أهمية إعادة مأسسة العمل الخيري- 1

كتب محمد حسن العرادي
عندما بدأ العمل الخيري المنظم في ممكلة البحرين قبل أكثر من أربعين سنة، كان العاملون في هذا المجال يتلمسون الطريق لتعزيز التكافل بين أفراد وفئات المجتمع، وبعد أن كان المجتمع يقوم بسد إحتياجات المعسَرين من خلال إطلاق حملات عشوائية (عان الله من أعان الفقير) التي تجري في الحسينيات والمآتم والتجمعات والفعاليات المختلفة، تطورت الحالة إلى اإطلاق المرحلة الأولى من مأسسة العمل الخيري.

لقد أسهمت هذه الصناديق الخيرية في تطوير العمل الخيري وتوسعة آفاقه من خلال وضع اللبنات الأولى لهذا القطاع التكافلي وهكذا انطلق المجتمع في تأسيس الصناديق الخيرية في مختلف المدن والقرى البحرينية، حيث إقتصرت مهمتها على توفير المساعدات المالية والتموينية والعينية للأسر المحتاجة والمعسرة، إضافة إلى بعض الاهتمامات المجتمعية الأخرى التي كانت تتم وتنظم بشكل موسمي، وأهمها مشاريع الزواج الجماعي، وإطلاق برامج الحقيبة المدرسية بشكل متواضع.

لكن المرحلة الثانية لتطوير ومأسسة العمل الخيري جاءت مع البدء بتحويل هذه الصناديق الخيرية إلى جمعيات خيرية ضمن رؤية واهتمام وزارة التنمية الاجتماعية المعنية بهذا القطاع، وقد فتحت هذه الخطوة المجال للعاملين والمتطوعين في العمل الخيري لتسجيل أبداعات جديدة ومبتكرة، فقامت بتطوير أدواتها القديمة وإعادة توجيهها وتنظيمها، علاوة على إضافة خدمات اجتماعية وخيرية جديدة، أهمها توفير خدمات الدعم الصحية والتعليمية وبناء وترميم البيوت الآيلة للسقوط، والعديد من الخدمات المجتمعية مثل المساعدة على تحمل نفقات عمليات زراعة الكلى وزراعة الكبد، وعلاج الحالات المرضية المستعصية كالسرطان والسكري التي انتشرت وسط المجتمع نتيجة أسباب متعددة.

لقد تفاعل المجتمع مع هذه التطور المرحلي الذي شكل حالة متقدمة ساهمت في زيادة مساحات التبرع والمساهمة في تحمل الاعباء المجتمعية على شكل رعايات وعطاءات سخية، وارتفعت بذلك موزانات اغلب الجمعيات الخيرية لتتجاوز مئات الآلاف من الدنانير، الأمر الذي اضطرها إلى الالتزام بتوفير ميزانيات مدقَقة تلبية لتوجيهات واشتراطات وزارة التنمية الاجتماعية وامتثالاً إلى حاجتها لتعزيز الشفافية وكسب المزيد من ثقة المجتمع في طريقة إدارة هذه الأموال التي تكدست لديها، وقد أسهم ذلك في بدء الجمعيات الخيرية في إصدار تقارير سنوية تُفصح عن البيانات المالية بشكل دقيق وشفاف، وقد فتح ذلك الطريق للولوج إلى المرحلة الثالثة من مأسسة العمل الخيري التي سنتناولها في المقال التالي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى