قاوموا من يعتدى عليكم يا أيها العرب
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
تقف الأمة العربية أمام مفترق طرق، فإما أن تنجح المقاومة الفلسطينية واللبنانية في صد العدوان، وإما أن تصبح بلادنا العربية كلها في خبر كان، فبعد أن فشل النظام الإرهابي الصهيوني في تحقيق أي إنجاز في حربة العدوانية ضد أهلنا وأشقائنا في قطاع غزة الصامد، رغم جرائمه النكراء التي أدت إلى استشهاد أكثر من 40 ألف فلسطيني جُلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وجرح وإصابة أكثر من 100 ألف فلسطيني بالجراح البليغة، وتهديم آلاف المجمعات السكنية وتجريف الأراضي وتدمير كافة أسباب وأساليب المعيشة والحياة الآمنة، بحجة إستعادة الأسرى الصهاينة من قبضة يد المجاهدين الفلسطينيين الذين فضحوا أكذوبة الكيان في 7 أكتوبر 2023، ووجهوا له صفعة مدوية مطالبين برفع الحصار وفتح المعابر عن بلادهم، ورغم كل ما قامت بها الدولة المحتلة من عمليات إبادة جماعية ضد اهلنا في غزة، إلا أنها منيت بفشل ذريع في تحقيق ما إدعته من أهداف لهذه الحرب الظالمة التي توشك على إتمام عامها الأول قريباً.
ولأن رئيس الوزراء الصهيوني لايريد أن يعترف بفشله في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنها يوم شن العدوان على القطاع ثم وسع الإعتداءات والمجازر في الضفة الغربية، فإنه إختار الهروب للأمام ونقل المعركة إلى شمال فلسطين ومهاجمة الأراضي اللبنانية بقوة نيران هائلة، تحت ذريعة مماثلة لما تذرع به يوم شن عدوانه على غزة هاشم الصامدة، مدعياً بأنه يسعى إلى إعادة المستوطنين لبيوتهم في الشمال، بعد أن غادروا هذه المساكن بحثاً عن أماكن آمنة من قصف المقاومة الإسلامية في لبنان، التي أعلنت منذ اليوم الأول انخراطها إلى جانب المقاومة الاسلامية في فلسطين كجبهة إسناد تعمل على وقف المجازر والتهجير، لكن رئيس حكومة الكيان يصر على الكذب والنفاق السياسي دائماً.
لقد أشعل نتنياهو جبهة الحرب ضد لبنان من خلال شن أكثر من 2000 غارة جوية إستخدم فيها أكثر من 600 طائرة حربية من مختلف أجيال الطائرات العسكرية الأمريكية القاتلة إف 15 إف 16 وإف 35 صاباً جامّ حقده ونيرانه على أبناء الشعب اللبناني في كل أرجاء الجمهورية بدون تمييز بين مدني وعسكري، وقد أدى ذلك إلى تدمير الكثير من البيوت والبنايات والممتلكات كما أصاب العديد من الطرقات والبنى التحتية في مختلف المدن اللبنانية المقاومة، وكانت أقسى الهجمات وأصعبها تلك التي طالت الضاحية الجنوبية في بيروت، والتي راح ضحيتها القائد العسكري في المقاومة الإسلامية في لبنان إبراهيم عقيل (الحاج عبدالقادر) و15 قائداً ومجاهداً من المقاومة، فضلاً عن تفجير البيجرات وأجهزة اللاسلكي التي طالت العديد من الكوادر العسكرية والمواطنين اللبنانيين .
لقد أدى ذلك إلى نشوء حركة نزوح كبيرة من المدن والقرى الجنوبية باتجاه بيروت وجبل لبنان وطرابلس، بعد أن هاجمتهم الطائرات العسكرية الصهيونية ودمرت بيوتهم ومزارعهم، وفتكت بالعديد من اللبنانيين المدنيين في مختلف مناطق الجنوب، وعلى عكس ما كانت تتوقع القوات المعتدية التي أرادت بذلك الضغط على جمهور المقاومة، وتحريضه عليها، فإن هذا العدوان قوبل بتضامن واسع من مختلف مكونات المجتمع اللبناني التي فتحت بيوتها لإحتضان المهجرين من مناطق الجنوب، كما إنعكس ذلك في تصريحات إيجابية من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وطاقمه الوزاري الذي واكب العدوان وشارك في رفع المعاناة عن أبناء الشعب اللبناني وإدانة العدوان الصهيوني على لبنان.
ولأن اللبنانيون على درجة كبيرة من الوعي، ويعرفون نوايا العدو الصهيوني في بث الفرقة وتمزيق المجتمع وتقسيمه طائفياً، فقد سارع قادة وزعماء الطوائف والتيارات السياسية اللبنانية إلى الإعلان عن موقف معارض ورافض للعدوان الصهيوني، وقد تمثل ذلك في تصريحات الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد رفيق الحريري، الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية المرشح الأبرز لمقعد الرئاسة اللبنانية الشاغر منذ أكثر من عامين.
لقد فهمها اللبنانيون وتوحدوا دفاعاً عن بلادهم وشعبهم، رافضين المنطق الصهيوني الذي سبق أن إعتدى على لبنان في مرات كثيرة وإرتكب فيها المجازر والتدمير وخاصة في اعتداءات 1978، 1982، 1994، 2006، لكن المقاومة اللبنانية بكافة تشكيلاتها وإنتماءاتها تصدت لتلك الإعتداءات الإرهابية بالاشتراك مع المقاومة الفلسطينية والحلفاء الإقليميون الذين دعوا وساندوا مبادرات الإمداد والإسناد، فهل يؤدي هذا الاعتداء الغاشم إلى أن يفهم بقية العرب ضرورة إحتضان المقاومة الفلسطينية واللبنانية ودعمها ومدها بكل ما تحتاج من سلاح وتمويل وتموين لكي تكون شوكة في عين العدوان فإذا صمد لبنان وصمدت غزة أمام هذا الصلف الصهيوني فإن مشاريع الهيمنة على بقية الدول العربية ستنتهي وتفشل وتسقط أكاذيب العدو المدعومة بالفيتو الأمريكي، فمتى يهب العرب ويتحدون في مواجهة المعتدين.