
حينما رفضت مقاتلات سعودية طلباً أميركياً بإسقاط “سوزان” العراقية بعد هجومها الدموي
في 17 مايو 1987، أصابت مقاتلة عراقية من طراز ميراج “إف -1” الفرقاطة الأميركية “ستارك” بصاروخين خلال الحرب العراقية الإيرانية، في هجوم وُصف حينها بأنه الأكثر دموية منذ حرب فيتنام.
الهجوم الجوي تسبب في مقتل 37 بحارا أمريكيا وإصابة 21 آخرين، فيما تعد الحادثة الأولى والوحيدة التي يستخدم فيها هذا النوع من الصواريخ البحرية المضادة ضد سفينة تابعة لسلاح البحرية الأميركية، وكان درسا أظهر مدى خطورة مثل هذا السلاح حتى على أقوى الأساطيل البحرية.
تفاصيل إصابة الصاروخين العراقيين للفرقاطة الأميركية:
كانت الفرقاطة الصاروخية الأميركية “يوإس إس ستارك” تقوم في ذلك اليوم بدوريات في منطقة في مياه الخليج على بعد 3 ميلو مترات من الساحل الإيراني، وكان العراق حددها على أنها منطقة عمليات عسكرية، فيما كانت تدور “حرب ناقلات النفط” في ذلك الوقت بين العراق وإيران.
الأميركيون رصدوا اقتراب طائرة مقاتلة من السفينة الأمريكية، واكتشفت رادارات السفينة اقتراب الطائرة الحربية، وأمر قائد الفرقاطة الأميركية الكابتن “غلين بريندل” بإرسال تحذير بالراديو والطلب من قائد الطائرة المجهولة تحديد هويته.

قائد المقاتلة العراقية التابعة إلى “السرب 81″، لم يرد على النداء الأميركي، وحين اقترب على مسافة مسافة 35 كيلومتراً أطلق صاروخين من طراز “إكسوسيت” على التوالي، واستدار عائداً إلى قاعدته الجوية، فيما أدرك طاقم السفينة الأميركية أنهم تعرضوا لإطلاق نار بعد فوات الأوان.
اخترق الصاروخ الأول المضاد للسفن هيكل الفرقاطة الأميركية مباشرة تحت الجسر، إلا أنه لم ينفجر، لكن الوقود المتبقي اشتعل وتسبب في حريق كبير. وضرب الصاروخ الثاني بعد ذلك المكان نفسه تقريباً وفي هذه المرة انفجر، محدثاً فجوة في هيكل السفينة الأميركية بقياس نحو 5 أمتار.
الصاروخان ألحقا أضراراً جسيمة بالفرقاطة الأميركية، واندلع بها حريق استمر ليوم تقريباً، ولتفادي غرق السفينة أمر قائدها بإغراق الجانب الأيمن والمحافظة على وضع تكون فيه الفجوة في الجانب الأيسر فوق الماء، وبصعوبة تمكنت الفرقاطة “ستارك” بمرافقة المدمرتين “وادل” و “كونينغهام” من الوصول في اليوم التالي إلى قاعدتها في المنامة.
تسبب الإصابة السفينة الأميركية الحربية المزدوجة في مقتل تسعة وعشرين من أفراد الطاقم، وفقد اثنان، فيما لقي ثمانية مصرعهم في المستشفى بعد تعرضهم لإصابات خطيرة.
قضى الهجوم الجوي العراقي على مستقبل قائد الفرقاطة الأميركية الكابتن “غلين بريندل”، وتمت إقالته، على الرغم من أن اللجنة التي حققت في الحادثة طالبت بمحاكمته عسكرياً.
بغداد في ذلك الوقت ذكرت في تفسيرها للحادث أن الفرقاطة الأميركية كانت في منطقة عمليات عسكرية معلنة مسبقاً، ولاحقاً قالت الحكومة العراقية عن الطيار العراق أخطأ وظن أن “ستارك” سفينة إيرانية.
قبلت واشنطن اعتذار بغداد في ذلك الوقت وكان البلدان حليفة، وألقت بمسؤولية ما حدث على إيران، إلا أن محاولاتها الرسمية للقاء الطيار العراقي والتحدث معه باءت بالفشل.
بعض المصادر العسكرية الأميركية التي وصفت بالرفيعة أرجعت مسؤولية الحادثة إلى “قلة خبرة” الطيار، كما أن الاستخبارات الأميركية لم تقييم بشكل صحيح التهديد الذي شكلته مقاتلة الميراج العراقية، واعتبرتها مثقلة بصاروخين “إكسوسيت” وبالكاد قادرة على الطيران بشكل صحيح في تلك الظروف الجوية.
في نفس الوقت قدمت الصحافة الأميركية قائد المقاتلة العراقية على أنه طيار متمرس أمضى أكثر من 1000 ساعة في القتال، وخاصة على مقاتلات ميراج ” إف 1 كيو إس”.

قصة الطائرة العراقية “سوزان”:
أما تلك الطائرة المقاتلة التي نفذت الغارة عن بعد على السفينة الحربية الأميركية، فكانت فريدة والوحيدة في سلاح الجو العراقي التي زودت بصاروخين مضادين للسفن، وكان العراقيون يطلقون عليها اسم “سوزان”.
التقارير تؤكد أن الطيار العراقي لم يكن يعلم أن الهدف الذي أصابه بصاروخين هو سفينة حربية أميركية، وكان يجهل أيضاً أن طائرة إنذار مبكر أميركية ” إي-3 إيه سينتري ” كانت ترصده.
السعوديون رفضوا طلباً أميركياً بضرب المقاتلة العراقية:
اللافت أن طاقم طائرة الإنذار المبكر الأميركية حين أدرك أن “ستارك ” تعرضت للهجوم وأصيبت، طلب من مقاتلتين سعوديتين من طراز “إف – 15 إيغل” اعتراض الطائرة التي نفذت الهجوم، إلا أن السعوديين رفضوا تلبية الطلب.
“سوزان”، المقاتلة العراقية التي أصابت الفرقاطة الأميركية “ستارك” أثناء القتال مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية، أرسلت إلى إيران ضمن طائرات أخرى لإبعادها عن الخطر، وانتهت قصتها هناك.
آلاف الدولارات وسيارة مرسيدس:
من المفارقات، أن الاستخبارات الأميركية تحدثت لاحقاً عن أن الزعيم العراقي صدام حسين كافأ حينها الطيار الذي أصاب “ستارك” بمبلغ 35000 دولار، وسيارة من نوع “مرسيدس بنز”، على الرغم من الاعتذار الرسمي، والتعزية التي أرسلت إلى واشنطن.
المصدر: RT