
احذروا الابتزاز الإلكتروني
أجواء برس
منذ أن انتشر «فيروس الكوفيد» 19 وتم فرض الحجر المنزلي وحالات الإبتزاز الإلكتروني تتفاقم بشكل مستمر، نتيجة استخدام وسائل التواصل الإجتماعي طوال الوقت من قبل غالبية المواطنين، الأمر الذي استدعانا لدق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان للحدّ من عدد الضحايا الذين يقعون فريسة لهذا الإبتزاز.
لكن ما هو الإبتزاز الإلكتروني؟
يعتبر الابتزاز الإلكتروني بمثابة عملية تهديد وترهيب للضحية من خلال نشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سريّة تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزّين كالإفصاح بمعلومات سريّة خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية.
وعادة ما يتم تصيّد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كـ «الفايسبوك، تويتر، وإنستغرام» وغيرها من وسائل التواصل الإجتماعي نظراً لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع.
وتتزايد عمليات الإبتزاز الإلكتروني في ظل تنامي عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والتسارع المشهود في أعداد برامج المحادثات المختلفة.
حملة توعوية
إنطلاقا من خطورة هذا الواقع، أطلقت مؤخرا الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ضمن مشروع «مكافحة العنف ضد الفتيات والنساء في لبنان والحؤول دون وقوعه» حملة إعلامية لتوعية شاباتنا وشبابنا على مخاطر الوقوع في فخ الابتزاز الإلكتروني، ولدعوتهم إلى مكافحة هذه الجريمة من خلال الاتصال بقوى الأمن الداخلي عند تعرّضهم للابتزاز، بحيث يقوم مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي، بالتحقيق في هذه القضايا وملاحقة المجرم وتوقيفه وإحالته على القضاء المختص.
في هذا الإطار، يلفت رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي العقيد جوزف مسلم في تصريح له إلى «أن النسب المتداولة حول الإبتزاز والتهديد الذي يطال الأشخاص عبر مواقعِ التواصل، تزداد سنويا، وقد بلغت 100% منذ عام 2017، وهي تظهر الاختلاف في الفئات العمرية، وتحتل النساء فيها أكثر من 75% من نسبة الضحايا، وشريحة كبرى منهن من القاصرات».
يضيف العقيد مسلم: «إن قوى الأمن الداخلي لا توفّر جهدا في مكافحة هذه الجرائم، وكشف الفاعلين والمتورطين وتوقيفهم.
وبما تملك من معدات وتقنيات، ترفع منسوب الثقة عند الناس في أننا نستطيع، بالتعاون معهم، أن نعالج المشاكل التي يتعرّضون لها في هذا المجال، مهما تأزّمت وضعيتهم.
لذا، على المستخدمين عموما، والمستخدمات خصوصا تجنّب وضعِ الصور الشخصية الحميمة في الحسابات والأخذ في الحسبان أن ما يندرج في إطار الخصوصية ويحجب عن العلن لا يمكن أن يعلن في الخفاء، وعدم الاسترسال في الدردشات بالنسبة إلى كشف معلومات شخصية وحسّاسة، عدم استقبال الغرباء أو من يشك في صدق علاقاتهم، حماية الحسابات بالوسائل المتاحة وتفقّد فعاليتها تباعا، وعدم فتحِ البريد المشكوك فيه وعدم دخول روابط مشبوهة».
يقول: «تسعى قوى الأمن الداخلي من خلال شعبة العلاقات العامة ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية إلى تأدية الدور التحذيري والتوعوي والاستباقي، من خلال حملاتها المتنوعة على موقعها الرسمي وفي الإعلام. وتدعو أن تكون هذه التوعية، بالتوازي بينها وبين المجتمعِ المدني والأهل والأصدقاء والمدرسة ووسائل الإعلام وما إلى ذلك، للوصول إلى ما يمكن أن يطلق عليه: الإنترنت الآمن».
ويشير إلى أن «الأهل دورهم أساسي في وجودهم قرب أولادهم وعدم إغفالهم وبناء الثقة المتبادلة في ما بينهم عبر الصراحة والحوار الشفّاف والمستمر وكشف مخاطر الإنترنت. وكذلك، الأصدقاء الذين يسهمون في ذلك من خلال خبرتهم ومعرفتهم وغيرتهم الصادقة.
كما ننصح كل مستخدم بأن يتمتّع بالمعرفة الرقمية، لكي لا يقع ضحية الجرائم التي يشكّل واقع الإنترنت، صعوبة في تمييز عناصرها وتقصّي مراحلها، خصوصا في عملية الابتزاز الجنسي».
يضيف: «في استهداف الفتيات، يلجأُ المجرم بادئا إلى تغيير هويته وتليين خطابه وتلبس شخصية مزيّفة لإيهام ضحاياه وإستثمار المعلومات المتعلقة بهن لصالحِ مآربه، ثم يقوم بعد ذلك بالتهديد والابتزاز للوصولِ إلى غاياته عبر الترهيب والتخويف والاستغلال. وواضح أن خطورة هذا النوعِ من الجرائم تزداد بتطور المواقعِ وتوسّعِ نطاقها، هذا من دون التقليل من مخاطرها النفسية والاجتماعية التي ترافق الضحية وتؤثّر في حياتها المستقبلية».
ويتابع مسلم: «على الضحية التعاون معَ قوى الأمن ومع الموثوقين في هذا المجال، ويجب عدم السكوت عن أي تهديد أو ابتزاز تواجهه وعدم الخضوع لأي استغلال مادي أو معنوي، فلا خوف من التبليغِ وطلب المساعدة، ولا سيما أن عمل قوى الأمن الداخلي في هذه القضايا محاط بسريّة تامة وخصوصية ترتبط مباشرة بصاحبِ العلاقة، ونحن على أتمّ جهوزية للتعاون الكامل.
خطنا الساخن، وخدمة «بلّغ» مفتوحة لأي شكوى من هذا القبيل، وحساباتنا للتواصل الاجتماعي على جهوزية تامة لمتابعة هذه القضايا وتوجيه الناس إلى كيفية التصرف والتواصل معنا للمعالجة والمتابعة».
لتسليط الضوء على هذه القضية التقت «اللواء» الإعلامي والخبير في وسائل التواصل الإجتماعي أمين أبو يحيى الذي تحدث بإسهاب عن هذا الموضوع، فكان الحوار الآتي:
{ ما هو تعريف الإبتزاز الإلكتروني عبر وسائل التواصل؟
– الإبتزاز الإلكتروني بشكل عام هو إستخدام عبارات وصور للإنتقام من شخص بغض النظر ما إذا كان إمرأة أو رجل لأن الأمر ينطبق عليهما بالتساوي.
مشكلة هذا الإبتزاز ليست جديدة وهي موجودة منذ عشرات السنين في كل المجتمعات العربية والغربية على حد سواء.
إلا أن اللافت بحسب الدراسات الجديدة هو توسّع هذه الظاهرة بشكل كبير في ظل ظهور وسائل التواصل الإجتماعي التي وفّرت فرصة للأسف لهؤلاء بأن يستخدموا هذه الوسائل للإيقاع بالأشخاص وإبتزازهم سواء لغايات مالية أو للإنتقام.
أغلب المجتمعات حول العالم تعاني من هذه الظاهرة ويتم فرض قوانين قاسية على المبتزين نظرا للآثار السلبية الكبيرة التي يتركها هذا الأمر.
الإبتزاز الإلكتروني يقسم إلى قسمين:
– إما بسبب الإنتقام الشخصي بين شخصين كانا على علاقة زوجية أو عاطفية.
– أو بهدف الحصول على أموال أو إجبار الضحية على الخضوع للمطالب الجنسية.
{ كيف يمكن تجنّب الوقوع ضحية هذا الإبتزاز؟
– الموضوع سهل، وهو في نفس الوقت ينطلق من التربية المنزلية التي يجب أن تنبّه الأطفال والمراهقين إلى خطورة التواصل مع أشخاص غريبين وأن يكون هناك شفافية بين الوالدين والأبناء حيال هذا الموضوع لناحية عدم الخوف من الإفصاح عن هذا الأمر عند حصوله.
أما بالنسبة للبالغين الذين يقعون ضحية الإبتزاز فعليهم مسؤولية كبيرة لناحية عدم إرسال صور أو مقاطع «فيديو» حسّاسة لأي شخص، وتجنّب الأحاديث الجنسية عبر الكاميرا أو الرسائل الصوتية حتى لو كان الطرفان على علاقة عاطفية.
{ ما هي آثاره على نفسية الشخص المستهدف؟
– الآثار كبيرة لا سيما الآثار النفسية التي تؤدي في الكثير من الأوقات إلى إنتحار الضحية خوفاً من ردّ فعل الأهل والمجتمع.
تجدر الإشارة، إلى أن ظاهرة الإنتحار كبيرة خاصة بين المراهقين، لذلك أركّز على ضرورة الوعي والتوعية من قبل وسائل الإعلام والجمعيات المتخصصة والقوى الأمنية التي دائما ما تحذّر من هذا الأمر.
وهنا إسمحي لي أن أشير لتجارب تعرّض لها بعض الأصدقاء الذين تورّطوا عن قصد أو غير قصد بالتواصل عبر الكاميرا مع نساء إتضح بعدها أن هناك عصابات متخصصة بالإبتزاز المالي تهدّد الشخص بنشر الفيديو أو الصور عبر وسائل التواصل إذا لم يتم إرسال مبلغ معين.
وللأسف هناك صعوبة في توقيف هؤلاء خاصة إذا ما كان المبتز خارج لبنان أو يستخدم أرقاما غير مسجلة أو وهمية.
{ ما هي الخطوات الواجب إتباعها في حال تعرّض الشخص للإبتزاز عبر وسائل التواصل؟
– في حال حصول الإبتزاز يجب على الفور إبلاغ القوى الأمنية ووقف التواصل مع الجاني وعدم إبداء أي خوف حيال المطالب المالية.
أما إذا كان الجاني معروف بالهوية والصورة فخطوة توقيفه تصبح أسهل. ومن الضروري إقرار قوانين رادعة وقاسية بحق الجاني لقطع الطريق على من تسوّل له نفسه ابتزاز أي شخص سواء أكان الإبتزاز عاطفي أو لأهداف مالية.
وفي الختام، لا بد من أن نشدّد على دور التوعية الفعّال في هذا المجال لأننا من خلاله يمكننا أن نحصّن المستخدم بسلاحِ المعرفة والوقاية، وأن نعزّز شخصيته من أي ابتزاز أو خطر ممكن.
اللواء