
محللون: أسواق النفط قد تواجه عاما متقلبا آخر في 2022
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على مكاسب جديدة حيث تم تداول النفط قرب أعلى مستوياته منذ سبعة أعوام بسبب المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة وتوقعات حدوث غزو روسي ضد أوكرانيا بما يؤثر في إمدادات النفط الخام والغاز.
وتترقب السوق غدا الأربعاء أعمال الاجتماع الوزاري المهم لتحالف المنتجين في أوبك وخارجها “أوبك+” لتقييم تطورات السوق وبحث تأثيرات الارتفاع الحاد المسجل أخيرا ومن ثم التوافق على مستوى الإمدادات النفطية الملائم في آذار (مارس) المقبل وسط تكهنات قوية بابقاء المنتجين على الزيادة الشهرية المطبقة منذ آب (أغسطس) الماضي وقدرها 400 ألف برميل يوميا.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون إن العقود الآجلة للنفط الخام ارتفعت بقوة مع كسر خام برنت حاجز 90 دولارا للبرميل حيث ظل المستثمرون متفائلين بشأن آفاق النفط الخام وسط استمرار عجز الإمدادات في مقابل تعافي الطلب بقوة مع انحسار المخاوف بشأن متحور أوميكرون واتجاه العديد من دول أوروبا إلى رفع قيود كورونا خاصة بريطانيا والدنمارك.
وسلط المحللون الضوء على تحذير وكالة الطاقة الدولية من أن طاقة أوبك الفائضة قد تنخفض بمقدار النصف إلى 2.6 مليون برميل يوميا فقط في النصف الثاني من العام إذا استمر الطلب في النمو بقوة أو كان العرض مخيبا للآمال، معتبرين أن المستوى المنخفض للمخزونات وتقلص الطاقة الفائضة يعني أن أسواق النفط يمكن أن تواجه عاما متقلبا آخر في 2022 ويأتي ذلك بالتزامن مع ازدياد الضغط من المساهمين على شركات النفط الأمريكية من أجل تخضير استثماراتها بدلا من البحث عن المزيد من النفط والغاز لاستخراجها.
وقال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية إن المكاسب استمرت رغم إفراج الولايات المتحدة عن جزء كبير من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي ومعها الصين وعدة اقتصادات آسيوية رئيسة في منظومة الطلب ويتواصل صعود الأسعار حتى مع هدوء الأسواق بمناسبة عطلة رأس السنة القمرية.
وذكر أن المعنويات الصعودية تسيطر على السوق بقوة ما أدى إلى دفع خام برنت فوق مستوى 90 دولارا للبرميل كما ارتفع كلا الخامين للنفط الخام خلال الأسابيع الستة الماضية على التوالي، وأضاف الخامان بالفعل نحو 22 في المائة من القيمة خلال هذه الفترة.
من جانبه، أوضح ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة أن مكاسب العقود الآجلة للنفط الخام تتسع بوتيرة قوية وتعكس الثقة المتزايدة بالتعافي المستمر في الطلب العالمي على النفط في مقابل نقص المعروض من المنتجين على الرغم من أن أوبك+ تتجه نحو إضافة الزيادة الشهرية في اجتماع الأربعاء وقدرها 400 ألف برميل يوميا ولكن قلة الاستثمار جعلت بعض المحللين يراهنون على صعوبة في الوفاء بهذه الكميات من جانب بعض المنتجين في التحالف.
وذكر أن ارتفاع الأسعار المتلاحق أدى بدوره إلى زيادة صافي مراكز المضاربة الطويلة في خام برنت، موضحا أن هناك إجماعا بين المحللين على أن خام برنت سيصل إلى 100 دولار للبرميل قريبا في ظل عدم وجود مؤشرات على تخفيف واسع في النقص في المعروض من النفط الخام في الأسواق.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات إن أسعار النفط الخام بدأت الأسبوع على مكاسب قوية كانت متوقعة مسبقا نظرا لأن أغلبية معطيات السوق في هذه المرحلة تشير إلى نمو الطلب مقابل تعثر الطلب، حيث يؤجج هذا الوضع الحرج استمرار المخاطر والتوترات السياسية في شرق أوروبا والشرق الأوسط.
وأشار إلى أن خام برنت كسر حاجز 90 دولارا للبرميل ويواصل مسيرة المكاسب حيث باتت السوق على قناعة واسعة ومتنامية ببلوغ مستوى 100 دولار للبرميل خلال النصف الأول من العام الجاري، مبينا أن الأسعار تواجه ضغوطا عكسية حاليا فقط من ارتفاع الدولار وليس من أنباء الجائحة حيث نجح الدولار القوي بالفعل في عرقلة صعود النفط الخام إلى مكاسب أوسع كما يتوقع البعض أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بقوة هذا العام.
بدورها، ذكرت نايلا هنجسلتر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية أن السوق وكل أطراف الصناعة في حالة ترقب لاجتماع منتجي أوبك+ غدا الأربعاء لاتخاذ قرار بشأن مستويات الإنتاج في آذار (مارس) حيث إن القرار صعب في ظل ظروف السوق المتوترة وفي إطار الصعوبات والأعباء المتنامية على المنتجين التي تحد كثيرا من قدرتهم على زيادة الإنتاج لمواكبة الطلب.
وأوضحت أن الكثير من الأعضاء في تحالف منتجي أوبك+ يكافحون بالفعل من أجل زيادة الإنتاج إلى مستويات الحصة المطلوبة لافتة إلى تحذير “جي بي مورجان” أخيرا من أن خام برنت قد يرتفع إلى 125 دولارا للبرميل مع انخفاض الطاقة الإنتاجية الفائضة لأوبك إلى 4 في المائة من إجمالي طاقتها بحلول الربع الأخير من 2022.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس إذ أدى نقص المعروض والتوترات السياسية في شرق أوروبا والشرق الأوسط إلى وضع الأسعار على مسار تحقيق أكبر مكاسب شهرية في نحو عام.
وارتفع خام برنت القياسي 66 سنتا أو 0.7 في المائة إلى 90.69 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس. وحل أجل العقود الآجلة لآذار (مارس) أمس.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 51 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 87.33 دولار للبرميل.
وسجل الخامان الجمعة أعلى مستوى لهما منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2014.
وتوقع المحللون أن تظل الأسعار مرتفعة هذا الأسبوع مع توقع أن تبقي مجموعة أوبك+ التي تضم منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك وحلفاء لها على سياستها القائمة لزيادة الإنتاج تدريجيا.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 90.14 دولار للبرميل الجمعة مقابل 90.20 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول تراجع بعد عدة ارتفاعات سابقة وأن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 87.46 دولار للبرميل.