
أهمية إعادة مأسسة العمل الخيري – 2
كتب محمد حسن العرادي
ارتفع عدد الجمعيات الخيرية في البحرين إلى أكثر من 130 جمعية تقدم خدمات جليلة لمجتمعها من خلال انتظامها في ضخ المساعدات والاسهامات التنموية والاجتماعية الداعمة للفئات المحتاجة من أبناء البحرين في مختلف المجالات، وقد أصبحت هذه الجمعيات ظاهرة إيجابية نظمت برامج التكافل، وساهمت في رفع الحرج والعتب عن المحتاجين والمتبرعين على حد سواء، فلم يعد المحتاجون مضطرون لمد يدهم أو الظهور في صورة طلاب الحاجة، كما لم يعد الواهبون أو المتبرعون بحاجة لكشف أنفسهم او تلبس أدوار البطولة والانقاذ مع ما يصاحبها من احراجات.
لقد ارتقى المجتمع البحريني إلى مستويات متقدمة من التكافل، وأصبح المواطنون أكثر اطمئناناً وشعوراً بالأمن الاجتماعي والثقة بأن مجتمعاتهم لن تتخلى عنهم في حال تعرضهم لانتكاسة أو عثرات مالية او مادية في مختلف المجالات، كما أن ابتكار الاشتراكات المنتظمة التي لا تزيد عن دينار واحد شهرياً، وفتح الباب لاطلاق حملات التبرع الواسعة لدعم الحالات الطارئة قد ساعد في منح الجميع الفرصة للتكافل، كل حسب طاقته ورغبته دون اي شعور بالدونية او التفوق.
لقد لعبت الجمعيات الخيرية دوراً كبيراً في تبسيط عمليات العطاء والتكافل حتى أضحت هذه الحالات تحصيل حاصل، وقد لا تستغرق عملية جمع مبلغ كبير لعلاج حالة صحية معينة تغسر صاحبها، او إنقاذ أسرة احترق منزلها أو غير ذلك من الفواجع والاحتياجات الطارئة ، قد لاتحتاج سوى ساعات قليلة يهب فيها المجتمع لدعمها واسنادها والوقوف إلى جانبها، فإذا بالابتسامة تعود إليها، وقد تمرست وتميزت بعض الجمغيات عن غيرها في قيادة هذا النوع من التكافل خاصة بعد أن أنتشرت وتطورت وسائل نقل وتحويل الأموال والتبرعات من خلال البرامج والتطبيقات الإلكترونية التي اتقنت الجمعيات الخيرية توظيفها بشكل ايجابي.
ولا شك أن هذه التطورات تستحق الإشادة والمزيد من التقدير والثناء على الجهود الكبيرة التي بذلها القائمون على إدارة وتطوير عمل الجمعيات الخيرية، إضافة إلى تقدير خاص لوزارة التنمية الاجتماعية التي استطاعت مواكبة احتياجات الجمعيات وتطوير التشريعات وآليات العمل الخاصة بها، لكننا اليوم بحاجة إلى خطوات ثورية جريئة اكبر تقود إلى الولوج في المرحلة الثالثة من مأسسة العمل الخيري في البحرين، من أجل اتاحة المزيد من فرص التطوير وزيادة الخدمات المجتمعية التي تقدمها هذه الجمعيات، وهو ما سنتحدث عنه بتفصيل أكثر في المقال التالي.