جعجع: “لا حرب أهلية في لبنان” يقولها علناً فهل يضمرها ضمناً؟

أجواء برس- بيروت

كتب صباح الشويري

كل طرف في لبنان يرى الآخر عدواً وليس شريك وطن يختلف معه بالرأي والرأي المضاد، وكل يعتبر نفسه وصي على كامل الأراضي اللبنانية، انطلاقاً من طائفيته ومذهبيته والدعم السياسي الخارجي، ويتبنى رؤياه فينثرها على كل الناس ويحكم بالآراء على أنها اجماع علني. والكل يفسد قضايا الوطن في زواريب السياسات التي يستفيد منها علناً وسراً، البعص يستفيد بمده بالمال وهو المعروف عنه ليس بوريث مالي وليس لديه مهنة او عمل يقتات منه، فلماذا لا يشرح عن الملايين التي تصرف يميناً ويساراً وهي بالنسبة للشعب – حتى من ينتمي إليه- أموالاً مشبوهة، إلا أن قانون من أين لك هذا لا يسري إلا على الشعب الذي يملك فتات أرقام في خزائنهم وحساباتهم.

مع كل تصريح لمسؤول نعرف أن سياسة خارجية رفعت له وتيرة الاخضر، أو وعدت بمصالح ستؤل إليه حتماً، والأمثلة كثيرة لا عد لها، فالدعم الإيراني موجه مباشرة الى حزب الله علناً، سواء بالدعم المالي وحالياً الدعم بالمحروقات الآتية براً، والسعودية تدعم القوات اللبنانية بوعود أعمال ومصالح سياسية كلما رفع وتيرة الجييش الشعبي ضد حزب الله، والشعب المعارض لهما يقع في الوسط وهو المتضرر الوحيد، فجمهور الحزب يؤمن له الدولار وجمهور القوات يؤمن له الدعم ايضاً بالدولار.

اخترت القوات وحزب الله بعد تصريح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن سياسة الدعم الايراني، وتلاه تصريح مطوّل لرئيس القوات اللبنانية د. سمير جعجع، فالأول يتحدث بمنطق القوة الواثق، والثاني يتحدث بمنطق القوة المدعوم. والاثنين يسيران في خط مستقيم متوازي لا يلتقيان إلا… ربما حين تصفى القلوب والمصالح بين اميركا وأيران وبالتالي بين اميركا والسعودية، فتهدأ أوضاع التصريحات النارية.

 

إلا ان أخطر ما جاء في تباينات التصاريح هي الحديث عن “حرب أهلية” بدأت بوادرها بالظهور مع اعادة صياغة الشحن الطائفي والمناطقي والطبقي، وازدياد وتيرة تحذير طرف من الطرف الآخر، بعبارات رنانة ومنها بتلميجات او بتشويش على حقائق.

اخطر ما يجول في سراديب وزواريب الأحزاب والساسة امكانية اعادة الحرب الأهلية، خصوصاً أن الجيل الجديد لن يتعظ مما عاناه أهله في الماضي، خصوصاً حين يسير وراء زعيمهم كقطيع اعمى او مسحور او مخدر. أو الكل معاً. بعدما خدروا فكره بجرثومة الطائفية.

بالعودة الى الحرب الأهلية، فقد صرح جعجع أخيراً في مقابلة عبر “الأولى” السعودية مع الإعلامي طارق الحميد ضمن برنامج “الموقف” أن “الرأي العام اللصيق مباشرة بحزب الله أفسد في الود قضية ولكن هذا لا ينسحب على مجمل الشعب”،

مشيرا إلى أن “هناك تخاذلا من القوى السياسية في لبنان للعب دورها كما يجب في مواجهة حزب الله، إلا أن هذا التخاذل او هذا الاصطفاف غير المفهوم من قبل البعض في لبنان، يقابله واقع وهو أن القواعد الشعبية لا تزال تماما كما شهدناها في آذار 2005”.

وقال: “هل يتذكر المواطن السعودي كل هذه الجموع في ال2005؟ لا تزال هذه الجموع على آخر حبة منها تؤمن بما تؤمن به، ولكن المشكلة أن بعض قياداتها لا تريد أن تكمل بالمواجهة، وبالتالي نعم، المواطن السعودي والخليجي لديه الحق في ان يكون زعلان، إلا أنه من الجهة الأخرى يجب أن يعلم أن هناك أكثرية من الشعب لا يوجد من يعبر عن رأيها سوى القليل القليل وتشعر تماما كما يشعر هو، ولكن ليس في اليد حيلة. ما أقوله أنه يجب الاهتمام بهذه القاعدة الشعبية الواسعة ولو أن القوى السياسية الممثلة لها لا تقوم بواجبها”.

ويثبت هذا الرأي أن رأيه وما تريده السياسات الخارجية يجب أن يكون قرارات منزلة لا نقاش فيها.

وبعد سلسلة تحليلات مطولة ومتقنة الردود رد جعجع على السؤال الأهم حول توقعه لحرب أهلية في لبنان، فأجاب: “لا أتوقع صراحة حصول حرب أهلية في لبنان. طبعاً القوات جاهزة إذا دق الخطر على الأبواب، ولكن صراحة لا أتوقع حرباً أهلية في لبنان انطلاقاً من مشاهداتي ومن قراءتنا للوضع ومن متابعاتنا. لذا لا أعتقد أن أي طرف في صدد التحضير لحرب أهلية، وبالتالي لا حرب أهلية في لبنان”.

وتابع: “بالإضافة إلى ذلك، هناك عامل مساعد في الوقت الراهن وهو الجيش اللبناني الحالي وقوى الأمن الداخلي الحالية، وهما صراحة تقفان بالمرصاد لأي محاولات تهدف إلى زعزعة الأمن الداخلي ولديهما الإمكانية بخلاف ما يعتقده البعض، لذا أنا مطمئن من هذه الناحية إلا أن هذا لا يعني أننا لن نشهد بعض أعمال الشغب الاجتماعي جراء الأوضاع المعيشية الصعبة جدا جدا جدا، كالتي تحصل من طوابير البنزين أو المشاكل التي تحدث من انقطاع المازوت أو أمام الأفران أو أمام الصيدليات فهذا شيء مختلف تماماً، وبالتالي جوابي هو كلا”.
وفي مجمل الحوار المتلفز، أكد جعجع أن الجميع وكل الأحزاب والزعماء والطوائف جاهزة بعتادها وأسلحتها للحرب إذا حصلت، ما يعني أن لبنان بات مخزناً كبيراً للأسلحة، وعلى الشعب اللبناني تفعيل ثورة كبرى ضد كل من يحمل سلاح فردي وعتاد يلوح بها للحرب الأهلية (إذا حصلت).

 

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى