ترامب أعلن توقيع السلام بين سورية و”إسرائيل”…

وبيع الجولان رسمياً... والتنازل عن الأقصى... نهاية التاريخ

كتب نارام سرجون

أعرف أنكم قد لا تسمعون ما سأقول ولاتقرأون من كثرة إطلاق النار والاحتفالات التي تصم الآذان… وربما يمتلئ الفيسبوك بالرصاص أيضاً لأن الأغبياء يرقصون بعد إتمام الصفقة التي دفعت من لحم سورية ومن جسدها ومن قلبها ودمها… ولن يكترث بما نقول أولئك الذين يسبحون الله بكرة وأصيلاً، ويسجدون له اليوم على نعمة ترامب لأن المسلمين صاروا (عباد ترامب) الذي رضي عنهم… ورضي لهم الجولاني ديناً… واتم نعمته عليهم.

لم يكن أحد يتوقع خطوة ترامب في السخاء مع الجولاني لأنه ليس مضطراً لها… وسيأخذ من الجولاني والعرب مايريده دون أن يقدم أي تنازل .. ولكن إعلان ترامب يقول بالحرف الواحد:
أن سورية الجولاني وافقت على معاهدة السلام مع إسرائيل وخرجت من الصراع العربي الصهيوني .. وأن الجولان اليوم تحديداً قد تم بيعه والتنازل عنه بعقد رسمي (اليوم بيع الجولان رسمياً) .. أو تأجيره لمدة 99 سنة .. وتتنازل حكومة الجولاني عن مرتفعات جبل الشيخ للدولة الإسرائيلية وإعلان ترامب يقول أيضاً أن الجنوب السوري وافقت عليه حكومة الجولاني منزوع السلاح وخاضعاً للسيطرة الإسرائيلية ولا يحق لها التصرف بثرواته ومياهه إلا بموافقة إسرائيلية .. وهنا سيطبق على الجنوب السوري وضع سيناء المنزوعة السلاح وحيث لاتتحرك قطعة سلاح من حدود دمشق نحو الجنوب إلا بعد إبلاغ الإسرائيليين.. وتتعهد الحكومة السورية بملاحقة أي أعمال عدائية ضد إسرائيل وتأمين الحدود الإسرائيلية .. وتقوم قوات الأمن السورية بما يقوم به الأمن الفلسطيني لمحمود عباس ضد أي أعمال مقاومة أو عدائية .. وتمنع السلطات السورية أي نشاط سياسي أو عدواني أو فكري على الدولة الإسرائيلية .. ولا تقوم السلطة السورية إلا بالتواجد الشكلي في المحافظات الجنوبية التي ستتمتع بحكم ذاتي مرتبط شكلياً بدمشق لكن علاقتها الإقتصادية والتجارية مع إسرائيل ..

ووافق الجولاني وفريقه على أن لايتم التدخل في المنطقة الشرقية وتترك لقسد إدارتها وسلطتها .. وهي إدارياً ستتبع دمشق لكنها ذات إستقلال نسبي .. ومما يلاحظ أن إعلان ترامب تزامن مع إعلان حزب العمال الكردستاني في تركيا حل نفسه وتسليم سلاحه قبل يومين .. وهو مايعني أن ترامب قد أوكل القضية الكردية الآن لقسد التي نقلت سلاح حزب العمال الكردستاني من تركيا إلى سورية التي سينتقل إليها عبء القضية الكردية لأن تركيا بهذه العملية صدرت القضية الكردية من أراضيها وجعلتها في سورية .. ولا يهم أن سلم حزب العمال سلاحه في تركيا لأنه سينقل كوادره وعناصره إلى سورية لبناء روج آفا .. وهذا سيكون على حساب سورية..

الحكومة الأميريكية وافقت مع أردوغان على إعطاء تركيا الولاية على الشمال السوري وحلب تحديداً .. وسيكون لتركيا السيطرة المطلقة حتى حدود حمص..

الساحل السوري سيبقى قضية تدرسها الولايات المتحدة مع الشريك الروسي .. الأتراك يقترحون أن تعطي حكومة الجولاني استثمارات الغاز والنفط والقواعد العسكرية للولايات المتحدة مع إبقاء حصة صغيرة لروسيا وتركيا .. وتقترح تركيا إبقاء الساحل في وضع أقل من وضع الجنوب السوري والكردي من حيث الإستقلال لأن الساحل قد يكون ملاذاً لعودة إيران في المستقبل ويجب أن يبقى تحت سيطرة الخوف .. وهذا ما كانت وظيفة المذبحة .. أي تهديد العلويين بالمذابح إذا ما فكروا بالتحالف مع إيران .. والوضع بعد إتفاق سلام إيراني أمريكي سيكون مرشحاً لإدارة ذاتية لا سلطة لدمشق عليها .. وسيكون من حق الساحل إبرام الإتفاقيات الإقتصادية مع الولايات المتحدة دون الرجوع لدمشق.

أما لماذا يريد ترامب ونتنياهو إعطاء الجولاني كل هذا الزخم فلسبب بسيط وهو أن الجولاني سيوقع السلام كممثل عن الإسلام كونه جهادياً سنياً .. وتحتاج إسرائيل أن تبرم السلام مع الإسلام السياسي لكي يتنازل الإسلام ومن يمثله عن المقدس الإسلامي وهو المسجد الأقصى والقدس .. فتوقيع الجولاني على السلام هو اعتراف الاسلام بيهودية اسرائيل وتوقيع المسلمين بصفتهم الدينية على صك التنازل عن القدس والأقصى .. ويعفي ذلك أردوغان والمملكة السعودية من العبء الأخلاقي لبيع الأقصى والقدس. فالجهاديون المسلمون ومايمثلونه قد وقعوا صك التنازل وهم يملكون هذه الشرعية من خلال انهم حصلوا على السلطة بطريقة الفتح الاسلامي .. وهذا يعطيهم القوة المعنوية لتقديم اي تنازل .. فهم الفاتحون .. وللفاتح أن يفعل مايشاء لأنه الأدرى بشؤون ومصالح المسلمين .. ومن هنا نفهم لماذا دعمت أميريكا مشروع أسلمة المنطقة ودعم الإخوان المسلمين في تركيا وفي سورية ومصر حتى تونس .. والسبب هي أنها كانت تريد التوقيع الإسلامي الشرعي على بيع الاقصى والقدس .. وكانت تحتاج قائداً إسلامياً سنياً ليقوم بهذا الفعل .. ولما فشل مرسي وضعت أميريكا الجولاني في الخدمة فوراً.

ولكن أهم سبب في رفع العقوبات عن الجولاني أو التبشير بها هو أن الجولاني وافق على تنفيذ أخطر مافي الصفقة .. وهي الانضمام إلى معركة تصفية الحساب مع حزب الله .. للقضاء على أخر الجيوب التي تريد إسرائيل إقفالها .. وسيوافق الجولاني ايضا على العمل مع الولايات المتحدة على مقاتلة الحشد الشعبي لإخراج إيران من العراق ..

بعد تدمير حزب الله والحشد الشعبي ستسقط إيران في الحضن الأميريكي سلماً أو حرباً ..

وهذه عملية إخراج الصين وروسيا نهائياً من أي منافسة بعد إقفال الشرق الأوسط في وجه البلدين.

وبعد أن يتم توقيع السلام مع إسرائيل بيد الإسلاميين السوريين سيكون مبرراً للمملكة العربية السعودية توقيع إتفاقية السلام والتطبيع .. لأن الحكم الأموي الإسلامي السني الإخواني الجهادي أعلن انتهاء الجهاد مع اليهود. والصلح معهم .. ولذلك كان محمد بن سلمان يصفق بحرارة لإعلان رفع العقوبات وقام ووقف وكأنه (يراقب مباراة وقد سدد فيها هدفاً) والسبب أنه يعرف أن آخر عقبات السلام أزيلت تماماً .. ولن يكون محرجاً بعد اليوم من أي إتفاق .

يبدو أن سبب إبقاء الساحل في وضع غير محسوم لأن الأميريكيين لم يقرروا وضع الساحل لأنهم يخشون أن المعركة القادمة مع حزب الله أن يكون الساحل السوري جزءاً منها إذا ما انطلقت شرارة الحرب التي سيطلقها الجولاني .. وبالتنسيق مع إسرائيل .. والتي قد يحرك فيها الحزب أي خلايا نائمة في الساحل السوري.

ولتلخيص ثمن رفع العقوبات التي يحتفل بها الأغبياء تماماً كما احتفلوا بسقوط بلدهم ودولتهم هو التالي:

1- إبرام معاهدة سلام بين سورية وإسرائيل.

2 – سفارة إسرائيلية في دمشق.

3 – النأي بالنفس عن القضية الفلسطينية وتعديل المناهج الدراسية والتربوية وتعليم الأجيال أن حدود سورية الجنوبية هي إسرائيل والأردن .. ويتم منذ اليوم إعلان خرائط عليها اسم إسرائيل.

4 -القبول بتهويد القدس والأقصى.

5- القبول بيهودية الدولة الإسرائيلية وقبول نقل سكاني.

6- الجولان صارت إسرائيلية.

7- جبل الشيخ صار إسرائيلياً.

8- الجنوب السوري إدارة ذاتية.

9- الشرق السوري كردي وقد صدرت إليه المشكلة الكردية التركية وارتاحت تركيا من الصداع لعشر سنوات على الأقل.

10- حلب صارت تركية.

11- الجهاديون في العالم سيتركزون في دمشق ووسط سورية للانطلاق نحو معارك جهادية أولها في جنوب لبنان وبعدها في العراق وبعدها في آسيا وأفريقيا.

12- يشارك الجهاديون السوريون في الحرب على حزب الله ويقدمون التسهيلات لكل المهاجرين من المجاهدين الذين يودون الانضمام لمعركة قتل حزب الله .. وآخر جيوب إيران.

13- الساحل السوري بؤرة دولية مثل شركة مساهمة لعدة دول .. مع مشروع استقلال قادم بعد أن تنتهي فترة صلاحية الجولاني.

14- ثروات سورية سلمت كلها للشركات الاميريكة والبريطانية والفرنسية والألمانية .. وسيكون لإسرائيل حصة في الثروات السورية.

كل هذا الثمن من أجل لحية وحجاب ورئيس سني …

هذا هو معنى إعلان ترامب .. لأن رفع العقوبات يجب أن يسبق إعلان السلام مع إسرائيل كي يعطى السلام شرعية، وكي يعطي الجولاني شرعية لدى شعبه بأنه الفاتح. وبأنه الذي رفع العقوبات وخفف عن الشعب .. ولذلك فانه مخول بأن يقدم أي تنازلات .. كما فعل السادات .. الذي حرك الجبهة في أكتوبر 73 .. وصار بطلاً .. ثم صار البطل قادراً على تبرير السلام فصار بطلاً للسلام .. إلى الآن ..

لذلك نفهم الأن لماذا هذا السلوك الأميركي الذي يقبل بتيار بن لادن الذي كان يسميه الإرهاب ويجعله رأس المسلمين ويعطيه السلطة .. لأن الثمن الذي دفعه الإسلاميون للوصول إلى هذه اللحظة وهذا الإعتراف باهظ جداً جداً وستدفع ثمنه الأجيال القادمة لعشرات السنين ..

هذا الجيل سيحاسبه جيل لاحق على هذه الجريمة التي إرتكبها وهذا الانتحار الجماعي .. وما لم تظهر قوة مفاجئة تهدم هذا الإحتفال على رأس أمريكا وإسرائيل فأن الهيكل سيراه المسلمون قريباً وسيرون قبة الأقصى وقد هدمت .. وهي ستعني كسر شوكة المسلمين إلى الأبد وإذلالهم إلى الأبد .. والذين سيخرجون من خيبر .. ومن مكة وسيبيعون الكعبة .. فمن يبيع سورية والأقصى سيبيع الكعبة.

وهنا .. إما أن يبدأ التاريخ أو ينتهي .. التاريخ أمام لحظة حاسمة في دمشق .. فهو إما أن يبدأ فيها أو تنتهي رحلته فيها .. الأيام لديها ماتقوله .. عباد ترامب يريدون شيئاً والله قد يريد شيئاً آخر ..
13 آيار 2025.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى