من أجل أن لا ننقرض -1

بقلم محمد حسن العرادي- البحرين

لا شك أن عدد السكان في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي آخذ في الإزدياد بشكل ملحوظ، فقد قدرت آخر الإحصاءات بأن سكان المنطقة تجاوز حاجز ال 50 مليون نسمة، إلا أن نسب المواطنين في كافة الدول الخليجية العربية تتناقص بشكل ملحوظ، حتى أصبح الأجانب والوافدين من مختلف أصقاع الأرض يمثلون أكثر من 50 % من السكان في معظم هذه الدول التي تنام على المفاجئات وتصحوا على الأحلام المفزعة دون أن تكون هناك خطط إستراتيجية يمكن الإعتماد عليها، أو تستطيع وقف هذا الإنزلاق المر والخطير نحو تحول المواطنين إلى أقليات وطنية مقابل أكثريات أجنبية تهدد وجودنا العربي الحقيقي.

لقد تضاءل حجمنا وقل تعدادنا وتراجع حضورنا وتأثيرنا، وبدى أن مصيرنا ومقدراتنا يتسرب شيئاً فشيئاً ليكون بيد الأجانب الوافدين، الذين قيل لنا بأن وجودهم في بلادنا كان لخدمتنا وتسهيل حياتنا المعيشية، فإذا بنا نصبح معنيون بتوفير الحياة المعيشة الجيدة لهم من وظائف، خدمات تعليمية، صحية، بلدية، إلى جانب خدمات الماء والكهرباء والأشغال والمرور والمجاري، وحتى الحماية والأمن، وقد أدى ذلك إلى تضاعف حجمهم وأعدادهم قياساً بإنتاجاتهم والحاجة لهم.

لقد نجح الأجانب في الوصول إلى مناصب متقدمة في معظم الشركات والهيئات والبنوك والمؤسسات، حتى أصبحوا يسيطرون على معظم القرارات والأمور المهمة في البلاد، وتراجع تأثيرنا حتى وصلنا إلى درجة نعجز فيها عن مجرد محاسبتهم أو الإعتراض على قراراتهم و الإجراءات التي يتخذونها، ثم إنتهى بهم الأمر إلى تقديم وتفضيل مصالحهم على مصالحنا الوطنية ونحن مستسلمون بلا حول ولاقوة.

لقد تمكنوا منا وتغلغلوا في مراكز القرار في دولنا بعد أن إعتبرناهم “خبراء و مستشارين”، وصرنا لا نستطيع إتخاذ أي قرار دون مشورتهم وربما دون موافقتهم أيضاً، وها هم يسيطرون على أهم مفاصل الإقتصاد في دولنا ويحولونها إلى مجرد أوعية مخصصة لتدوير الأموال لصالح بلدانهم، من خلال التحويلات المالية الكبرى التي تجري بشكل يومي حتى باتت تًُشكل نزيفاً مالياً مؤذياً وقاتلاً للمستقبل.

لقد برز هذا التأثير السلبي بشكل واضح من خلال إرتفاع معدلات الدين العام في بلداننا بسبب إرتفاع المصروفات المتكررة، وتكاليف الخدمات المخصصة للأجانب، وعدم فرض ضرائب على الشركات وخاصة الأجنبية منها، إضافة إلى إعفاء التحويلات المالية الهائلة التي تستنزف الثروة الوطنية من الرسوم والضرائب المناسبة، فأصبحت هذه المنطقة تعاني من عجوزات مالية عالية في الموازنات السنوية، وانتهى عصر الوفرة المالية التي طالما عُرفت بها دول الخليج العربي، خاصة بعد أن زجت بنا الولايات المتحدة الأمريكية في الكثير من الحروب والصراعات التي أتت على الأخضر واليابس وإبتلعت ثرواتنا النفطية والوطنية دفاعاً عن مصالحها الخاصة.

وها نحن اليوم نواجه أصعب الخيارات والتحديات التي فرضت علينا عبر تحويلنا إلى مجرد دول مستهلكة وغير قادرة على إنتاج إحتياجاتها من مأكل ومشرب وملبس وأمان، فقد أصبحت بلداننا لاتزرع ما تأكل أو تصنع ما تلبس إلا بمقدار يسير جداً، ثم صرنا نستجدي المياه الصالحة للشرب من خلال محطات تحلية مياه البحر المهددة بالتوقف عند أول ضربة إستباقية يقوم بها الأعداء المتربصون بنا، أما ما نلبسه وما نستخدمه في حياتنا وتسيير شئوننا من مواصلات وملابس و وسائل ترفيه فجميعها بأيدي الشركات الاجنبية أو متعددة الجنسيات العابرة للقارات والمحيطات، وما نحن إلا مستهلكون بدون وعي يتم توجيههم لما يقال بأنه أفضل أنواع السلع والخدمات، فمتى نسيقظ من هذا السبات العميق الذي أدخلنا إليه عنوة من قبل أعدائنا والمتربصون بنا، وللحديث تتمة.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى