لبنان الانتخابات الرئاسية: ثلاث احتمالات ارجحها الاستعصاء فالانهيار/1

بلاد تعم فيها الفراغات فهل تنتج انتخابات...

ميخائيل عوض
الفراغات في المؤسسات اللبنانية ليست بأمر مستجد ففي العقدين الاخيرين عاشت المؤسسات فراغات لوقت اطول من فترات الإشغال والإملاء.
تمديد لمجلس النواب بلا مبرر أو مسوغ إلا صفقة بين أركان الطبقة السياسية للحفاظ على التوازنات والمصالح.
وسبقها إقفال أبواب أم المؤسسات- المجلس النيابي- وتعطيل قسري لدوره في التشريع والرقابة.
فراغ في القصر الجمهوري بعد الرئيس لحود لم يملأ إلا بعد جولة عنف كاسرة في 7 ايار 2008.
ثم رئيس لا لون ولا طعم ولا وزن ملأ الفراغ شكلا فيما تعطلت الرئاسة الأولى فعلا ودورا وصلاحيات.
ثم فراغ في القصر الرئاسي طال واستوجب تسويات وتغيرات في بنية التيار الوطني الحر، وانقلاب على العونية وانجازاتها الكبيرة التي تجسدت في تفاهم مار مخايل وقيادة المارونية لإعادتها إلى أصلها الشرقي والسوري.

فملأ الفراغ جنرال عنيد، وقائد صلب وجريء بلا عدة حرب، وبلا جيش قوي قادر بعد أن اضعف التيار الوطني وهمشت قاعدته وطردت كادراته الفاعلة، فخسر الجنرال العنيد وخسر تياره وخسر المسيحيون وتقلص حديا وزنهم العددي والنوعي، وانهارت السنية السياسية مع انهيار الحريرية، فانكشفت الشيعية السياسية التي آلت إليها أبوة النظام في اتفاق الدوحة على أعطاب نوعية، أكدت عدم قدرتها ولا كفاءتها على قيادة النظام والدولة والمجتمع إلى تغير نوعي سلس وعبر المؤسسات والدستور لإنتاج نظام قادر على الحياة، وتجديد وظائف للكيان تؤمن استمراريته وترتقي بدوره الى مستوى انجازات المقاومة التاريخية وإلى تضحيات الكتلة الشيعية.

فراغات الحكومات حدث ولا حرج من تكليف يطول حتى تقع المخاصة بالتأليف إلى حكومة عرجاء فاقدة للميثاقية، مروراً بتعطيل الجلسات وتعليق وزراء للمشاركة وانشغال رؤساء حكومات بالسفر والجولات ومناسبات الأفراح والاصطياف.

عقدين ونيف مرت على لبنان سمتها الأساسية الفراغات وقد اعتاد الناس والمنظومة وأركان الطبقة وارتاحوا للفراغات فقد أمنت لهم استمرار النظام والصيغة وتمويلها وتمويل حسابات وجيوب الأركان من بركة الودائع واموال الصناديق والبلديات والنقابات والضمان وتعويضات المتقاعدين  وفوائض أموال المصارف التي تجمعت من الأموال الهاربة من سورية والعراق وليبيا واليمن، واستجرار ديون بفوائد فلكية لتمويل عجز الموازنات وتضخم القطاع العام بحشو الأزلام لتعزيز النفوذ السياسي لأركان المنظومة والطبقة، وسارت أمور البلاد والعباد بالوهم على أفضل ما يكون ولم يتنبه أحد ولا استجاب من بيدهم الحل والربط  للتنبيهات وقرع الاجراس و الانذارات بان الافلاس على الابواب.
نجحت المنظومة بترويج الأوهام والأكاذيب عن مؤتمرات دولية وعن هبات وودائع واموال اتيه وعن وظائف وفرص واستمرار الانفاق والعيش برغد واستهلاك فاجر وغير منطقي..
فالسر في استمرار ديناميات عمل النظام برغم الفراغات المديدة كان في بركة الودائع ومخاتلة ولصوصية القطاع المصرفي والايهام بفرادة وذكاء حاكم المصرف المركزي امين سر خزنه المنظومة والطبقة السياسية اللصوصية والبلطجية.
وعندما تم افراغ البركة ونضبت مصادر الاموال وشحت وقيدت التحويلات انفجرت الازمة وتشكلت عاصفة ١٧ تشرين ٢٠١٩ بتحفيز سبب تافه كإشاعة فرض 6 دولار شهريا على الواتس اب، وانعقدت من جهات لبنان الأربعة ثورة الكرامة وحقوق الإنسان في عاميتها الوطنية الأولى منذ تأسس الكيان، ونزل إلى الشارع الشعب اللبناني كله يهتف؛ كلن يعني كلن…
أيام مجيدة عاشتها الحركة الشعبية في ثورتها الوطنية الاجتماعية الشاملة جاوز فيها اللبنانيون ولاءاتهم وانقساماتهم وعلبهم، وتظاهروا تحت علم واحد وهتاف واحد، واختلط فيها الحابل بالنابل ثم اخليت الساحات من اصحاب المصلحة بالتغير  بقرار وبنداء  فتفردت بها جماعات ال ngos والسفارات والقوات اللبنانية واركان من قوى وزعامات وبيوتات 14 آذار.
انكفأت وتراجعت الحشود صاحبة المصلحة بالتغير وانتهت الهبة الثورية على 13 نائب يسمون انفسهم تغييرين ولا من تغييري واحد بينهم.
انتهى عهد الجنرال العنيد، والقائد الصلب المشهود له بالجرأة والاقدام وخرج من القصر قبل يوم من نهاية العهد باحتفالية شعبية وبوعد استمرار المعركة من الرابية تاركا البلاد خراب وفوق الخراب تدمير وانفجار المرفأ والقضاء والعدليات خرائب وركام.
فليست مصادفة ابدا ان فراغ القصر الجمهوري هذه المرة ترافق مع فراغ القصر الحكومي، والت السلطة الى مجلس نيابي في هندسة نتائج انتخاباته المحكمة انتجت الفوضى غير الخلاقة النيابية على مشروع ورغبة السفيرة شيا ليكون في حالة شلل اشبه بالفراغ.
هكذا استقر النظام على فراغات اتسعت دائرتها وتقاطعت في ان؛ فراغ رئاسي، وفراغ حكومي، وفراغ قضائي، وفراغ مؤسساتي وتعطيل الدولة ومؤسساتها واجهزتها، وفوضى اقرب للفراغ في مجلس النواب وتوازناته. فمن اعتاد وامتهن الادارة بالفراغ ساق البلاد والدولة الى تعميم الفراغ بعد أن أفرغت بركة الاموال أيضاً ولم يعد من مداد بالأموال لتمويل الفراغات الدستورية التي احكمت منظومة النهب الاستفادة والاستثمار بالفراغ وافراغ البركة وجيوب المواطنين وشفط مدخراتهم ونتاجات ابنائهم العاملين في الخارج لتامين ابسط حاجات الحياة فتصب تحويلاتهم لإعالة ذويهم في بركة الفراغ المثقوبة بأنابيب الشفط لتصب في حسابات الزعماء والشركاء..
البلاد في حالة تعميم الفراغات … وبربرا معاونة وزير الخارجية الاميركية تبشر بانهيار اخر قلاع الدولة واجهزتها وضابط الاستقرار المؤسسة العسكرية لتفرغ ساحتها ايضا.. فهل تنجح الطبقة ومنظومتها في ترميم النظام بهندسة وانتاج انتخابات رئاسية….
وهل لبلاد تقيم فيها الفراغات أن تنجز انتخابات…؟
غدا نعالج ونستعرض الاحتمالات…

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى