في رئاسة الجمهورية وهذه تقانة تسجل لها.

٤- الإقليم والعرب وتركيا أمام إيران مختلفة، فهل يتقنون التعامل معها؟ وهل هي ستتقن فن إدارة الصراع والتحالف بقواعد جديدة؟
الإقليم محكوم بتراجع حاد لقضايا شغلته سابقاً وتغير قواعد الاشتباك والتحالفات في السنوات الأربع المقبلة من عهد رئيسي، فالصراع المذهبي واحتمالات حروب السنة والشيعة تتراجع حدياً، وعند وقف حرب اليمن والتفاهمات السعودية- الإيرانية ستنتفي المبررات والأسباب والدوافع، ليحل مكانها صراع بين العلمنة والعصرنة والحداثة وتسيس الدين. واللافت أن مصر والسعودية وقد يصير لبنان من محاور قيادة الخروج من تسيس وتطييف الدين إلى العلمنة. ولهذه قواعد صراع واشتباك وتحالفات مختلفة عن التهويل بخطر  الفتن السنية – الشيعية، ومع انتداب أردوغان تركيا للحلول محل القوات الأميركية والأطلسية في كابول ومطارها، سيتغير إيقاع ودور تركيا وينعكس ذلك في ترجيح احتمالات الحرب السنية –  السنية وانفجار السنية المسلحة والسياسية، وقد يستدرج تباينات بين تركيا وإيران ويغير ما كان من قواعد تفاهمات، والأمر نفسه سيكون في العراق واليمن وبإزاء فلسطين، وهذا يوجب على إيران التبصر والتغير في السياسات وقواعدها التي كانت لعقود، والمشروع الأميركي لتأمين كردستان الكبرى، ستكون القضايا الأكثر حضوراً وضغطاً على الجميع وإيران، خاصة ما يستوجب منها ابتداع خطاب وسياسات من نوع مختلف للتعامل مع الكرد والعرب والسنة… هل تستطيع؟

٥- امريكا قررت وبدأت الانسحاب واعادة ترتيب اوراقها ومشاريعها،  ولن تدير اذنها لاحد فقد وضعت خطط وسيناريوهات الانسحاب من الاقليم والتمركز في بيئات الكرد، والتشبث بأوروبا واسيا ومحيط الامن الروسي والصيني، وتسارع الانسحاب الامريكي سيطلق موجة من الازمات والانفجارات وانهيار احجار الدومينو في العرب والمسلمين وافريقيا وهذه ستشكل وتولد تحديات وجديد في الازمات غير التي عاصرتها وتعاملت معها ايران الجمهورية الاسلامية. فكيف ستتعامل معها وباي سياسات وخطاب وممارسات؟

الاحتمالات؛
إيران رئيسي حقبة إعادة التأسيس
١-حسمت إيران أمرها وهزم التيار الإصلاحي بصورة كاسرة، ولن تشهد اضطرابات أو اعتراضات في الشارع كما في السوابق، واستقرت السلطة في كل فروعها ومؤسساتها للقائد والحرس، ما يؤهل إيران لحقبة جديدة ستكون الانتخابات محطة فاصلة بين جمهوريتين والحاجات الداخلية والإقليمية والعالمية، تستوجب إعادة ولادة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ليكتب لها البقاء والتمدد، وسيتقرر مستقبل إيران ومكانتها والإقليم وتوازناته على ما سترسو عليه إيران من موجبات تحديث السلطة والخطاب والعلاقة بين الدولة والمجتمع والإسلام، والمجتمع والليبرالية الفردية والحريات الشخصية والعامة، وستختبر فرص وقدرة إيران على اشتقاق نموذج اقتصادي اجتماعي إسلامي وتحديد ماهيته.

٢-حقبة رئيسي معنية ومطالبة بتغير وتحديث الخطاب والدور والموضوعات لتقرير مكانة إيران في العرب والمسلمين، واحتمال قطبيتها في الإقليم، وخطاب الوحدة الإسلامية وحوار المذاهب انتفت اسبابه وموضوعاته كخطاب الصحوة الإسلامية التي انتجت ما لا تهواه إيران المؤسسة الدينية.

٣-تطوير الخطاب والقوانين والعلاقات بين السلطة والمجتمع مهمة لإيران راهنة قد لا تقبل التأجيل كأولوية، ففي زمن تراجع مخاطر الفتن المذهبية والدينية وتراجع وانحسار الوجود الأميركي العدواني، وتراجع قيمة واهمية “إسرائيل” سيفرض على إيران رئيسي تغير الخطاب والتحالفات والسياسات، فالإسلام التقليدي والإسلام السياسي تقادم، وفي شقه السني تراجع وينهار وقد يشتبك بين فصائله، فماذا عن الشيعي والعلاقات بين المذاهب الشيعية والمراجع وقد انفجرت أزماتها، أقله في العراق ومأزومة في لبنان وعاجزة عن تحقيق اجماع في اليمن،  ومذهب ولاية الفقيه الخميني في الشيعية السياسية والجهادية بات يحتاج إلى تحديث وعصرنة، وقد بدأت السعودية ومصر بتطوير الخطاب والمفاهيم والأصول وقواعد الفقه السني، ولن تستطيع إيران الاحتفاظ بتقاليدها ومفاهيمها وأحكامها الإسلامية، وهذه مهمة ليست يسيرة أمام القائد والمؤسسة الدينية ورئيسي الآتي من صلبها.

فهل تنجح ايران..؟
تميل المعطيات المادية والظروف لترجيح احتمال النجاح على احتمال الفشل. فالفشل يعني ذهاب إيران إلى الترهل والعجز، فالصراع بين السلطة والشعب في زمن التواصلية وشبكات التواصل، وتراجع قدرة النظم والنخب على احتكار وسائط السيطرة والسطوة، واستنفاذ مشروعيات إيران ودورها الإقليمي وفي الصراع مع الغرب، ومن أجل فلسطين لتطفوا الثغرات ومسؤوليات حلفاء وأدوات إيران في العراق، والآخريات على ما كان تحقق من مكاسب نوعية على يد قوة القدس والشيعية الخمينية السياسية والجهادية في المقاومات والحروب.

ففي اصول الفقه الشيعي جائز الاجتهاد وفي تجربة الخميني والحكومة الاسلامية” ولاية الفقيه” التي خرجت على النص التقليدي للشيعية التاريخية مؤشرات وحوافز لتحولات ايرانية قد  تقدم جديدا في التشريع والاحكام والاعراف الاسلامية الشيعية وايران امة عظيمه تاريخية اشتقت لنفسها دورا بكفاءة عالية وتقدمت علميا بمعدلات كبيرة والمجتمع الايراني شاب ومتعلم وتاليا تتوفر للسلطة الايرانية امكانيات وظروف انتاج وتطوير وعصرنة النصوص والاحكام الاسلامية وركوب موجه تحرير الاسلام من السياسة .

يعيق قدراتها، إن الحاكم هو المؤسسة الدينية وقد تراجع تحالفها مع البازار والمجتمع، و تحملت مسؤولية السلطة لـ43 سنة، وانتقلت خلالها من المعارضة الى السلطة وتوحدت سلطاتها مع رئيسي، والمطلوب من المؤسسة الدينية أن تغير في التشريع والفقه والرواية والأحكام في الإسلام وتعصرنها، وربما هذه تكون مهمة صعبة ومعقدة، لأن تغيرها قد يسحب من رجال الدين والمؤسسة الدينية شرعيات وسلطات مجتمعية ومكاسب تكرست لأربعة عقود ونيف.

 

الإقليم دخل طور التغيرات الحدية والمتسارعة
الانسحابية الأميركية أصبحت حقائق مادية ملموسة لن يصلح عنادها ومن يعاندها يتوهم وسيدفع ثمناً.
الانسحابية الأميركية الجارية ستعني الإخلال بالتوازنات ونسف الأسس والقواعد التي ارتكزت عليها النظم والجغرافيا التي استقرت على نتائج الحرب العالمية الأولى. فالحماية الأوروبية ثم ثنائية أميركا والاتحاد السوفيتي قد انتفت وذهبت أدراج الماضي والنظم والجغرافية الموروثة لا تمتلك عناصر الحماية والاستدامة الذاتية، وبتقزيم دور “إسرائيل” وتخلي أميركا والغرب عنها تفقد النظم والجغرافية السابقة قواعد ارتكازها وحمايتها والثابت أن “إسرائيل” قاصرة والتطبيع معها والتحالف الذي فرضه ترامب قبل رحيله يتسارع انهياره، كما هو جارٍ مع السودان وبين “إسرائيل” والإمارات بعد إسقاط “إسرائيل” لاتفاق خط انابيب نقل النفط عبر “إسرائيل” ودخول العلاقات مع السعودية والأردن حالة القلق والاضطراب، ومع حسم تركيا لخيارها الأطلسي في أفغانستان واحتمالات ما يستدرج من الحرب السلفية السنية بين فصائلها، ترتسم معالم إقليم جديد مختلف جوهرياً، وهذه أيضاً ستسرع منها نتائج الانتخابات الإيرانية والانسحابية الأميركية،
أي إقليم يتشكل وكيف ستنهار أحجار الدومينو… من يرث ومن يسود؟
ذلك ما يجب ان يكون الشغل الشاغل للباحثين والكتاب والاستراتيجين.
الانتخابات الإيرانية، وإعلان أميركا سحب بطاريات ثاد والباتريوت والقوات من الخليج أحداث وتطورات جسام مؤسسة لإقليم ولعالم جديد وإيران في صلبه وصلب المتغيرات الاستراتيجية الجارية والواجبة الانجاز…

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى