
دروس من الحياة – 8
مارس قناعاتك وراجع مواقفك
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
احتضن منزل المهندس عبدالرحمن النعيمي رحمه الله في منطقة عراد المشاورات واللقاءات الرئيسية بين أطراف التيارات الديمقراطية والليبرالية وبعض الشخصيات الوطنية المستقلة العاملة على تأسيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي- وعد، ورغم متابعتي لتلك اللقاءات وإهتمامي وتأييدي التام لها، إلا إنني لم أكن جزءاً من ذلك الحراك، وقد يعود ذلك إلى ابتعادي عن أنشطة التيار الديمقراطي المباشرة منذ عودتي إلى البحرين بعد الغربة الإختيارية لمدة 4 سنوات.
لقد قضيت عاماً كاملاً بعيداً عن الأضواء والنشاط السياسي في إماراة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد تخرجي من القاهرة عام 1983، وعندما عدت إلى البحرين يوم الخميس 14 يونيو 1984 الموافق 15رمضان 1404، جرى معي تحقيق سريع في المطار وطُلب مني مراجعة القلعة يوم السبت 16 يونيو، وقد مرت علي 3 أيام صعبة من التحقيق عن أنشطتي الطلابية والسياسية في الخارج، بعد الإفراج عني تذكرت كلام خالي الذي استقبلني في المطار قائلاً ليس هناك أي نشاط مهم أو مؤثر لأي فصيل سياسي او عمل تنظيمي، وأن من المهم البدء في رحلة البحث عن الوظيفة والاستقرار العائلي.
كانت تلك نقطة انطلاق وإعادة تموضع جعلتني أهتم كثيراً بتركيز نشاطي على الجانب الإجتماعي والأهلي وخاصة في محيط قريتي الحبيبة عراد، وقد أنجزنا تأسيس مركز شباب عراد وصندوق عراد الخيري رغم بعض المنغصات، إضافة إلى تفعيل بعض الأنشطة الدينية والاجتماعية في الحسينية التي أنتمي إليها، الأمر الذي جعلني أكثر قرباً إلى النشاط المجتمعي منه إلى النشاط السياسي، مع بعض الإهتمامات والمشاركات هنا وهناك دون الإلتزام بأي نوع من العمل السياسي المباشر، وقد ساهم ذلك في تعزيز إستقلالية قراراتي وانفتاحي على العديد من الفعاليات المجتمعية من مختلف الفئات الاجتماعية، مع التركيز على العمل في القطاع الخاص من خلال مؤسسة الأجنحة العربية للدعاية والاعلان.
لقد ساهم ذلك في تراجع ومحدودية علاقاتي بالرفاق والزملاء والنشطاء في التيار الديمقراطي، خاصة أولئك الذين عملت معهم فترة الحراك الطلابي ضمن أطر الإتحاد الوطني لطلبة البحرين، وبدلاً من ذلك تعززت علاقاتي ببعض النشطاء في مجال العمل الجماهيري إبان أحداث التسعينات بشكل مباشر أو غير مباشر، وكان من الطبيعي أن لا يتم اعتباري رقماً مهماً أو مؤثراً في تأسيس جمعية وعد عند تأسيسها، لكني وجدت نفسي أنضم إلى الجمعية في العام 2004 بعد حوالي ثلاث سنوات من تأسيسها ربما من باب الالتزام الأدبي والتاريخي.
بقيت في الجمعية عضواً عاملاً (غير فاعل) حوالي عامين ونصف، لكنني إكتشفت بوضوح عدم قدرتي على الإنسجام والإلتزام بخط الجمعية وقراراتها وطريقة عملها، لذلك تقدمت بالإستقالة الطوعية على أبواب إنتخابات العام 2006 ضمن المراجعات والتقييمات التي كنت أجريها لعملي ونشاطي العام، وقد تسبب لي ذلك في بعض المواقف المحرجة والحادة مع أصدقاء ورفاق كنت ولا أزال أحمل لهم الكثير من الود والإحترام ، لكن الإستقالة ذاتها شكلت نقطة تحول وتباعد وفقدان ثقة وربما شيء من الاحتكاك مع بعض أعضاء وعد، ولست هنا أبرئ نفسي من المسؤولية في إرتكاب بعض الأخطاء التي قد تكون ساهمت في إيجاد شرخ مؤلم في جدار العلاقة الطيبة مع بعض قيادة وأعضاء جمعية وعد لكنني اقول بأن للاخرين أخطائهم أيضاً ومن الطبيعي أن يقوم الجميع بمراجعة أداءه وقراراته، وللحديث تتمة .