مقتل الشيخ أحمد الرفاعي يكشف عورات التسيب والاهتراء

كتب منير الحافي في موقع السهم

خمسة أيام مضت ثقيلة على مقتل الشيخ أحمد شعيب الرفاعي، كانت كفيلة برعب اللبنانيين جميعاً من عكار حيث ينتمي المغدور الشهيد، إلى مختلف المناطق. والخوف كان من أن تكون للجريمة أبعاد مذهبية أو طائفية مقيتة. اتهامات عبر وسائل التواصل طالت أجهزة أمنية وأحزاباً «ممانعة» وأخرى «سيادية» بخطف المغدور وتصفيته. حصلت اجتماعات واتصالات في عكار ووصل الأمر إلى دار الفتوى في بيروت، وهي المعنية بشكل مركزي بأن ترفع الصوت عالياً منادية بكشف مصيره.

في هذا الوقت كانت الأجهزة الأمنية خصوصاً شعبة المعلومات تشتغل بصمت، لكشف الجناة. وهكذا كشفت الشعبة يوم الجمعة عبر بيان مفصل أن عناصرها حددت هوية الخاطفين وأوقفت اربعة أشخاص. والمفاجأة أن ثلاثة منهم من أقارب المخطوف. وقد اعترف اثنان من أقاربه بتنفيذ عملية الخطف على خلفية وجود خلافات قديمة بين الطرفين بالاشتراك مع آخرين، قاموا بعدها بقتل المخطوف ورميه في إحدى مناطق الشمال.

بيان آخر من الشعبة صدر السبت وأكد أن الشعبة «تمكّنت من توقيف جميع المتورطين وعددهم خمسة أشخاص، جميعهم من عائلة الرفاعي، قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار فيما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف يحي الرفاعي ونجله علي بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ حوالى الشهر، بعدها تمت الاستعانة بثلاثة أشقاء من أقاربهما وهم: (ع. ر.)، (ي. ر.)، (ا. ر.) لتنفيذ عملية الخطف. فيما تبيّن ان باقي الموقوفين وهم اللبنانيون: (م. م.)، (خ. ر.)، (م. ر.) نجل رئيس بلدية القرقف، (و. ب.) ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتم اخلاء سبيلهم بناء على إشارة القضاء المختص» .

وبالفعل، تسلم أهل الشيخ الشهيد جثته وتم دفنه الأحد بحضور مهيب في بلدته القرقف. اللافت في التشييع المسؤولية التي تحلى بها أهل الفقيد على الرغم من أحاديث عن تحميلهم القوى الأمنية والقضاء مجتمعين عدم الرد على مناشدات المغدور قبل مقتله يشكو فيها من سطوة رئيس البلدية وأولاده.

في أي حال، تنفست عكار الصعداء خلال التشييع وبعده، وكان واضحاً أن وجود الجيش اللبناني الذي انتشر في البلدة قد ساهم في ضبط الأمور. ويأمل أهل القرقف وعكار أن يحافظ أهل الشهيد على رباطة جأشهم وأن يتركوا مسار العدالة للقضاء كي يحكم على المتهمين الذين صاروا معروفين.

نائب عكار وليد البعريني وفي حديث لـ«السهم» حيا شعبة المعلومات لكشفها الجريمة المروعة بالسرعة القصوى وهذا الأمر أحبط الفتنة. كما لفت إلى «حكمة دار الفتوى في بيروت وعكار ووجهاء عكار والعقلاء فيها الذين تعاونوا جميعاً لضبط الأمور». داعياً إلى عدم استغلال دم الشيخ الشهيد أحمد شعيب الرفاعي لإثارة الفتنة سواء داخل العائلة الواحدة أو خارجها. ورأى أن على الدولة أن تهتم بتداعيات الجريمة النكراء وأن تتم محاكمة الفاعلين محاكمة عادلة مطالباً بإنزال أشد العقوبات بحقهم.

من جهته قال مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا لـ«السهم» : «نجدد تعزيتنا لعائلة الشيخ الشهيد أحمد شعيب الرفاعي ولسماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ولأنفسنا كجهاز ديني، بهذه الفاجعة التي ألمت بالشيخ أحمد الرفاعي، ونطالب بالإسراع في التحقيق لدى السلطات القضائية بعدما تم توقيف الفاعلين من قبل شعبة المعلومات. ونطالب بتطبيق القانون والعدالة حتى يشعر أهل الشهيد بالطمأنينة والسكينة» . وأثنى المفتي بكار على عقلانية أهلنا في بلدة القرقف وضرورة تحليهم بالصبر وعدم الانجرار إلى ما لا يرضاه الشرع وقد علّمنا ربنا: «ولا تزرُ وازرةٌ وزر أخرى» .

وهل يتخوف من أن يذهب البعض إلى الانتقام لا سمح الله؟ «الأمور في هذا السياق مطمئنة وعقلاء العائلة والعلماء مارسوا دورهم في تهدئة النفوس وضبط الأمور إن شاء الله».
المفتي بكار يذهب إلى أبعد من ذلك ويقول إن التفلت في الدولة، من خلو مقام رئاسة الجمهورية إلى الاهتراء في الوزارات والإدارات العامة هو الذي يجعل الأمور سائبة في البلدات والشوارع. يرى مفتي عكار أنه مطلوب من السياسيين أن يحزموا أمرهم ويقوموا بإعادة تصويب الأمور وليعمل كل مسؤول ما هو مطلوب منه، سواء أكان سياسياً أم أمنياً أم قضائياً أم غير ذلك. وماذا عن رجال الدين؟ يقول نحن في عكار أسسنا اللقاء الروحي منذ العام ٢٠١٤ والذي يضم المفتي ومطران الموارنة ومطران الروم الأرثوذكس ومطران الروم الكاثوليك وشيخ الطائفة العلوية في عكار. هذا اللقاء يجتمع دورياً ويكون له موقف موحد ووحدوي حينما تدعو الحاجة. ونحن جميعاً نعمل ما يمليه علينا ديننا وضميرنا ومسؤوليتنا الوطنية. لكن العلماء ورجال الدين لا يستطيعون أبداً أن يحلوا محل الدولة. على الدولة مسؤوليات جسام تجاه مواطنيها الذين يجب أن يعودوا إليها في كل أمورهم. منها مسألة محاسبة ومعاقبة قتلة الشيخ الشهيد أحمد شعيب الرفاعي كي يستقيم العدل وكي لا تحصل جرائم مماثلة لا قدّر الله.

 

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى