
“إسرائيل” في خيار شمشوم… وحربها الوجودية بلا أمل
ميخائيل عوض
ستة أشهر على طوفان الأقصى العجائبية، وما استولدته من جديد وقد وصفها بايدن بأنها ستغير العالم.
خالف نتنياهو استشارات الموساد والأجهزة الأمنية التي حذرته من الحرب المفتوحة والبرية في غزة أو التحرش بالشمال وبإيران.
عاند بايدن والقيادات الأميركية والأوروبية والعربية الحليفة له ولم يعلن خطته لليوم التالي.
أعلن بايدن ثم شومر مواقف صادمة لنتنياهو وحكومته المتطرفة ومسؤوليتها عما يجري ولم تهتز لنتنياهو شعرة.
إسرائيل لأول مرة أمام محكمة العدل الدولية، والإدانة مؤكدة والرأي العام العالمي انقلب عليها.
ولمرة نادرة تمرر أميركا قرار بمجلس الأمن ترفضه إسرائيل ويطالب بوقف النار وامتثال الأطراف للقانون الدولي، ولم يثن نتنياهو عن غاياته.
ارتكبت إسرائيل مجازر بشعة واستهدفت الإعلام والأونروا ودمرت المشافي، وأبادت مشفى الشفاء وقصفت سيارات وقتلت عاملين أجانب في منظمات دولية إنسانية.
وأعلنت مسؤوليتها عن قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، واغتالت قيادة قوة القدس في سورية ولبنان ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق القوانيين والاتفاقات الدولية.
جاوزت قواعد العلاقات الدبلوماسية واتفاقية جنيف وحماية وعدم التعرض للسفراء والمبعوثين المعمول بها منذ معاهدة قادش عام 1268 ق.م والتي احترمتها الدول.
لم يتردد نتنياهو ولا أبدى انزعاجا، بل على العكس فاخر وتفاخر قيادته وحكومته بهذه الأعمال المشينة.
استقال وزير من حكومته واستقبلت واشنطن شخصيات منافسة له، وقامت تظاهرات تطالب برحيله ولم يهتم ولا يسأل عن أرواح أسرى إسرائيل.
لم تردعه تقارير أجهزة الإعلام عن احتمالات الانفجار في رمضان، ولا هاب تهديدات محور المقاومة ولا عمليات إسناد غزة ووحدة الجبهات.
الأكيد أن اللغة الدفاعية التي ميزت إطلالات السيد حسن نصرالله وإصرار إيران على المجاهرة بأنها لا تريد الحرب ولا تسعى إليها، واستجابتها للعروض الأميركية ووقف عمليات المقاومة العراقية ضد القواعد الأميركية في سورية والعراق، وتعايش المحور مع الإعتداءات على سورية والاغتيالات كانت بين العناصر التي أغرت وأوهمت نتنياهو بأنه قادر ولديه فرصة لتحقيق ما يسعى إليه.
هكذا يثبت بالوجه الشرعي وبالمعطيات الملموسة أن نتنياهو قاد إسرائيل برغبتها وبإجماعها وأو بعجزها عن استبداله إلى خيار شمشوم (علي وعلى أعدائي).
أسقط نتنياهو كل الأوهام والرهانات والفرص على إمكانية عقلنته أو الإطاحة به.
الأخطر أن نتنياهو- والأصح إسرائيل- كسرت عن سبق تصور وتصميم كل الأعراف والقواعد والقوانين الناظمة للحروب والعدالة الدولية، واتفاقات جنيف وحقوق الإنسان و الإبادة الجماعية، ومستمر في سعيه للحرب. وتوسيعها ما استطاع والضرب بكل الاتجاهات. لا يقيم اعتبارا لأحد ولا لمناشدات ولا لاحتمالات تضرر نظم ومصالح حلفائه وداعميه.
جبهة الشمال أنهكت المستوطنين والجيش وحرب غزة كسرت قدرات إسرائيل وقوتها العسكرية الباقية. وحرب البحار والممرات أضرت كثيرآ بها وكشفت انحسار وعجز أميركا وتحالفاتها.
الأزمات تتصاعد وتعصف بأميركا واقتصادها وانتخاباتها، وفي أوروبا وبنيتها، وفي إسرائيل تتكثف وتائرها ويستمر نتنياهو على غيه…
ليس في الواقع ولا في البيئة أو المستقبل أي احتمال لأي عنصر يستجد ليؤمن لإسرائيل انتصارا في الحرب أو إنتاج مخرج يحفظ ماء الوجه.
ومع هذا والوقائع والحقائق معاشه وملموسة يستجد السؤال: على ماذا وعلى من يراهن نتنياهو؟ أم هو بصفته خلاصة إسرائيل وما بلغته من تطرف قد فقد عقله وقرر أن ينتحر وينحرها؟
ولمحور المقاومة وعقلائه وقادته: إلى متى ستغمضون العيون والعقول عن حقيقة أن إسرائيل تخوضها حرب وجود وقالتها بلسان غالانت وزير دفاعها؟ إذا هزمنا فلا مكان لنا في هذه المنطقة.
الرطل بدو رطل ونص.