المعادلة الفلسطينية في المواجهة بين قانون القوى وقوة الحق

ظافر الخطيب*

تزخر مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من النصوص المعبرة عن دفق هائل من المشاعر الايجابية والعاطفية والتي تتراوح بين الفخر بالمُنجَز ومدح المنجِز، والتي يمكن القول بأنها تحدث للمرة الأولى في التاريخ الفلسطيني الحديث، إذ أنها تتجاوز كل المحطات التاريخية السابقة، بتأثيراتها الايجابية صعودا، وثمة حاجة إلى الكثير من التأني في التدقيق بمآلاتها النهائية والحاسمة.

أن ما حدث كما أنه يغلق على السابق من المراحل لجهة الخيارات البائسة والتجارب المكلفة ذاتياً (النتائج و الصيرورات)، فإنه وببساطة يفتح امام المستقبل وبتفاؤل عظيم حول إمكان النصر الحاسم، حول إمكانيات التحرير والعودة، والحديث هنا حول الإمكانات الفلسطينية كحجر زاوية التي تؤسس مسار الفعل والتأثير للقوى المؤمنة بالعدالة والحرية والمعادية للاستعمار والاحتلال والاستبعاد بكل صيغه وبأفق عالمي.

التفاؤل المفرط قد يقود إلى القفز عن طبيعة القوى التي تتعاكس مصلحتها مع الانتصار الفلسطيني، بما أنه انتصار يترك إشعاعه بأفق عالمي بحكم أن موقع (إسرائيل) الجيوسياسي ليس عادياً، ولعلنا سنرى الهجمات المضادة من قوى حليفة لها، او تتدثر بثياب التعاطف مع الشعب الفلسطيني، والتي بدأت تنقض على مخرجات انتفاضة القدس وهي قوى جبارة من حيث القوة والقدرة وبأساليب خبيثة وماكرة ويملك الشعب الفلسطيني إمكانية تعطيل هذه الهجمات وقلبها على منظميها.

ماذا يعني ذلك؟

يعني ذلك أن حماية النصر وتطويره، تتطلب الانتهاء من لحظة الانتشاء والبدء بحوار يفضي إلى برنامج مهمات من العيار الثقيل بابعاد سياسية، ثقافية، اقتصادية اجتماعية… الخ وبشعاع فلسطين والشعب الفلسطيني محوره لكنه يدور بأفق فلسطيني، إقليمي وعالمي.

وهذا البرنامج يستند بادواره إلى كل الطاقات الفردية والجماعية، لا سيما وأننا أمام جولة تقود إلى جولات، الفارق بين الجولات يضيق حكماً، وعليه، فإن السؤال يصير حتماً، ما هو دور كل صاحب مصلحة في صناعة النصر في الجولات القادمة؟ ما هو دور كل فرد وجماعة في صياغة المستقبل؟

إن جزء من إخفاقات الماضي كانت تعود الى غياب التقدير الفعلي للقوى الكامنة لدى الشعب الفلسطيني والإيمان بقدرتها على تحقيق التحولات النوعية، وعدم أو وغياب العقلية الإستراتيجية التي تستثمر بمديات متوسطة وطويلة من خلال استراتيجيات تخدم الأهداف الكبرى.

وحتى لا تختلط الأمور عند البعض، فإن صاحب النصر أو الإنجازات هو الشعب الفلسطيني، وعليه فإن العودة الى الشعب، قواه وفئاته الاجتماعية من اجل تشريكها تخطيطا وتنفيذا، يبقى هو الأساس في ترسيخ او تجسيد المنجزات، والانطلاق نحو إنجازات وانتصارات أخرى، فقد صار واضحاً ان قانون القوة الذي استخدم في سرقة فلسطين ليس أقوى من قوة الحق وأصحابه في تصحيح منطق التاريخ واستعادة فلسطين، فيما لو امتلك أصحابه إرادة الدفاع عنه.

*كاتب فلسطيني

خليل العلي

صحافي مختص بالمجتمع والفن والثقافة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى