
الكأس الذي وحد العراقيين في ضيافة أمير المؤمنين
كتب محمد حسن العرادي
شعوب كثيرة تاهت وانقسمت على حالها حين نزغ الشيطان بين أبناءها وزرع الفتنة والشقاق بيننا وبينهم، حتى أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الحرب الأهلية، وعندما ظن الشيطان بأنه كسب المعركة وحسم الحرب، حدث ما لم يكن في الحسبان، فإذا بالشعب يتوحد وينبذ الفرقة ويطفئ نار الفتنة بوحدة منقطعة النظير.
قصص كثيرة يسجلها التاريخ ويُقدمها لنا كسببٍ لتلك التحولات الكبرى التي فتحت أبواب الأمل أمام الشعوب المتنازعة فيما بينها حين أغلقت في وجهها كافة الأبواب والدروب، وابتليت بالفتنة الطائفية أو العرقية التي أشعل فتيلها الأعداء، مستخدمين مبدأ فرق تسد لبث الفرقة وإثارة الأحقاد والضغائن بين مكونات الشعوب حتى توغَر الصدور وتحمل القلوب الغل والكراهية ضد بعضها البعض.
في العراق أوشكت الخطة الشيطانية على تحقيق مآربها، وسقط في أتون المعركة الطائفية ضحايا يعدون بمئات الآلاف بل بالملايين من العراقيين بين قتيلٍ وجريحّ واسير ومهجر، حتى أصبحت أيام العراق ليل حالك السواد، وحين أوشك الشعب على فقدان الأمل في المستقبل وتقطعت به السبل، كانت مشيئة الله التي أرادت غير ذلك، فإذا بالفرصة تأتي على شكل تنظيم بطولة خليجي 25 في البصرة والفوز بهل ليؤلف ذلك الفوز بين كافة مكونات وفئات الشعب العراقي العظيم.
فاز العراق بكأس الخليج العربي 25 فتحول اليأس الى أمل، والألم الى أفراح واحتفالات غطت كل شبر في العراق الشقيق، في لحظة واحدة نسي العراقيون كل خلافاتهم وانقساماتهم، وبدى أن دبلوماسية كرة القدم قد نجحت فيما لم تنجح فيه كل الجهود الدبلوماسية والسياسية التي بذلتها المكونات السياسية والاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وحتى القيادات والرموز الدينية،
في لحظة واحدة فُتحت أبواب ومقرات جميع الساسة والمكونات، لاحتضان المنتخب الوطني العراقي الذي انهالت عليه الجوائز والمكافئات من كل جانب، فاذا بالمنتخب يجول مختلف المواقع السياسية والأجتماعية ويحط رحاله في حضرة أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام.
ولأن الأمور بخواتيمها فإننا نتطلع أن يختم الله لنا بخير، كما ختم لاحبتنا وأشقاءنا العراقيين، ويجعل لنا من بعدِ ضيقٍ فرجاً عاجلاً كلمح البصر أو هو أقرب من ذلك، اللهم إجعل لنا من أمرنا رشَدا وأرسل لنا بشرى رائعة تعيد الفرح لبلادنا وتوحد وتؤلف قلوبنا وتمسح دموع أمهاتنا الفاقدات والمتأوهات بسبب غياب الأبناء والأحباب، وتعيد لشعبنا الصفاء والنقاء والتماسك الذي نحتاجه.