كيف تحفر أميركا قبر الكيان الصهيوني بأيديها – 2

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

تواصل أميركا إرتكاب الأخطاء القاتلة في سياستها الخارجية معتقدة بأنها تحسن صُنعاً عندما تعمد إلى تدمير الدول العربية القوية واحدة إثر أخرى، في سبيل توفير الحماية والتفوق العسكري والتكنولوجي والاقتصادي لربيبتها المدللة الكيان الصهيوني المسخ، لكنها في حقيقة الأمر تقّرب أجل رحيل هذا الكيان المغتصب اكثر وأكثر، ورغم النتائج السلبية التي حققتها هذه السياسة على مدى أكثر من نصف قرن، لا تزال أميركا غارقة في أوهامها معتقدة بأن الطريق لحماية مصالحها هو تكريس تفوق الكيان الصهيوني على الدول العربية منفردة ومجتمعة.

وفي هذا المجال لم تكتفي أميركا بإخراج مصر والأردن من حلبة الصراع العسكري المباشر مع الكيان الصهيوني وتكبيلها بالاتفاقيات معه، كما لم تكتف بتدمير كل من العراق، سوريا، ليبيا، لبنان، السودان واليمن، لكنها عمدت الى حصار كافة الدول العربية، وأثقلت كاهلها بالديون والأعباء الاقتصادية الهائلة، حتى وصلت الى مرحل متقدمة من العجز عن الوفاء بالسداد، بعد أن وصل الدين العام في كثير من الدول إلى أكبر من الناتج العام لهذه الدول.

ولم تكتف أميركا بذلك بل واصلت ممارسة الضغوط والابتزاز، ودعم التنظيمات الإرهابية والمليشيات التي أنشأتها لتهديد وتفكيك هذه الدول، لكن حساباتها تلك جاءت خاطئة حين قادت سياساتها التدميرية الى نشوء المزيد من الفصائل والتنظيمات المقاتلة ضد حليفتها الأولى الكيان الصهيوني، بل وضد أميركا نفسها بشكل مباشر، حتى أصبحت هيبتها في الحضيض، وصارت هذه الفصائل جاهزة لرفع منسوب التحدي والمواجهة مع هذا الكيان كما يحدث منذ 7 أكتوبر 2023، في معركة حاسمة سقطت فيها أميركا أخلاقياً، وإنكشف زيف ادعاءاتها بحماية حقوق الإنسان ونشر العدلة والديمقراطية والمساواة في العالم.

لقد استطاعت التنظيمات الفلسطينية المجاهدة توجيه ضربة مؤلمة للجيش الصهيوني، كاشفة نقاط ضعف كبيرة في أجهزته الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، وقد تأكد ذلك من خلال عجزه عن حسم نتيجة عدوانه على الشعب الفلسطيني في غزة رغم ارتكابه مئات المجازر الدموية والجرائم البشعة ضد الانسانية وانتهاكه كافة المواثيق والأعراف الدولية، ما أدى إلى عودة القضية الفلسطينية لواجهة الأحداث العالمية وإكتسابها لتعاطف عالمي لم تحظى به من قبل، وصولاً الى رفع جمهورية جنوب أفريقيا قضية ضد الكيان الصهيوني تتهمه بالإبادة الإنسانية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، فهل كانت أميركا تتوقع هذه النتائج، ذلك ما سنتحدث عنه في المقال التالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى