
لا تمنح الثقة لمن لايستحقها ..؟
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
ضمن نشاطها الثقافي أطلقنا في جمعية مبادرات البحرين الأهلية مبادرة جديدة باسم “مبادرة حوارات مجتمعية” نقوم فيها بإستضافة شخصية بحرينية مؤثرة ونفتح معها حواراً جاداً حول دورها ومقدار عطائها ودرجة تأثيرها في مجرى الأحداث الوطنية، كما نتعرف من خلالها على مواقف هذه الشخصيات بشأن مختلف القضايا العربية والعالمية أيضا، ولا تهدف المبادرة إلى أحراج أحد أو تلميعه أو تسويقه أو الدفاع عن مواقفه وآرائه مهما كانت درجة الاتفاق أو الاختلاف معه، فنحن نحترم الجميع وخاصة ضيوفنا الكرام.
وقد كلفنا الأخ العزيز الأستاذ عباس جمعة العماني مسؤول الفعاليات والأنشطة في الجمعية بإدارة البرنامج الحواري وإقتراح أسماء الشخصيات التي يتم إستضافتها فيه، لقد تم تدشين هذا البرنامج في بداية شهر أكتوبر الماضي بإستضافة الأستاذ عبدالنبي سلمان النائب الأول لرئيس مجلس النواب وسار الحوار معه بشكل ممتاز حتى أنه حصد أكثر من 300 مشاهدة كأول حلقة في البرنامج تحت عنوان “المجتمع المدني بين الواقع والتحديات” بتاريخ 7 أكتوبر 2024.
ثم إختارت الجمعية أن تكون الحلقة الثانية من برنامج المبادرة مع الأستاذ جمال محمد فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى في ندوة حملت إسم “محطات ومواقف في مسيرة جمال فخرو” وذلك يوم الاثنين 4 نوفمبر 2024، وقد حصدت هذه الحلقة أكثر من 400 مشاهدة، ولايزال هذا البرنامج يتلمس طريقه ليكون نافذة إعلامية وطنية نُطل من خلالها على الأحداث والقضايا المحلية والدولية التي تهم الوطن والمواطن.
لقد دأبنا على توزيع البث المباشر للمتابعة الفورية أو التسجيل الكامل لهذه الندوات الحوارية كما هي دون التدخل في إلغاء أية فقرات أو أسئلة أو إجابات، نظراُ لإيماننا بحق المعرفة والاطلاع والبوح، وحق الناس في أن تبني إنطباعاتها وفق تقييماتها وقراءتها الحرة، وأستطيع القول بأن أغلب الردود والتفاعلات التي وصلتنا حول البرنامج منذ انطلاقته كانت إيجابية بشكل أكثر من جيد.
إلا أن شخصاً يُنظر له بأنه أحد (المثقفين) المنادِين بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، ويقدم نفسه دائماً في الندوات والمؤتمرات باعتباره خبيراً وداعية عالمي لحقوق الإنسان، صدمني بتعليق نافر وغير مؤدب يفتقر إلى اللباقة واللياقة والسنع والذوق الإنساني، فقد أرسل لي على إحدى القروبات الحوارية توبيخاً حاداً فجاً تعليقاً على حلقة الأستاذ جمال فخرو، قال فيه “قُبحت جمعيتكم على هذا الاختيار”، وعندما قلت له بأن تعليقه غير لائق وإنني سأحترم نفسي ولن أرد عليه، عاجلني بتعليقٍ أكثر غرابه واستفزاز فكتب لي “لو تحترم نفسك وتحترم الآخرين لما لجأت لهذا الاختيار ” ثم حدثت ملاسنة بيني وبينه أساء فيها لي كثيراً مستخدماً كلمات نابية وشنيعة لا أريد أن أزعج القارئ بها.
والسؤال الذي يُلح علي منذ يوم الندوة، كيف سمح هذا الشخص لنفسه بأن يتهجم على جمعيتنا وعلينا وعلى ضيوفنا بأقذع الكلمات والسباب والشتائم، لمجرد عدم إتفاقه مع الشخصية التي نستضيفها، وهل يحق له ولأمثاله التهجم على الآخرين لمجرد اختلافه معهم في وجهات النظر، أو التحكم في برامج مؤسسات المجتمع المدني أو منصاتها الإعلامية والثقافية، بهدف أن تكون على مقاسه أو وفق رؤيته الضيقة، وهل لهذا النوع من البشر المأزومين أن يلزموننا بعرض ما يتوافق مع رؤيتهم ونظرياتهم ومواقفهم.
ثم إذا كان بعض من يعتبرون أنفسهم دعاة حرية رأي وحقوق إنسان ينحدرون إلى هذا المستوى الحضيض من التصرفات والتضييق على الآخرين، ويسقطون عند أول اختبار، اذا كانوا يقبلون على أنفسهم التحول إلى متسلطين ومصادرين لآراء وحقوق الآخرين الذين يدعون الدفاع عنها، فكيف يبررون هذه الازدواجية والتضليل الفج في تصرفاتهم أمام الآخرين الذين إحترموهم، بعد أن اكتشفوا نفاقهم والزييف الذي يعيشونه.
وبعد هذا الانكشاف الفاضح، هل يمكن تصنيف هذا الشخص وأمثاله كمدافعين عن الحريات والحقوق النقابية والاعلامية والانسانية، وكيف نستطيع أن نثق في مواقفهم أو نصدقهم أو أن نعتبرهم مثقفون حقيقيون، أضع هذه الأسئلة أمامكم برسم الطرح الجاد لما تمثله “حرية الرأي والتعبير” من أسس شرعة حقًق الانسان، خاصة وأن هذا الشخص لم يمتلك جرأة الاعتراف بالخطأ والتراجع عن سوقية تصرفه وأقواله أو تقديم الاعتذار عن سؤء أخلاقه وتصرفاته غير اللائقة، وفي الختام .. هل يستحق أمثال هؤلاء أن نمنحهم ثقتنا أو صداقتنا أو محبتنا.؟