
حتى نكون سواسية تحت سقف القانون
كتب محمد حسن العرادي
بسبب التنوع الإثني والعرقي الذي تعيشه بلداننا العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، يتم التطرق إلى التمييز وغياب العدالة الاجتماعية والانصاف عند التعامل مع قضايا تخص مختلف المكونات الاجتماعية التي تتشكل منها هذه المجتمعات، وعادة ما يتم التمرد أو الاحتجاج على طبيعة الإجراءات المتخذة وطبيعة القرارات المطبقة على المنتمين لهذا المكون أو ذاك، بسبب الشعور بالمظلومية والانتقاص من الحقوق لدى مختلف الأطراف التي تعتقد بأنها مضطهدة.
إن تنامي هذا الشعور والإحساس بالانحياز العرقي الاثني أو الطائفي لدى أي مكون مجتمعي عند التعامل مع الشخصيات المحسوبة عليه بشكل لا يعجبه، سواء كانت في الوظيفة الرسمية أو في المهام المجتمعية أو الدينية يقود إلى المزيد من التقوقع داخل الطائفة والانحياز إلى مكوناتها طلباً للمناصرة وإستشعاراً بالحاجة الى مظلة الحماية التي توفرها هذه الأطر والمكونات، وكلما تنامي هذا الشعور لدى المواطنين، كلما كان ذلك على حساب القدرة على تعزيز المواطنة الواحدة والقبول بسقف قانوني ومظلة عدالة واحدة للجميع.
ومن دون شك فإن غياب العدالة والانصاف والشعور بالاستهداف، هو ما يدفع المنتمين لكل مكون بالانحياز لانتمائهم الفرعي كلما ألم بهم طارئ أو تعرضوا إلى مخاطر محتملة، الأمر الذي يُحتم على الدولة أن تُعالج هذا الشعور بحصافة، وتنمي الشعور بالتعامل العادل والمتساوي لجميع الطوائف والأعراق والفئات المجتمعية، فإذا نجحت في نشر هذه المبادئ وجسدتها على أرض الواقع، فإن الشعور بالمواطنة الواحدة سينمو ويترسخ بين المواطنين.
من هنا فإننا نُطالب الدولة بوضع خططٍ واضحة لتعميق الشعور بالانتماء الوطني لدى المواطنين، والعمل على تأكيد الممارسة الحقيقية لسياسة المواطنة العادلة التي تكّرس الانتماء للهوية الوطنية الجامعة على حساب الهويات الفرعية، وذلك يتطلب نشر العدالة الاجتماعية والمساواة تحت سقف القانون.
لابد أن يكون المواطنون سواسية أمام القانون في كافة شؤون الحياة، وأن تتساوى فرصهم في كل مراحل التعليم، والوصول المتكافئ للخدمات المتاحة في الدولة كالاسكان والصحة ومجمل فرص التوظيف والترقي والتكليف بتمثيل الوطن والدفاع عن حياضه، فلا يمكن أن تتجسد شخصية المواطنة الموحدة طالما هناك شعور بالتمايز بين المنتمين لمختلف المكونات التي يتكون منها المجتمع، فإذا تحققت هذه المعادلة سنكون قد وصلنا لأولى عتبات سلم المواطنة المتساوية العادلة كما قررها الدستور والميثاق، حينها سنكون سواسية تحت سقف القانون.