
كان الله في عون العماد … عون
كتب جان الفغالي
أجواء برس
فليتصوَّر اللبناني لحظةً ان يحدث ما يحدث منذ أحداث عرسال إلى محاولة ” اجتياح ” بلدة القاع إلى احداث قبرشمون وتداعياتها إلى أحداث طرابلس إلى اشتباكات العشائر في بعلبك الهرمل إلى احداث جسر الرينغ والخندق الغميق ، إلى ” خرق ” شارع مونو إلى الاعتداء على بلدة مغدوشة ، إلى احداث خلدة إلى قطع الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية ، وصولًا إلى حادثة الطيونة بدارو عين الرمانة .
تصوّروا ان تقع كل هذه الاحداث من دون ان يكون هناك جيش لبناني استطاع قائده العماد جوزيف عون ان يحافظ على تماسكه ووحدته وأن يُبعِد عنه شبح الشرذمة ، كما على رفض ” الامن بالتراضي” ، على رغم الظروف الصعبة جدًا التي يمر بها الجيش، وعلى رغم السِهام التي يتعرض لها قائده ، وقد بلغت هذه السهام حدّ التجريح الشخصي به .
بلغت الإساءة إلى الجيش اللبناني انْ استخدم أحد الإعلاميين توصيف ” الحمرنة ” في حديثه عن الجيش فتحدث عن “وجود عدة فرضيات لأسباب حصول انفجار المرفأ وهو شخصياً يرجح فرضية “الحمرنة” التي تبدأ بالجيش اللبنانيّ”..
إعلاميٌ آخر يكتب: ” لن نكفّ عن متابعة جدول أعمالنا، وفيه ملاحقة العلاقة المعتلّة بين الجيش والأميركيين، وهو الاعتلال الذي ازداد حدة في عهد جوزف عون. وكما في المرفأ، كذلك عند الحدود، لن يثنينا قرار أو تعسّف عن متابعة ما بدأناه، وسيبقى جوزف عون، كسائر الموظفين والعاملين في الشأن العام، موضع مساءلة من قبلنا: كل خطوة تقوم بها عليك أن تبرّرها، قانونياً، وسياسياً.”
بمعنى آخر ، يطلب هذا الإعلامي من قائد الجيش “كشف حسابٍ” يوميًا عما قام به وعما سيقوم به ، لانه سيكون موضع مساءلة من قِبلهم!
أيُّ فائضٍ هو هذا الكلام؟ هو فائض قوة ام ” فائض استقواء” ؟ وبماذا ؟ وبمَن ؟
حين جرى التشكيك بالجيش اللبناني عام 1975 ، فرط الجيش ففرط البلد ، حين ارادوا ان ” يعاقبوا” الجيش علم 1984 ، اسقطوا اللواء السادس فسقطت معه “بيروت الغربية ” في ايدي الميليشيات، يومها طلب رئيس حركة امل نبيه بري من اللواء السادس ومن قائده العقيد لطفي جابر ، عدم التزام أوامر قيادة الجيش، فاستجاب لطلبه وتمرد على قرار القيادة وسحب وحدات الجيش الى الثكنات ( جابر عُيِّن لاحقًا عضوًا في المجلس العسكري) ولم تقف الامور عند هذا الحد فحصلت ملابسات مع اللواء الرابع في اقليم الخروب حيث دخل صوت قريب من عمليات القيادة واعطى الامر الى اللواء الرابع بالانسحاب. والتحقيق الذي جرى في ما بعد لم يتوصل الى معرفة صاحب الصوت. في تلك الفترة برز أسم الضابط الوليد سكرية الذي هو اليوم نائب في كتلة نواب بعلبك الهرمل .
يُلاحَظ أنه منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي ، يُصار إلى مكافأة اي ضابط لا يلتزم تعليمات القيادة والمناقبية العسكرية، فهل هذه مصادفة أو تشجيع على عدم التزام تعليمات القيادة ؟
يُدرِك قائد الجيش العماد جوزيف عون كل هذه المعطيات التي مرّ ويمر بها الجيش ، ” يعض على الجرح ” وعلى الإساءة ، فهؤلاء المسيئون هل كانوا ليتجرأوا على قول ما يقولونه لضابطٍ سوري حين كان السوريون في لبنان ؟
حين دخل السوريون إلى بيروت الغربية ، ردَّ حزب الله بأن ابواب الضاحية موصدة ، عندها قال اللواء غازي كنعان كلمته الشهيرة : “سندخل الضاحية وإذا اعترضوا سندك ابوابها” ، وفعلًا ” دكّوا ابوابها ” وكانت معركة ثكنة فتح لله التي سقط فيها عدد كبير من مقاتلي حزب الله . هذه المعركة التي دخلت دائرة النسيان ولم يعد احدٌ يتكلم فيها لأنها ” حرب الاخوة “!
الذين ينتقدون الجيش اليوم ، ما هي بدائلهم ؟ حتى ثلاثيتهم ” الجيش والشعب والمقاومة ” تُضرَب إذا ما حاولوا ضرب الجيش لأنهم بذلك يكونوا قد كسروا ضلعًا من هذه الاضلع الثلاثة.
إن التشكيك بالجيش هو تشكيك بآخر ملاذ يمكن الركون إليه، والخطير الذي يجري انه كلما اطلق جندي رصاصة ، يصار إلى المطالبة بفتح تحقيق مع الجندي حول خلفيات إطلاقه رصاصة. إذا بقينا على هذا المنوال لن يبقى هناك جندي يجرؤ على اطلاق رصاصة دفاعًا عن النفس ، مخافة ان يُستدعى للتحقيق.
للذين يضغطون في هذا الاتجاه ، هل سمعوا بشيء اسمه” معنويات العسكريين” ؟
ميديا فاكتوري نيوز