
النشرة الثقافية لفانا عن الامارات: عبر استراتيجيات واستثمارات ضخمة
دخل القطاع الثقافي في دولة الإمارات، مرحلة جديدة تعلي فيها قيمة الابداع الإنساني وتدشن فيها لمرحلة جديدة تستهدف من خلالها نقل الثقافة إلى خيار إنمائي مستدام يعتمد على مورد فريد ومتجدد هو الإبداع البشري.
ويعد النهوض بالمنتج الثقافي والإبداعي من أولويات المرحلة الجديدة في الإمارات حيث يتماهى التوجه والفهم العميق للثقافة مع القيم الإنسانية التي تؤمن بها الإمارات.
وتستهدف الإمارات عبر مجموعة متناغمة من الاستراتيجيات والخطط المعلن عنها أخيرا، تحويل القطاع الثقافي إلى أحد أبرز الروافد الاقتصادية المستدامة والقائمة على الابتكار والإبداع والاعتماد على الخبرات و العناصر الوطنية.
وأعلن أخيراً عن إستراتيجيتين محليتين للصناعات الإبداعية في كل من إمارتي أبوظبي ودبي، حددتا الخطوط العريضة لمستقبل هذه الصناعات وسبل النهوض بها، فيما تواصل وزارة الثقافة والشباب العمل إعداد استراتيجية وطنية متكاملة والتي باتت في مراحل الإعداد الأخيرة وذلك وفقا لما أكدته وزيرة الثقافة والشباب نورة بنت محمد الكعبي.
وأشارت الوزيرة الكعبي إلى أن الاستراتيجية ستمتد لعشر سنوات وستتكون من ثمانية أهداف ونحو 40 مبادرة تمثل خارطة طريق مرجعية لجعل القطاع الإبداعي من بين أفضل القطاعات الاقتصادية في الإمارات.
وبالعودة إلى أبوظبي، فقد أعلنت الإمارة عن استثمار مبلغ 22 مليار درهم خلال السنوات الخمس المقبلة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية، بهدف إرساء الاستدامة في هذا القطاع الذي سبق وأن استثمرت فيه مبلغ 8،5 مليار درهم على مدى السنوات الخمس الماضية في مشاريع رئيسية مثل “المنطقة الإبداعية – ياس”، الوجهة الحاضنة للإعلام والألعاب الإلكترونية في الإمارة، ومنطقة السعديات الثقافية، بالإضافة إلى مبادرات البنية التحتية غير المادية مثل برنامج التأشيرة الإبداعية.
وقال رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي محمد خليفة المبارك: “تسعى استراتيجية الصناعات الثقافية والإبداعية – التي أطلقتها دائرة الثقافة والسياحة في وقت سابق، إلى ترسيخ مكانة أبوظبي بوصفها مركزا ثقافيا وإبداعيا يستقطب ويحتضن ويدعم الأفراد الموهوبين والشركات الإبداعية، ليسهم في تسريع مسار الإمارة نحو تحقيق طموحها بأن تصبح مركزا إقليميا رائدا في إنتاج وتصدير المحتوى الثقافي والإبداعي”.
وتابع: “من خلال جمع الصناعات الثقافية والإبداعية تحت مظلة واحدة، ستتمكن الدائرة من تحقيق التآزر والانسجام بين قطاعات الثقافة والسياحة والإبداع في الإمارة، بالإضافة إلى ترسيخ مكانة أبوظبي كوجهة غنية بالمرافق المتطورة، والمواهب المتميزة، والفرص المستدامة.
وأضاف: “نعتبر الصناعات الثقافية والإبداعية محركا قويا للتنويع الاقتصادي في أبوظبي وركائز أساسية لهويتها، وستعمل قيادة الإمارة على الارتقاء بكل مجالات هذا القطاع بما يتخطى حدود الإمارة، وصولا إلى المجتمعات العالمية”.
بدورها أطلقت هيئة الثقافة والفنون في دبي “دبي للثقافة”، خريطة الطريق الاستراتيجية للهيئة للسنوات الست المقبلة، والتي تركز على تعزيز مكانتها كمركز عالمي للثقافة، وحاضنة للإبداع وملتقى للمواهب.
وتضمنت الخريطة الأسس الجوهرية لضمان استدامة القطاع الإبداعي وسرعة تعافيه في الإمارة، كما ترسم الأهداف الاستراتيجية للقطاع بين عامي 2020 و2026، وتتضمن الأدوار المؤسسية الرئيسة للهيئة، والسياسات والتخطيط والحوكمة، وتمكين واحتضان المواهب، والتنظيم ومنح التراخيص، وتشغيل وإدارة أصولها الثقافية وفعالياتها الرئيسة، علاوة على ضمان “التعافي الأسرع” للقطاع الثقافي في الإمارة في أعقاب الأزمة التي طالت كل القطاعات الحيوية حول العالم جراء انتشار “كوفيد-19”.
وإلى جانب الصناعات الإبداعية، حافظ ملف حماية التنوع الثقافي محليا وعالميا على زخمه باعتباره أحد الركائز الأساسية لرؤية الدولة وتطورها، حيث سعت الإمارات منذ تأسيسها إلى وضع الأطر القانونية التي تمكن الجميع من التعايش في بيئة ضامنة للتنوع، كما عملت على ترسيخ هذه القيم لتصبح أسلوب حياة متأصلا في المجتمع.
واعترافا بجهودها ودورها الفاعل في هذا المجال حصلت الإمارات على عضوية اللجنة الدولية الحكومية لحماية وتعزيز أشكال التعبير عن التنوع الثقافي للفترة الممتدة بين (2021 – 2025)، وذلك على هامش اجتماعات الدورة الثامنة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية “اليونسكو” المعنية بحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، التي عقدت، افتراضيا، في الفترة من 1 إلى 4 حزيران الحالي.
واقترحت الإمارات خلال المؤتمر 6 مجالات عمل رئيسة تستدعي اهتمام وتركيز الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية، تشمل زيادة الحوار والتبادل المعرفي حول السياسات وأفضل الممارسات والتدابير اللازمة لتقوية اقتصاداتنا الإبداعية، تحديد البيانات والمؤشرات الثقافية المطلوبة لدعم السياسة الثقافية القائمة على الأدلة، تعزيز التكامل والتآزر بين الثقافة والتعليم لضمان مسارات مهنية ثقافية مستدامة، تطوير سياسات دعم المواهب وأفضل الممارسات، تسخير وتشجيع التقدم التكنولوجي لدعم الاقتصادات الثقافية، تعزيز حماية الملكية الفكرية، وتوفير الأطر المطلوبة لدعم الأنشطة الثقافية المتزايدة في المنصات الرقمية.
وشهدت الامارات خلال الأشهر الماضية عودة قوية للأنشطة الثقافية المحلية والدولية والتي أكدت دخولها مرحلة التعافي الكامل من جائحة “كورونا”، حيث نجحت الدورة الثلاثين لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب بجمع أكثر من 800 عارض حضوريا وافتراضيا من أكثر من 46 دولة من حول العالم، فيما كرمت جائزة الشيخ زايد للكتاب، الفائزين في دورتها الخامسة عشرة خلال حفل هجين عقد بشكل حضوري وافتراضي.
ونجح “مهرجان الشارقة القرائي للطفل”، في دورته الـ 12 الذي نظمته هيئة الشارقة للكتاب، تحت شعار “لخيالك” باستقطاب 172 ناشرا من 15 دولة عربية وأجنبية، بالإضافة إلى نخبة من الكتاب والفنانين من مختلف دول العالم، فيما جمع المهرجان الدولي للتصوير “اكسبوجر” في دورته الاستثنائية والخامسة أعمال 400 مصور عالمي، ونظم 54 معرضا و21 جلسة نقاشية ملهمة، و14 ورشة عمل.